پایگاه اطلاع رسانی آیت الله ابراهیم امینی قدس سره

الدرس الثاني و السبعون إرث المرأة في الإسلام

 الدرس الثانی و السبعون
إرث المرأة فی الإسلام

المرأة و الرجل یتمتعان فی الإسلام بحقوق إنسانیّة متساویة، ولم یکن هناک أی تمییز بینهما.

فهما یشترکان فی حق تحصیل المال و الثروة، و الملکیة و کذا فی أصل التوارث، فالمرأة ترث الرجل، کما أن الرجل یرث المرأة.

یقول فی القرآن الکریم: (لِلرِّجَالِ نَصِیْبٌ مِمَّا تَرَکَ الْوالِدَانِ وَ اْلأَقْرَبُونَ وَ لِلنِّسَاءِ نَصِیْبٌ مِمَّا تَرَکَ الْوالِدَانِ وَ اْلأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ کَثُرَ نَصِیباً مَفْرُوضاً ).(1)

لقد شرّع حق التوارث للنساء، جنباً إلی جنب مع الرجال، کما تلاحظون فی الآیة الحاضرة، و بتکرار جملة(وَ لِلنِّسَاءِ نَصِیْبٌ مِمَّا تَرَکَ) أشار إلی استقلالهما فی التوارث .. و بجملة نَصِیباً مَفرُوضاً صِرّح بأنّ للِنساء کذلک نِصیباً مفروضاً فی الإرث.

لقد نزلت آیات المیراث و الإرث فی عصرٍ لم تکن المرأة فیه تتمتّع بأیّة قیمةٍ أو منزلةٍ فی العالم، و بالأخصّ فی المجتمع العربیّ الجاهلیّ .. فقد کانت الانثی محتقرةً و مهانةً إلی درجة أنّ الرجال الجهلة کانوا یظهرون الغمّ و الخجل إذا بشّروا بالانثی، و ربما کانوا یعمدون إلی وأد الفتیات البریئات و إقبارهن .. و کان الرجل ینقل جمیع أمواله لأبنائه أو ابنه البکر دون البنات، فقد کنّ یحرمن من الإرث، حرماناً کاملاً اللّهم إلّا أن یوصی لهنّ بشیء فی وصیّته، أو یعطیها الإخوان شئاً قلیلاً إشفاقاً .. و رحمة.

و لهذا عندما نزلت آیات الإرث، و تقرّر للنساء سهم فی المیراث تعجب بعض الناس یومذاک.

یقول الفخر الرازی فی شأن نزول هذه الآیة: قال ابن عباس: أن أوس بن ثابت الأنصاری توفی عن ثلاث بنات و امرأة، فجاء رجلان من بنی عمّه و هما وصیّان له یقال لهما: سوید، و عرفجة و أخذا ماله. فجاءت امرأة أوس إلی رسول الله صلّی الله علیه و سلّم و ذکرت القصة، و ذکرت أن الوصییّن ما دفعا إلیّ شیئاً و ما دفعا إلی بناته شیئاً من المال فقال رسول الله صلّی الله علیه و آله: إرجعی إلی بیتک حتی أنظر ما یحدث الله فی أمرک، فنزلت علی النبیّ هذه الآیة، و دلّت علی أنّ للرجال نصیباً و للنساء نصیباً.(2)

نعم لقد منح الإسلام للمرأة شخصیّتها فی مثل هذا العصر بتشریعه إرث المرأة، و جعلها فی مصاف الرجل. ولکن جعل سهمها من الإرث فی التشریعات الإسلامیة نصف سهم الرجل یقول فی القرآن: (یُوصِیْکُمُ اللّهُ فی أََوْلادِکُمْ لِلذَّکَرِ مِثْلُ حَظِّ اْلأُنْثَیَیْنِ فَإِنْ کُنّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَیْنِ فَلَهُنّ ثُلُثا مَا تَرَکَ وَ إِنْ کانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَ ِلأَبَوَیْهِ لِکُلّ‏ِ واحِدٍ مِنْهُمَا السّدُسُ مِمّا تَرَکَ إِنْ کَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ یَکُنْ لَهُ وَلَدٌ وَ وَرِثَهُ أَبَواهُ فَِلأُمِّهِ الثّلُثُ فَإِنْ کَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَِلأُمِّهِ السّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِیّةٍ یُوصِی بِهَا أَوْ دَیْنٍ آباؤُکُمْ وَ أَبْناؤُکُمْ لا تَدْرُوْنَ أَیّهُمْ أَقْرَبُ لَکُمْ نَفْعاً فَریضَةًً مِّنَ اللّهِ إِنّ اللّهَ کَانَ عَلیماً حَکیْماً .وَ لَکُمْ نِصْفُ ما تَرَکَ أَزْوَاجُکُمْ إِنْ لَمْ یَکُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ کَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَکُمُ الرّبُعُ مِمَّا تَرَکْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِیّةٍ یُوصِیْنَ بِهَا أَوْ دَیْنٍ وَ لَهُنّ الرّبُعُ مِمَّا تَرَکْتُمْ إِنْ لَمْ یَکُنْ لَکُمْ وَلَدٌ فَإِنْ کَانَ لَکُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثّمُنُ مِمَّا تَرَکْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِیّةٍ تُوصُوْنَ بِهَا أَوْ دَیْنٍ وَ إِنْ کَانَ رَجُلٌ یُورَثُ کَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَ لَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِکُلِّ‏ِ واحِدٍ مِنْهُمَا السُُّدُسُ فَإِنْ کَانُواْ أَکْثَرَ مِنْ ذلِکَ فَهُمْ شُرَکاءُ فِی الثّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِیَّةٍ یُوصى‏ بِهَا أَوْ دَیْنٍ غَیْرَ مُضَارّ وَصِیَّةً مِّنَ اللّهِ وَ اللّهُ عَلیْمٌ حَلیْمٌ).(3)

نعم فی مورد والد المیّت و والدته، فانّهما إذا کان حییّن عند موت ولدهما، یرث کل واحدٍ منهما السدس من مال المیت علی السواء.‌ أی أنهما یرثان بصورةٍ متساویةٍ. فی هذه الحالة.

