پایگاه اطلاع رسانی آیت الله ابراهیم امینی قدس سره

اغفري لزوجك

اغفری لزوجک

 

الأنبیاء وحدهم والأوصیاء منزهون عن الخطأ والخیطئة والاّ فان ابن آدم خطّاء وخیر الخطائین التوابون کما ورد فی الأثر.. ومن هنا فإنا لحیاة المشترکة سوف لن تکون محتملة ما لم یغفر احدهما للآخر.. فالتشدد وعدم التسامح یجعل من الحیاة الزوجیة أمراً مستحیلاً بل ان الحیاة الاجتماعیة سوف تصاب بالشلل فی غیاب الغفران.. سوف تتحطم العلاقات بین الاصدقاء وبین الجیران وبین الزملاء..

غیر أن الأسرة فی طلیعة الوحدات الاجتماعیة فی حاجة دائمة الى أن یغفر الرجل لامرأته والمرأة لزوجها.

سیدتی!

قد یرتکب زوجک خطأ ما وقد یصدر عنه تصرّف خاطئ ربما تجتاحه موجة غضب فیوجه لک اهانةً، وقد تفلت من فمه کلمة جارحة بل وقد یصفعک فی ظروف غیر عادیة.. وقد یکذب علیک ان اموراً کهذه متوقعة.. فإذا رأیت الندم فی عینیه أو جاءک مستغفراً فاغفری له وتناسی خطأه..

واذا رأیتیه نادماً ولکنه لا یرید ان یقدّم اعتذاره، لأن الاعتذار یجرح کبریاءه کرجل فحاولی ان تقبلی هذا الندم.. وتأکدی انه لن یکرر خطأه لأن الندم عذاب وجدانی سوف یردعه عن أذاک فی المستقبل..

سیدتی!

لا تفکری أبداً بالمقابلة بالمثل.. لا تحاولی ان تردّی الصاع صاعین إنّه
لیس عدوک ولا حتى خصمک إنه شریک حیاتک.. والرجل الوحید الذی تجدینه الى جانبک فی کل منعطفات الحیاة.

وتأکدی انک بتضحیتک وموقفک النبیل ستکبرین فی عینیه وسیتضاعف حبه لک ویزداد.

یقول سیدنا محمد صلى‌‏الله‌‏علیه‌‏و‏آله‌‏وسلم: الا اخبرکم بشرّ نسائکم؟ التی لا تقبل عذر زوجها ولا تغفر له ذنباً[109].

ان تجاوزه الحدّ فی ظروف غیر عادیة لن یکون مبرراً کافیاً لأن تدمری حیاتک الهادئة بالنزاع والشجار لأن عهد الزواج المقدس لأسمى بکثیر من کلمة سوء أو تصرّف سیء..

لنتأمل فی هذا الخبر:

«وقالت المرأة فی شکواها: زوجی لم یطلعنی بعد الزواج بأنه لم یذهب بعد للجندیة.. اخفى ذلک عنی.. ثم عرفت ذلک فیما بعد.. اننی لا استطیع ان احیا مع رجل کذب علی»[110].

وانت یا سیدی ایضاً!

الانسان مجبول على الخطیئة والخطأ، وحیاته تجارب متنوعة یخطیٔ ویصیب، ویعثر وینهض ولا فرق أبداً بین الرجل والمرأة فکلاهما الذکر والانثى خلقه هکذا.

وإذا ما أردنا ان نحدد بواعث الخطأ ومصادره فاننا سنجد الجهل فی طلیعة الاسباب فی صدور الخطأ وقد یتعرض الانسان الى حالة غضب شدیدة تجعله فی وضع غیر طبیعی.. وقد قیل: الغضب ریح شدیدة تطفئ سراج العقل» کما
ورد فی الأثر.

کما ان المرأة بطبیعة تکوینها العاطفی معرضة لارتکاب الخطأ دائماً، فقد ترتکب عن جهل خطأ ما أو تکون فی حالة عصبیة فترتکب عملاً غیر لائق فتخالف زوجها.. وهذه الظاهرة اعنی «ارتکاب الخطأ» ظاهرة یجب ان نعترف بها ونحسب لها حساباً لان الاعتراف بها یهیء أرضیة مناسبة للتعامل مع من نعیش بطریقه تحفظ أصل الحیاة الزوجیة واستمرارها.

یظن بعض الرجال ان التشدد مع المرأة وحسابها العسیر اذا ما ارتکبت خطأ ما سوف یحولها الى کائن لا یخطئ، وانه من الضروری حسب رأیهم إرعاب المرأة منذ الیوم الأول من حیاتها الزوجیة، وعلى حد تعبیر بعضهم ذبح القطة فی حجرها لیلة الزفاف!

ولکن التجربة اثبتت عکس ذلک، وآتت نتائج معکوسة.

