پایگاه اطلاع رسانی آیت الله ابراهیم امینی قدس سره

الرجل وتعدد الزوجات

الرجل وتعدد الزوجات

 

من مشکلات الحیاة الزوجیة هو اقدام الرجل على الزواج الثانی.. ومسألة الزواج الثانی قد تبدو للوهلة الأولى أمر میسوراً، ولکن ادارة اسرتین، أمر شاق وعسیر.

وأولى ضحایا الزواج الثانی الهدوء والصفاء.. لأن الزوجة الأولى وبمجّرد أن تشعر بمیول زوجها الى الزواج من أخرى، تشعر بالخطر وقد تقرر القتال منذ تلک اللحظات.

فالمرأة بطبیعتها تودّ الاستحواذ على قلب زوجها، لیکون ملکاً خالصاً لها من دون نساء الدنیا.

وأول ضربة تتلقاها فی حیاتها الزوجیة تصل الى مستوى الطعنة النجلاء هی اقدام زوجها على معاشرة امرأة غیرها.

وهکذا یبدأ فصل جدید من الحیاة.. فالزوجة الأولى تشعر بأنها قد أهینت بما فیه الکفایة، وانها یجب أن تثأر لکرامتها ولحقوقها المهدورة.

سوف یستیقظ حس الانتقام وقد یستغرق کل حیاتها ویکون هدفها أن تسلب من زوجها حلاوة العیش کما سلبها.

الضحایا الأخرى لهذه الخطوة الأبناء الذین یستیقظون فجأة! فیجدون أباهم مع امرأة أخرى ویجدون أمهم ولاهم لها سوى البکاء أو الصراخ واتهام أبیهم بالخیانة والغدر وعدم الوفاء.


وقد تضطرها النوبات العصبیة والظغوط النفسیة الى البحث عن متنفس أو عن شیء ینسیها مصائبها، وسرعان ما تسقط فی فخ الادمان أو قد تقرر الفرار الى مکان ما والسقوط فی هاویة الرذیلة.

وما أکثر المفاسد الأخلاقیة والانحرافات الاجتماعیة التی تنشأ عن ذلک ولعلّ أهونها الطلاق، الذی یعنی انهیار الأسرة کوحدة اجتماعیة وضیاع الأطفال.

لقد أجازت الشریعة الاسلامیة مسألة تعدد الزوجات ولکن وضعت ذلک فی اطار محدد على نحو یحاصر سلبیات وآثار الزواج الثانی السیئة.

قال سبحانه وتعالى: « فانکحوا ما طاب لکم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم إلاّ تعدلوا فواحدة »[285].

ومن خلال هذه الآیة وادراکنا أنّ مسألة العدالة، مسألة غایة فی الدقة نفهم وجود حث غیر مباشر على الاکتفاء بزوجة واحدة.

وعلى هذا فان التزوّج بأکثر من زوجة واحدة لن ینفع الرجل فی دنیاه ولا فی آخرته.

على ان الشریعة الاسلامیة التی تنطلق فی ضوء واقعیات الحیاة الانسانیة وحقائق النفس البشریة، لم تغلق باب الزواج بأکثر من واحدة ولم توصد هذه النافذة وذلک للاعتبارات والموضوعات التالیة:

1 ـ فی حالة عقم المرأة وفقدان القدرة على الانجاب.

2 ـ العجز الجنسی لدى المرأة بسبب المرض وغیره.

3 ـ البرود الجنسی وعدم التمکین ومخاوف الرجل من الوقوع فی الحرام.

إن أیاً من تلک النقاط الثلاث أعلاه تعدّ مسوّغاً للرجل فی تجدید فراش
الزوجیة مع التأکید على أن التضحیة من أجل حفظ کیان الأسرة وعدم اثارة غضب الزوجة الأولى یعد عملاً نبیلاً، وإلاّ فإنّ الرجل فی حالة الزواج الثانی مطالب برعایة العدالة التامّة دون أدنى تمییز.

وفی هذه الحالة فاننا ننصح المرأة (الزوجة الأولى) بتفهم موقف زوجها وأن توافق على زواج رجلها، بل والمبادرة الى انتخاب زوجة ثانیة له ومن المؤکد أن اختیارها سوف یحل کثیراً من المشکلات فی المستقبل.

وإذا ما نجحت الزوجة الأولى فی اقامة علاقات طیبة مع ضرّتها فان الحیاة الزوجیة للجمیع ستکون هانئة.

ونقطة جدیرة بالذکر فى ختام هذا البحث، ان اکثر النسوة یخشین اقدام ازواجهن على الزواج من أخرى.

وعلى السیدات اللائی تنتابهن مثل هذه الهواجس أن یدرکن طبیعة العوامل التی تدفع بالرجل الى التفکیر بالزواج الثانی وهذه ابرزتلک العوامل:

العامل الأول: غیاب الهدوء المنشود فی البیت.. فالرجل ینشدالهدوء فی بیته بعد یوم صاخب بالعمل، واذا أخفقت المرأة فی تأمین بیت هادى‏ء فقد یفکّر الرجل فی الزواج من أخرى تؤمّن له هذا الهدف.

العامل الثانی: عدم التزام المرأة بالتجمّل والتزیّن لزوجها، فالرجل یبحث عن الجدید یودّ أن ترتدی امرأته بدلة جدیدة، ویودّ أن تتعطر له وتتزیّن وتتبرّج وتفتن قلبه، واذا أهملت المرأة هذا الجانب فی الحیاة، فان صورة امرأة تقابله قد تفتنه وتثیر فیه کوامن الشوق الى الزواج من أخرى تلبّی ظمأه.

والمرأة إذا ما أخذت بنظر الاعتبار هذین العاملین فلن یبقى للرجل أی مبرر معقول فی التفکیر فی الزواج من أخرى لأن الحب دائماً من نصیب الحبیب الأول.

[285] النساء: الآیة 4.