پایگاه اطلاع رسانی آیت الله ابراهیم امینی قدس سره

الزعل!

الزعل!

 

تتصرف المرأة فی حالات الزعل من الزوج بطریقة فیها ردود فعل مختلفة، فهی عبوسة الوجه مضربة عن الکلام، وقد تنزوی فی رکن من البیت وتضرب عن العمل المنزلی، وربّما تضرب عن الطعام أو تنهال على طفلها بالضرب!

وهی تتصرف بهذه الطریقة أو تلک، وفی ذهنها تصوّر ما حول الوسیلة التی تنتقم أو تعاقب بها رجلها.. ولکن هذه التصوّرات مجرّد أوهام لأن الرجل لن یأتی یلتمس منها الصفح بمجرد الاقدام على هذه الوسیلة أو تلک!!

وقد یتصرّف الرجل بطریقة معاکسة وقد یستخدم نفس الاسلوب فی الحدّة والعناد.

وهذه المعارک الصغیرة لا تعدّ خطراً یتهدد الحیاة الزوجیة اذا ظلّت فی اطار معقول یترک مجالاً للحوار والتفاهم والتصالح.

فهذه المعارک الصغیرة التی تنشب بین فترة وأخرى هی ملح الحیاة کما یقال لأنها تنتهی بالرضا، وتجذّر شجرة الحب فی الحیاة الزوجیة، وتمنح فرصة للزوجین لمراجعة سلوکهما وتصحیح تصرّفاتهما.

أما الزعل الذی یأخذ جانب العناد واللجاجة ویستمر طویلاً فله عواقب وخیمة تطال الأسرة خاصّة الأطفال.

فالطفل لا یشعر بالخوف والقلق والاضطراب إلاّ فی حالات الشجار العنیف بین الوالدین.


ان النزاع الزوجی الخطیر بمثابة عاصفة مدمّرة، تتهدد حیاة الطفل النفسیة والروحیة.

وقد یقدم بعضهم على الفرار من البیت تارکاً هذه الظلال الوارفة من المحبّة لأنه یفتقدها فی أجواء الشجار والنزاع والعراک.

وهناک أخبار حول أولاد هربوا وبنات فررن.. یقول أحدهم فررت لأن والدی یتشاجران باستمرار.. فی البدایة ذهب الى بیت أحد اقاربه.. ثم ما لبث ولأسباب عدیدة أن قرّر اللجوء الى الشارع فهو أرحم فی تصوّره!!

وتقول بنت فی العاشرة للمساعدة الاجتماعیة.. لا أتذکر البیت الذی ولدت فیه.. نعم لأنها کانت تعیش حیاة شبیهة بالتشرّد منذ انفصال والدیها یوم هنا ویوم هناک.. تدور فی بیوت الأقارب، وبعضهم مثل العقارب لا یرحم.. لهذا فهی تفرّ باستمرار..

فی المدرسة ساهمة شاردة الذهن لا تدری ماذا تقول المعلمة.. منزویة لیست لها صدیقة أو زمیلة تتحدث معها.. لقد فقدت شعورها بالأمن قلقة ومضطربة باستمرار.. ونحیلة الجسم.. انها من اطفال الطلاق[165].

سیدتی!

حذار من الزعل! فقد یتصرف زوجک بطریقة متوترة فیأتی ردّ فعله عنیفاً، وقد تجتاحة عاصفة من الغضب الهستیری ویقدم على ضربک وعندها یستحیل العش الدافى‏ء الى میدان للشجار والعراک وربّما تضطرین لترک المنزل واللجوء الى أهلک، وهو أیضاً سوف یضجر من هذا الوضع وقد ینتابه هاجس الانفصال کحل للمشکلة فی رأیه.


وفی حال نفذ فکرته أتعلمین أی مصیر ینتظرکما وأیّ مستقبل مظلم سیکون بانتظار ابنائکما؟!

سیدتی!

تأکدی أنک ستکونین الخاسر الأکبر، وقد تظلین الى نهایة عمرک تجترّین مأساتک.