فقد تتحمل المرأة ولأمد ما ضغوط التشدد الرهیبة، ولکن هناک کبت تمارسه المرأة، وهناک تراکمات غضب تتجمع شیئاً فشیئاً کغیوم تتراکم فوق بعضها.. ثم شیئاً فشیئاً تسفر النهایة عن إحدى نتیجتین إما الانفجار.. انفجار الغضب المکبوت حیث یفاجأ الرجل بثورة امرأته العنیفة التی قد تحطّم کبریاءه تماماً.. وأما أن تحتقر المرأة زوجها ولا تکترث له أبداً وسوف تعتاد بشکل آلی استجوابه وحسابه.

والموقف الأخیر بطبیعة الحال یعنی أن بیت الزوجیة سوف یستحیل الى میدان نزاع دائم وعراک دائم، ولا أحد یتکهن فی مثل هذه الظروف الى أی أمد سوف تستمر حیاتهما الزوجیة.

ولکن فی کل الأحوال سیخیّم الشقاء فی أجواء المنزل ویجعله منه جحیماً لا یطاق.

ومن هنا فان التشدد مع المرأة وتعریضها الى ضغوط نفسیة وروحیة لن
تکون له نتائج طیبة، وغالباً ما تؤدی هذه السیاسة الى نتائج خطیرة وسلبیة..

واننا لنجد نماذج کثیرة فی الحیاة نتیجة لهذه التصورات حول الطریقة التی ینبغی أن یعامل بها الرجل زوجته.

أما الطریقة الصحیحة التی ینبغی للرجل أن یعامل بها زوجته فهی إعمال المنطق الرصین واتخاذ مواقف حکیمة فی طلیعتها غض النظر عن بعض الهفوات وأن یغفر الرجل لزوجته أخطاءها؛ خاصة اذا اعتذرت عنها او ندمت بسببها.

سیدی!

لا تؤاخذ زوجتک على کل خطأ.. ولا تحاسبها فی کل مرّة تخطئ فیها..

انها لم ترتکب ذلک عن عمد وانما فعلت ذلک عن جهل..

انک تستطیع اقناعها بخطأها وسوف تجدها تبادر الى طلب الغفران والعفو..

ولو أنک نجحت فی هذه السیاسة فمعنى ذلک نجاحک فی حیاتک الزوجیة؛ لأن زوجتک فی طریق التکامل؛ لأن الانسان مجبول على الخطأ وأفضل الناس من إذا أخطأ ندم وصمّم على عدم تکرار خطأه لأنه قد وضع اقدامه فی طریق التکامل الانسانی.

ان الرجل إذا غفر لزوجته أخطاءها أو غض النظر عن بعض تصرّفاتها فانه یصنع لنفسه هیبة فی قلب امرأته هذه الهیبة التی تصونها وتحمیها من ارتکاب أخطاء لا تغتفر.

وهناک فی طبیعة المرأة کبریاء فعلیک یا سیدی أن لا تجرح کبریاءها فی محاکمتها ومحاولة اثبات خطأها، لأنها سوف تزداد عناداً ولجاجة وقد یبلغ من عنادها انها قد تفضل الطلاق على أن تعترف بالخطأ أو تقدم الاعتذار.

ان الرجل العاقل والحکیم من یفکر فی عواقب الأمور ویعرف کیف
یتصرّف مع زوجته فی مثل هذه الظروف، وفی طلیعة ما ینبغی للعاقل أن یفعله هو غض الطرف عن بعض الأخطاء فالانسان بطبیعته مخلوق خطّاء، ولیکن شعار الرجل دائماً العفو والمغفرة.

وهذا الموضوع من الحساسیة بحیث اعتبر ذلک من حقوق المرأة على الرجل:

یقول الامام علی علیه‌‏السلام:

«فداروا النساء على کلِّ حال، وأحسنوا لهنَّ المقال، لعلّهنَّ یحسنَّ الفعال»[111].

ویقول الامام السجاد علیه‌‏السلام:

«وامّا حق الزوجة فانَّ لها علیک أن ترحمها لأنّها أسیرک وتطعمها وتکسوها وإذا جهلتْ عفوتَ عنها»[112].

وسئل الامام الصادق عن حقّ المرأة على زوجها فقال علیه‌‏السلام: «یطعمها ویکسوها وإذا جهلت عفى عنها»[113].

وعن رسول الانسانیة سیدنا محمد صلى‌‏الله‌‏علیه‌‏و‏آله‌‏وسلم قال: «انما مثل المرأة مثل الضلع المعوج إن ترکته انتفعت به وإن اقمته کسرته»[114].

وعن الامام الصادق علیه‌‏السلام قال: لا یطمعنَّ المعاقب على الذنب الصغیر فی السؤدد».

 

[109] بحار الانوار: 103/235.
[110] جریدة اطلاعات 10 آبان 1354.
[111] بحار الانوار: 103/223.
[112] المصدر السابق: 74/5.
[113] الشافی: 2/139.
[114] وسائل الشیعة: 14/123.