پایگاه اطلاع رسانی آیت الله ابراهیم امینی قدس سره

أخلاق الزوج

أخلاق الزوج

 

تسیر أحداث الحیاة وفق برنامج منظم، وتتجلى حوادث الزمن الواحدة بعد الأخرى وفق نظام غامض، حیث یؤلف الانسان فی هذا الوجود المترامی ذرّة صغیرة وهی خلال حرکتها تصطدم بالذرّات الأخرى، فی عالم تقوده ارادة أعلى من البشر.

وتبقى ظاهرة الحوادث تتحدّى الانسان لأنها جزءً من الغیب الذی لا یعلمه والمستقبل المکنون الذی لم یطلع علیه.

إنک تغادر منزلک فی الصباح فتواجه عشرات الحوادث التی لم تکن تتوقعها صغیرة کانت أو کبیرة.. فی میدان الحیاة وفی ساحات العمل وکأنک تخوض صراعاً مع المشکلات التی تظهر هنا وهناک کما لو أنک فی ساحة الحرب.

ربما تتعرض للوم رئیسک لأنک وصلت متأخراً الى محل عملک وهو لا یعلم أنک خرجت مبکراً ولکن لم تحصل على تاکسی یوصلک فی الوقت المناسب.. وبعض هذه المشکلات قد یجعل منک قنبلة معبّأة قد تنفجر فی أیة لحظة انک طوال ذلک الیوم تکبت غضبک وانفجارک..

ولکن لدى عودتک الى المنزل تحاول استعراض عضلاتک ترید أن تثأر لنفسک ممن لا حول له ولا قوّة.. زوجتک وابنائک.

وتصبح لحظة وصولک الى البیت لحظة انقضاض ملک الموت فیفرّ أطفالک کحمامات تفرّ من الموت.. ولا سمح اللّه‏ لو توفرت لک ذریعة ما..


الطعام مالح جداً أو دون ملح.. الشای لم یهیأ بعد.. وربّما ارتفع صوت ابنک الصغیر.. أوکان وضع البیت غیر مرتبٍ. أو اقتنصت زلّة لزوجتک وامصیبتاه!

وهنا یحدث الانفجار ویستحیل البیت الى معسکر للأسرى فی قبضة ضابط لا یرحم..

وعندها یترقب الجمیع اللحظة التی تقرر فیها مغادرة المنزل وکأنهم ینتظرون لحظة الخلاص..

إنّ ما یحدث فی البیت وینجم عنه هو مسؤولیة ربّ الاسرة الذی لم یستطع ضبط النفس، فحطّم اعصابه وأعصابه الآخرین ممن یعیشون فی کنفه..

سیدی إنّ حوادثُ الزمان ظاهرة تخرج عن إرادتک، والریاح تجری بما لا تشتهی السفن.. والانسان مقدّر علیه أن یواجه من المشکلات... کنهر یرتطم بالصخور وهکذا الحیاة البشریة.. والانسان الناجح من یواجه کل ذلک بروح من الصبر والمقاومة.

إن حوادث الزمن مهما بلغت من المرارة فانها لا تأخذ شکلها المریر الاّ لدى الضعفاء القلقین.

إن الحوادث التی یقابلها لها الانسان تنقسم الى نوعین نوع لا یمکن للانسان مواجهته فهو خارج عن ارادته، وعندها لا ینفع الجزع ولا الفزع، ولا یجدی التفکیر فیها ولا التدبیر.. لأنها جزء من القدر الانسانی وعلى الانسان أن یواجه هذا النوع بصدر رحب وابتسامه تتجسد فیها روح الانسان المقاوم الباسل.

ونوع آخر خاضعة للحل والتدبیر وعلى الانسان أن یُعمل فکره لأن هذا النوع من المشکلات قابل للحلّ وفی کل الاحوال على الانسان أن یمارس حالة من ضبط النفس فی مواجهة المشکلات من کل نوع..