ولا تنسی أبداً إنّ اطفال الطلاق هم أسواء الأطفال مستقبلاً سیکبرون فی أجواء لا محبّة فیها ولا دف‏ء.. أما أنت فاللّه‏ وحده هو الذی یعلم ما یموج فی نفس امرأة مطلّقة لأنک ستضطرین الى قبول حیاة ذلیلة بعد أن کنت سیدة البیت.. ستعیشین عالة على الغیر.

لا تقولی أننی أعود الى کنف أبی وأمی.. لأنک مذ خرجت من بیت أهلک الى بیت زوجک اصبحت امرأة شبه غریبة ولن یرحب بعودتک أحد.

أن وضعک الطبیعی فی بیت زوجک.. أما عودتک الى بیت أهلک فوضع شاذ.

لنصغ الى آهات هذه الفتاة:

تزوجت من شاب وبدأت حیاتنا الزوجیة لتنتهی بسرعة وتتبدد لم أکن أعرف من الحیاة الزوجیة شیئاً ولا هو أیضاً، کنا نتشاجر باستمرار هو یزعل ویترک البیت اسبوعاً وأنا أیضاً أفعل ذلک فی الأسبوع التالی!

کنا نتصالح أیام الجمعات بمساعی الاقرباء والاصدقاء وفی النهایة وصلت علاقتنا الزوجیة الى مستوى من البرود جعل زوجی یفکر بالزواج من أخرى.

لم أکن لأدرک عذابات المرأة المطلّقة حتى لمستها بکل وجودی واحترقت.

استأجرت غرفة وبدأت أعیش الوحدة، وفی فترة وجیزة انتبهت الى أن
کل الذین یحاولون اقامة علاقة معی انما یهدفون الى استغفالی.. ولذا قررت العودة الى زوجی.. ذهبت الى منزله وطرقت الباب وعندما فُتحتْ الباب اذا أنا أرى زوجته الجدیدة فعدت ادراجی الى غرفتی والدموع تملأ عینی»[166].

ونقرأ هذا الخبر عن فتاة فی ربیع العمر مطلقة تقدم على الانتحار فی لیلة زفاف أختها[167].

الشجار والعراک والزعل لا یداوی جرحاً بل ویزید الطین بلّة.

سیدتی!

تجنبی ما أمکنک الشجار والزعل وفی ظروف تکونی فیها عصبیة جدّاً حاولی السیطرة على نفسک، واذا کانت هناک مشکلة مع زوجک انتخبی فرصة مناسبة واطرحی المسألة بهدوء.

اذا صدرت منه اهانة فی مناسبة ما فتحملی ذلک ثم ذکّریه فیما بعد باسلوب هادى‏ء.

ومثل هذا السلوک هو فی الحقیقة بمثابة ازاحة الغیوم فی سماء حیاتکما الزوجیة فقد یکون الزوج غافلاً فینتبه فتکونی قد نبهتیه، وأیضاً تخلصت من کبت الانطواء على الاهانة.

فالحیاة الزوجیة حیاة هانئة ودافئة اذا ما توفرت فیها عناصر الحب والوفاء والتفاهم، ومن المؤسف أن یخلق الانسان بنفسه المتاعب.

سیدتی:

لا تنسی أبداً شعار الحیاة الصلح والسلام، والتصالح خیر من التباغض والتنافر بین الناس فکیف بین الأزواج.

یقول سیدنا محمد صلى‌‏الله‌‏علیه‌‏و‏آله‌‏وسلم: أیمّا مسلمین تهاجرا فمکثا ثلاثاً لا یصطلحان إلاّ کانا خارجین عن الاسلام، ولم یکن بینهما، فایّهما سبق إلى کلام أخیه کان السابق الى الجنّة یوم الحساب[168].

 


[165] جریدة اطلاعات 28 مهر 1348.
[166] المصدر السابق 8 آذر 1350.
[167] المصدر نفسه 17 آذر 1348.
[168] بحار الأنوار: 75/186.