پایگاه اطلاع رسانی آیت الله ابراهیم امینی قدس سره

الحمل والولادة

الحمل والولادة

 

فترة الحمل فترة حساسة للغایة ومصیریة، فمستوى التغذیة بالنسبة للأم یؤثر بشکل عمیق فی الحالات النفسیة والجسمیة للمرأة الحامل، وکذلک جنینها فالسلامة والمرض والعافیة والضعف والقبح والجمال، وحتى الصفات الأخلاقیة ومستوى الذکاء یتحدّد فی الحمل وفی ظلمات الرحم.

یقول العلم: إنّ الوالدین یتحکّمان فی نشأة الطفل فإذا أرادا أن ینمو طفلهما فی صرح من السلامة أو شاءا أن یعیش فی خربةٍ تنخرها الرطوبة، ولذا فان للوالدین الدور الحاسم فی نشأة الطفل، وهما یتحمّلان ازاء ذلک مسؤولیة کبرى[275].

ومن هنا فان فترة الحمل لا یمکن اعتبارها فترة عادیة أبداً، والتعامل معها وفق هذه الرؤیة الخاطئة. بل إنه وبمجرد بدء هذه الفترة تبدأ المسؤولیات بالتبلور.. وهو مسؤولیات یتحمّلها الأبوان..

وأیة غفلة عن ذلک سوف، تسفر عن نتائج خطیرة لا یمکن تدارکها..

وهنا نذکّر ببعض النقاط:

1 ـ البرنامج الغذائی:

یتغذى الجنین وینمو فی الرحم على دم الأم. ولذا فان غذاء الأم یجب أن
یکون غنیاً بالفیتامینات ویکون غذاؤهما کاملاً، لکی یؤمّن بدوره غذاء الجنین لنموه نمواً طبیعیاً. کما ینبغی توفیر کل الاغذیة التی من شأنها التأثیر فی تکوّن شخصیة الطفل روحاً وجسماً.

یقول الامام الصادق علیه‌‏السلام:

«غذاؤه ممّا تأکل امّه ویشرب ممّا تشرب تنسّمه تنسیماً»[276].

وهنا تبرز مشکلة التفاوت فی المزاج والتقلّبات التی تعانیها الحامل فهناک ظاهرة «الوحم» وظهور حساسیة شدیدة تنفّر المرأة الحامل من لون معین من الطعام وتتضاءل شهیتها بشکل عام.

وفی هذه الحالة یجب الاهتمام بغذاء المرأة الحامل والتأکید على أن یکون غنیاً.. وهنا یتحمل الرجل مسؤولیته فی مساعدة زوجته، خاصّة فی ترتیب برنامج غذائی، یسهم فی سلامة زوجته والجنین التی تحمل، ولا ینسى ما لعمله هذا من آثار طیبة یجدها فی دنیاه وفی ثواب ینتظره فی الحیاة الآخرة.

الهدوء الفکری: تحتاج المرأة فی فترة الحمل الى هدوء فکری، والى ان تنعم بالحب الزوجی الذی یمنحها الدف‏ء، والى کل ما یبعث فی قلبها الأمل فی الحیاة والمستقبل.

وتوفیر مثل هذه الأجواء یکون فی عهدة الرجل أیضاً.. علیه وخاصّة فی هذه الفترة المصیریة ان یغمر زوجته بألوان المحبّة وأن یضاعف من جهده فی سبیل ذلک.

علیه أن یشعرها بأنها جدیرة بالافتخار، لأنها ستتحمل مسؤولیة الانجاب وتربیة انسان صالح وأنه یفتخر بزوجته من أجل ذلک، فالحمل ثمرة الزواج
والمرأة الحامل کالشجرة المثمرة التی آتت أکلها.

3 ـ اجتناب الحرکات العنیفة:

المرأة فی فترة الحمل یجب أن تجتنب الاجهاد والارهاق فی العمل. کما علیها أن تمتنع عن حمل الأشیاء الثقیلة الوزن، لأنه یعرّض سلامتها وسلامة جنینها للخطر.

وعلى الرجل أن یذکّر زوجته باستمرار وأن یجنّبها ذلک من خلال انجاز الأعمال المضنیة لها.

4 ـ الاضطراب: من مشکلات المرأة فی هذه الفترة، الاضطراب والقلق وهواجس الخوف التی تنتاب المرأة خاصّة فی حملها الأول.. فقد تراودها مشاعر خوف من الولادة والانجاب واحتمالات النقص فی الجنین والطفل المنتظر.

وعلى الأزواج فی هذه الحالة طمأنة زوجاتهم، بأنّ الولادة من الأمور الیومیة والعادیة ولن تکون شاقة.. وأنّ المرأة وبسبب تکوینها مهیأة لهذه الظاهرة وعلیها أن تفکّر بالطفل الذی سیأتى الى الدنیا ویخاطبها: ماما!...

وعلى الرجل فی مثل هذه الحالات أن یکون له حضور جیّد قرب زوجته لتستشعر الأمان والطمأنینة أکثر.

5 ـ الولادة: آلام المخاض آلام حقیقیة تعانی منها المرأة قبیل الولادة. ومن حق المرأة أن تنتابها هواجس، وأن تتوجس خوفاً، ولکنها ستنجب على کل حال وستشعر بأن آلامها انتهت فجأة.. أما الآن فهی تشعر بالضعف الشدید وحاجتها الى الرعایة الکاملة.

وهنا یتحمّل الزوج مسؤولیته وتتجلّى رجولته وشهامته من خلال مساعدته لزوجته فی فترة النقاهة لاستعادة قواها.


انها فترة حساسة أیضاً تتطلب من الرجل أن یعمل ویعمل وأن لا تفارق الابتسامة شفتیه کلّما تفقد زوجته.. لأنّ زوجته الآن فی حالة صحیة لیست طیبة على کل حال، علیه أن یقدم لها وجبات غذائیة تعید لها حیویتها من جدید.. وهذا هو المطلوب من الرجل المسلم زوجاً وأباً.

قال سیدنا محمد صلى‌‏الله‌‏علیه‌‏و‏آله‌‏وسلم: «خیرکم خیرکم لأهله، وأنا خیرکم لأهلی»[277].

ویقول الامام الصادق علیه‌‏السلام:

«رحم اللّه‏ عبداً أحسن فیما بینه وبین زوجته فإنَّ اللّه‏ عز وجل قد ملّکه ناصیتها وجعله القیّم علیها»[278].

ولا ننسى ما لهذه المواقف من آثار طیبة فی تعزیز العلاقات الزوجیة واشاعة الدفئ فی جنبات المنزل.

 

[275] راز آفرینش اسرار الخلق فی الانسان: 108.
[276] بحار الانوار: 60/342.
[277] وسائل الشیعة: 14/122.
[278] المصدر السابق: 124.