پایگاه اطلاع رسانی آیت الله ابراهیم امینی قدس سره

رعاية الزوجة

رعایة الزوجة

 

المرأة مخلوق عاطفی، حیث العاطفة أقوى من العقل، إنها سریعة التأثر وسهلة الانخداع.. ذلک أنها على درجة من الحساسیة والشفافیة.. تنبهر بالمظاهر البرّاقة، وتتأثر بها بقوّة کما لا یمکنها السیطرة على عواطفها وضبط نفسها، وعندما تتأثر عاطفیاً فأنها تتحرک وتستجیب دون أن تفکّر بالعواقب فهی تتریث قلیلاً للتأمل فی الموضوع ثم تتخذ القرار المناسب.

ومن هنا فإنّ الرجل اذا ما أشرف على أعمالها فان ذلک سیکون فی مصلحة الأسرة وسوف یجنبها الکثیر من المخاطر.

ولذا تنظر الشریعة الاسلامیة الى الرجل باعتباره القیّم على ألاسرة والمسؤول؛ یقول القرآن الکریم: « الرجال قوّامون على النساء بما فضّل اللّه‏ بعضهم على بعضٍ وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتاتٌ حافظاتٌ للغیب بما حفظ اللّه‏ »[116].

فالرجل باعتباره مسؤول عن الأسرة لا یمکنه اهمال المرأة تتصرف کیف تشاء، ولذا فهو مسؤول عنها یراقب أعمالها حتى لا یستغل أحدهم بساطتها..

فاذا ما رآها تعاشر نساءً غیر صالحات، فان علیه ان ینصحها ویقنعها بأن هذه المرأة التی تتردد علیها سوف تعود علیها بالضرر وأن علیها أن تقطع علاقتها معها.

علیه أن یفهمها أنّ خروجها بزیّ یبرز بعض مفاتنها یعدّ معصیة، وانها إذا أرادت ان تتزیّن ففی المنزل لا فی الشارع فلا یجوز ذلک لأن اللّه‏ سبحانه نهى المرأة عن التبرّج والسفور ولا تکون عرضة للنظرات الآثمة..

علیه ان یمنعها من الاشتراک فی محافل الفساد والمنکر.. ان علیه ان یراقب معاشراتها وعلاقاتها لأن إهمال المرأة قد یدفعها الى منزلق یؤدی بها الى السقوط.

وما أکثر النساء اللاتی تعرّضن للاهمال، فدفعهن هذا الاهمال وربّما الحرّیة المطلقة الى الوقوع فی شباک النصابین وشراک الشیاطین.. والوقایة دائماً أفضل من العلاج.. فقبل ان تحدث کارثة من هذا القبیل ینبغی للرجل أن یهتم بزوجته وینظم لها علاقاتها وروابطها الاجتماعیة.

فما اکثر الفتیات والنسوة اللاتی انزلقت اقدامهن فی جلسة سمر ثم جلبن الفضیحة على أزواجهن وأهلهن!!

فالزوج الذی یتساهل فی حجاب زوجته خارج المنزل، أو یسمح لها بالاشتراک فی محافل غیر بریئة، أو یمنحها من الحرّیة ما یسمح لها فی أن تقیم علاقة مع هذا وذاک فانه یکون قد ارتکب خیانة بحق اسرته وزوجته لأن المرأة بطبیعتها وسذاجتها قد تخدع بسهولة فی طرق محفوفة بالأخطار.

ومن یجعل الهشیم قرب النار فلا یفاجأ بحریق لا یبقی ولا یذر ولا یلوم الاّ نفسه.

وما أجهل أولئک الرجال الذین یسمحون لأزواجهم وبناتهم بالخروج مسافرات متبرّجات حیث الأنظار والنظرات والکلمات الآثمة للذئاب البشریة.


وما أجهلم أیضاً وهم یتوقعون عودة نسائهم وفتیاتهم الى البیت دون أن یتأثرن نفسیاً وروحیاً بالجوّ العام الذی ینظر الى المتبرّجات نظرة ملؤها الشهوة والإثم.

یجب الاّ نخدع أنفسنا بالحرّیة الکاذبة، لأننا سنجنی على أنفسنا ونسائنا بهذه الحرّیة الفارغة التی لا تعود على دعاتها الاّ بالوبال والمآسی الاجتماعیة.

ولذا قال رسول اللّه‏ صلى‌‏الله‌‏علیه‌‏و‏آله‌‏وسلم: «الرجل راع على أهله بیته وکل راع مسؤول عن رعیته»[117].

ویقول فی مناسبة أخرى:

«عظوهنَّ بالمعروف قبل أن یأمرنکم بالمنکر»[118].

ویقول أیضاً: «من أطاع امرأته اکبّه اللّه‏ على وجهه فی النّار قال: وما تلک الطاعة؟ قال: تطلب الیه الذهاب الى الحمامات والعرسات والنّایحات والثیاب الرقاق فیجیبها»[119].

ویقول أیضاً: «وأیّما رجل تتزین امرأته وتخرج من باب دارها فهو دیّوث ولا یأثم من یسمّیه دیّوثا، والمرأة إذا خرجت من باب دارها متزیّنة متعطّرة والزوج بذلک راض یُبنى لزوجها بکلّ قدم بیت فی النّار»[120].