الانسان مخلوق ینطوی على قدرة کبیرة من المقاومة والتحمل.. انه بصبره
وحلمه ینتصر على مصائب الدهر.. ألیس من المؤسف أن یخسر الانسان نفسه فی أول مواجهة صغیرة فیطلق صیحات التأوه والمرارة والخسران؟!

ثم ما هی جریرة الأسرة عندما یتعرض الرجل خارج المنزل الى مضایقات شتّى؟! إن اجمل لحظات الاسرة تلک التی یطرق فیها ربّ البیت عائداً یحمل اکیاس الفاکهة أو علب الحلوى أو فی اسوأ التقادیر ابتسامة حب لزوجته أو نظرة عطف لابنته أو حضن دافى‏ء لابنه الصغیر.

سیدی لا تحاول أن تجعل من العش الدافى‏ء سجناً رهیباً، وتصبح سجاناً قاسیاً یمارس التعذیب الروحی لسجنائه!

کن منطقیاً مع نفسک، إنک مهما ثرت ومهما صرخت فلن تحل مشکلاتک انک تفعل شیئاً واحداً هو تدمیر أعصابک.. ومن الأفضل لک أن تلتقط أنفاسک بعد یوم صاخب، وعندها تستطیع أن تفکر فی حل لمشکلاتک.. وحاول فی وقت العودة الى المنزل أن تترک مشکلاتک ومعاناتک عند عتبة الباب.. فالبیت مکان استراحتک وواحة خضراء لک فی صحراء الحیاة..

من أجل هذا تحث أدبیات الاسلام على حسن الخلق وتجعله جزءً لا ینفک عن الدین، ومن علامات کمال الایمان.

یقول رسول اللّه‏ صلى‌‏الله‌‏علیه‌‏و‏آله‌‏وسلم:

«إنَّ أکمل المؤمنین ایماناً أحسنهم خلقاً، وخیارکم خیارکم لنسائهم»[63].

ویقول أیضاً:

«أفضل الاعمال حسن الخلق»[64].

ویقول الامام الصادق:


«البر وحسن الاخلاق یعمّران الدّیار ویزیدان فی الارزاق»[65].

ویقول فی مناسبة أخرى:

«من ساء خلقه عذّب نفسه»[66].

وعن لقمان الحکیم قوله:

«ینبغی للعاقل أن یکون فی أهله کالصبی فإذا کان فی القوم وجد رجلاً»[67].

وعن رسول اللّه‏ صلى‌‏الله‌‏علیه‌‏و‏آله‌‏وسلم أنه قال:

«لا عیش أهنأ من حسن الخلق»[68].

وعنه أیضاً قال:

«الخلق الحسن نصف الدین»[69].

لقد کان سعد بن معاذ حبیباً الى قلب رسول اللّه‏ صلى‌‏الله‌‏علیه‌‏و‏آله‌‏وسلم وکان من أجل الصحابة، ولما استشهد شیعه رسول اللّه‏ حافیاً وانزله فی مثواه بنفسه، وعندما رأت أمه ما صنع رسول اللّه‏ صلى‌‏الله‌‏علیه‌‏و‏آله‌‏وسلمخاطبت ابنها قائلة:

ـ هنیئاً لک الجنة یا سعد!

فقال رسول اللّه‏ صلى‌‏الله‌‏علیه‌‏و‏آله‌‏وسلم: یا أمَّ سعد مه! لا تجزمی على ربّک، فانَّ سعداً قد أصابته خمّة».

وتساءلت أمه عن سرّ ذلک فقال صلى‌‏الله‌‏علیه‌‏و‏آله‌‏وسلم:

«نعم إنه کان فی خلقه مع أهله سوء»[70].

 

[63] بحار الأنوار: 13/226.
[64] والشافی: 1/166.
[65] والشافی: 1/166.
[66] المصدر السابق: 176.
[67] المحجة البیضاء: 2/54.
[68] بحار الأنوار: 71/389.
[69] المصدر السابق: 71/389.
[70] المصدر نفسه: 73/298.