پایگاه اطلاع رسانی آیت الله ابراهیم امینی قدس سره

الوفاء يا سيدي!

الوفاء یا سیدی!

 

عندما یکون بین الرجل والمرأة عهد مقدس وهو عقد الزواج، یعنی أن حیاة کل منهما الفردیة قد استحالت الى حیاة اجتماعیة، وهذا العقد المقدس والعهد الذی اعطاه کل منهما للآخر یتضمّن جوهراً واحداً هو الوفاء.. الوفاء فی رحلة العمر المشترکة.. یداً بید حتى نهایة الطریق.

حتى ادارة البیت وشؤون المنزل تتطلب منهما تعاوناً واشتراکاً وسعیاً متبادلاً واحتراماً متقابلاً.. لأن الزوج هو ألف الزوجة والزوجة هی مؤنسة الرجل.

فالحیاة الزوجیة حیاة مشترکة بکل ما یتضمن الاشتراک من معانی فی تقاسم الحیاة معاً والتضامن والتکافل.

ان الانسانیة تقتضی بلزوم الوفاء الزوجی الى نهایة العمر.. بل أن العمر وتقدم السن یدخل عاملاً مؤثراً فی تعزیز عرى المحبّة والوفاء بین الزوجین.

فالمرأة فی سن الشباب، عندما کانت فتاة مقبلة على الحیاة بأمل.. وروح الشباب تموج فی عینیها کم ردّت من الخاطبین قبل أن تقول: نعم.. للذی اطمأنت الیه والى رجولته والى وفائه..

فهل من الرجولة والشهامة عندما تتقدم بها السن، ویغادر ماء الشباب وجهها، أن یدیر لها ظهره ویترکها وحیدة لیتزوّج من أخرى؟!

ان المرأة التی قاسمتک الحیاة یا سیدی وأنت فی شظف العیش، ووقفت
الى جانبک وأنت تواجه عادیات الزمن.. هل من الانصاف أن تسحب یدک من یدها لأنک اصبحت ثریاً؟؟

هل من الوجدان والانسانیة أن تتخلّى عن المرأة التی أحبتک وقاسمتک هموم الحیاة لا لشیء إلاّ لأنک أصبحت غنیّاً تستطیع الزواج من أخرى أکثر شباباً منها.

ومن المؤسف أن نرى رجالاً ینسون مبادى‏ء الرجولة، ورجالاً لا یعرفون معانی الشهامة، فهم یحبون ازواجهم مادمن  شابات حتى اذا ولّت أیام الشباب اذا بهذا الحبّ یخبو، واذا بتلک‏العاطفة تذبل.. لقد کانوا یعاملون أزواجهم کما یعاملون الأشیاء الأخرى التی یمتلکونها.

ولکن یا سیدی أن المرأة لیست سیّارة تستطیع استبدالها بأخرى أحدث منها.

ان المرأة هی شریکة عمر طویل، وشریکة حیاة.. انها لیست سلعة أنها قلب وعاطفة وانسانیة وانک بتعاملک القاسی هذا تکشف عن شخصیتک کانسان لا یعرف الوفاء انسان ینطوی على قدر مقزّز من الغدر.

وقد یتمادى بعضهم فیتصور ان زوجته سیئة الطالع وأنها مصدر للشؤم بسبب بعض الحوادث التی لا علاقة لها بها.

من قبیل الرجل الذی طلق زوجته لأن والده توفی ثم أفلس خاله![163]

أو مثل ذلک الرجل الذی طلق زوجته مدّعیاً انه لا یحبّها وهو الذی ما تزوجها الاّ بعد قصّة حب، ولکن السبب الحقیقی کان مرضها[164]


سیدی!

أنت انسان یجب أن تدرک ذلک وتؤکد انسانیتک بما یتناسب معها من السلوک الانسانی.

الانسان ینطوی على وجدان، ویشتمل على ضمیر وعاطفة ورحمة وایثار وتضحیة وکل الصفات التی تمنحه مواصفات الانسانیة.

فأیة شریعة تبیح لک أن تغدر بامرأة ترکت والدیها من أجلک ولجأت الى حماک، وأمضت أیام شبابها الى جانبک تؤنسک وتدخل البهجة فی قلبک.

الیس من الظلم أن تفکر بهجرها لتتزوج من غیرها لهافاً وراء غریزتک وجوعک الجنسی.

أنک بذلک تکشف عن انانیتک ونرجسیتک فلا ترى أحد غیر نفسک واهواءک.. وهذه هی الحقیقة یا سیدی!

حاول أن تتأمل وجوه أبنائک.. انظر کیف یعصف القلق بأرواحهم الطریّة وأنت تفکر بتعکیر صفو بیتهم وعیشهم الدافى‏ء.

عندما تمرض زوجتک فلیس من الانصاف أن تطلعها بالبحث عن زوجة أخرى ان الرجولة والشهامة تقتضیان بالوفاء لها الى أن تغمض عینیها بسلام وتودّعک راضیة عنک کل الرضا مطمئنة الى مصیر ابنائها.

انها تنتظر منک الذی تنتظره منها الوفاء الوفاء یا سیدی.

 


[163] جریدة اطلاعات 25 دى 1350.
[164] المصدر السابق 26 شهریور 1348.