ویقول الامام الصادق علیه‌‏السلام: «من سعادة الرجل أن یکون القیّم على عیاله»[121].

وهنا یجب ان أذکر بنقطتین فی هذا المضمار:


الأولى: صحیح إنّ على الرجل رعایة زوجته ولکن یجب أن تکون هذه الرعایة عن عقل وتدبر وفی غایة الحساسیة یجب علیه أن یبتعد عن الوسائل العنیفة ما امکن. وأن لا تکون ارشاداته فی صورة أوامر ونواهی جافّة، کما ینبغی أن یتصرّف بحیث لاتشعر المرأة أنها مسلوبة الحرّیة لأنها سوف تتصرّف بشکل انفعالی مضاد وقد یدفعها ذلک الى العناد، وأن افضل طریق للنجاح هو التفاهم والحوار والفوز بثقتها واشعارها دف‏ء الحب وحسن الخلق.

إنّ علیه أن یتصرّف کمعلّم طیب فیصوّر لها الأمور على حقیقتها؛ حیث الخیر والشرّ والصالح والطالح وعندها سوف تنتخب الطریق الصائب.

النقطة الثانیة: على الرجل أن ینهج طریقاً متوازناً فی ترشید المرأة، فلا یکون متساهلاً جداً رخواً؛ ولا یکون ایضاً متشدداً ومتطرفاً وشکوکاً.. فالمرأة انسان کما الرجل وقد خلق اللّه‏ الانسان حرّاً والحرّیة بُعدٌ حیاتی فی شخصیة المرأة فلها الحق فی علاقاتها الاجتماعیة المشروعة.

إنّ لها الحق فی اقامة علاقات اجتماعیة ولا یجوز منعها مثلاً من التردد على اهلها وزیارة والدیها وتفقّد اخوتها وأخواتها؛ الاّ اذا ترتب على بعض هذه العلاقات مفسدة ما.

لأن سلبها مثل هذه الحریة والتشدد معها سوف تکون له عواقب وخیمة..

قد تتحمل فی البدایة القیود.. تتحمل هذه المعاملة الشدیدة وتتحمل قائمة الممنوعات ولکن ذلک سوف یفرز فی نفسها عقداً دفینة، تتجمع ثم تنفجر بسبب تراکم الضغوط وقد تتخذ قراراً انفعالیاً یجرّ بیت الزوجیة الى الانهیار.

لنتأمل هذه القصة:

شابةً تتحدث الى مراسل جریدة اطلاعات:

«تزوجت قبل خمسة اعوام وکنت مقبلة للحیاة بروح الشباب والأمل
انجبت خلالها ولداً وبنتاً.. فجأة بدأ زوجی ینظر الى کل من حوله نظرات الشک والریبة وفقد ثقته بالناس الذین یعیشون حوله.

وکانت نتیجة ذلک أن اصبحت حیاتی مریرة لأنی محکومة بقطع کل العلاقات مع الناس.

حتى عندما یغادر المنزل فإنه یقفل الباب وراءه، وعلینا أن نعیش فی هذا السجن حتى عودته.. حرمنی حتى من زیارة أهلی ولم یعد أحد یزورنا بسبب أخلاق زوجی..

إن صدری مترع بالأسى.. وقلبی ملیء بالقلق من أجل طفلی.. کما أننی لا استطیع تحمل الحیاة مع هذا الانسان.. لهذا جئت اطلب الطلاق والخلاص وقد صممت على العودة الى الأبد»[122].

وهنا نموذج مؤسف لبعض الازواج الذین ینظرون الحیاة نظرة ملیئة بالشک والتشاؤم.. ثم تنعکس هذه النظرات الخاطئة بشکل تصرّف یؤدی الى اضطهاد الآخرین.

فهذه المرأة تغامر من أجل الخلاص بالطلاق.. تنظر الى الطلاق کما تنظر الى کوّة من الأمل ونافذة للحرّیة.. لماذا تضحی بحیاتها الزوجیة تتخلّى حتى عن فلذة کبدها؟ لأن زوجها حوّل حیاتها الى جحیم.. لان عشها أضحى قفصاً صدئاً ملیئاً بالشکوک والأوهام.

هل هی رجولة أن یمارس الزوج هذا اللون من المعاملة القاسیة مع شریکة حیاته؟

ألا یدرک انه بهذه الوسیلة المتخلّفة یهیأ أجواء مناسبة للخیانة ألا یحسب للعواقب حساباً وهو یصبّ العذاب على امرأته؟

ولو افترضنا أن المرأة تحمّلت هذا الجحیم من أجل توفیر الدف‏ء لابنائها فهل یتوقع الرجل من هکذا امرأة أسیرة أن تهبه قلبها وحبها وحنانها؟

کیف ینتظر من طائر حبیس أن یغرّد له ویشدو له ألحاناً عذبة.

وکیف ینتظر من الأسیر أن یتحدث له عن السعادة والأمل والحرّیة؟!

 

[116] النساء الایة 34.
[117] مستدرک الوسئال: 2/550.
[118] بحار الانوار: 103/227.
[119] المصدر السابق: 103/228.
[120] المصدر نفسه: 103/249.
[121] وسائل الشیعة: 15/251.
[122] جریدة اطلاعات 14 فروردین 1351.