و لهذا فإن قانون الإرث فی الإسلام تعرّض للإعتراض و النقد من هذه الجهة فقالوا: لماذا میّز الإسلام بین المرأة و الرجل فی مجال الإرث فورّث المرأة نصف الرجل، ألیس هذا ظلم المرأة؟

إنّ الإجابة علی هذا الإشکال واضحة، فإنّ قانون الإرث یجب أن لا یلحظ.

و یحاسب بمعزلٍ عن سائر القوانین و التشریعات الإسلامیة المتعلقة بالمرأة، بل یجب أن تدرس المسؤولیات المختلفة، و الظروف الخاصة لکلٍّ من الرجل و المرأة أیضاً.

صحیح أنّ الإسلام فرّق ظاهراً بین المرأة و الرجل فی صعید الإرث و التوارث، ولکنّ هذا ناشیء من مسؤولیات الرجل فی مجال وجوب دفع المهر، و تکفّل نفقات العائلة و غیر ذلک.

لقد قرأتم فی الدروس السابقة أنّ علی الرجل عندما یخطب امرأةً و یرید الزواج منها أن یقدّم لها مبلغاً بعنوان المهر، و بهذه الطریقة یکرّم زوجته، و یبرز لها احترامه، و یثبت حبّه الباطنی و إخلاصه فی مودته لها.

و من جانب آخر إنّ المرأة بالنظر إلی ترکیبها الخاصّ، و بالنظر إلی المسؤولیات التی ألقتها الطبیعیة علی کاهلها، لیست ملزمة بالکسب و العمل، و توفیر نفقات المعیشة، بل إنّ مسؤولیة تأمین جمیع نفقات الزوجة، و الأولاد، و العائلة هی ملقاة بکل ثقلها علی عاتق الرجل.

ولو أنّ المرأة اختارت شغلاً بمحض إرادتها، و اکتسبت مالاً، کان ذلک ملکاً لها، و لا تجبر علی صرفه علی المعیشة .. ولقد تعرّفتم فی تلک الدروس علی فلسفة المهر و النفقة فلا حاجة إلی التکرار.

فی ضوء الامور المذکورة یجب محاسبة سهم المرأة من الإرث، لنری ما هی علة هذا التمییز الظاهری بین سهم المرأة و سهم الرجل من المیراث؟ وهل انّ المرأة ظلمت واقعاً، و عوملت علی أساس التمییز الجائر، أم أنه لیس هناک أی تمییز؟

یقال لدی الاجابة: لو أننا درسنا هذه المسألة و نظرنا إلیها بعین الإنصاف لاطمئننّا إلی أن المرأة لیس فقط لم تتعرض فی القانون الإسلامی للظلم و التمییز، بل علی العکس من ذلک قد دوفع عن حقها دفاعاً کاملاً، و نصرت أیما نصر.

إنّ المرأة ـ حسب نظر الإسلام ـ تملک أموالها سواء عن طریق الإرث، أو الکسب و العمل أو المهر، أو الهبة و الهدیة، أو أی طریق مشروع آخر.

إنّ أموال المرأة ترتبط بها شخصیّاً، وهی لیست ملزمة بأن تنفقها علی الاسرة، بل و یجوز لها أن تطالب بأجرٍ حتی لقیامها بالامور المنزلیة و حضانة أطفالها.

و علی هذا الأساس فإن کلّ أموال المرأة هذه تبقی لها، وهی لیست مجبورة علی إنفاقها، علی العکس من الرجال الذی یکون مضطرّاً لتقدیم مبلغ من المال إلی زوجته من باب المهر، کما أنه مکلّف شرعاً و قانوناً بأن یتکفل بتوفیر کلّ ما تحتاج إلیه الاسرة من مستلزمات الحیاة، و متطلّبات المعیشة، بل و حتی الإحتیاجات الشخصیة للمرأة.

و هذا یعنی أن کلّ ما یحصل علیه الرجل من مالٍ عن طریق الکسب أو الإرث، أو الهبة أو أیّ طریق مشروعٍ آخر تشارکه فیه زوجته، و ینتج هذا أنّ سهم الرجل من الإرث سیصرف فی مجال تأمین احتیاجات الاسرة، و ینفق علی مصارفها، و علی إحتیاجات المرأة الشخصیّة. یعنی أنه سیوضع تحت تصرّف المرأة بصورة‌ غیر مباشرةٍ فی المال.

و صفوة القول: أنّ مسؤولیة تأمین و توفیر جمیع إحتیاجات الاسرة حیث قد وضعت بکل ثقلها علی عاتق الرجل، أراد الإسلام بتشریعه لقانون الإرث أن یجبر شیئاً من ذلک، و لهذا جعل سهم الرجل ضعف سهم المرأة.

و لقد أشیر إلی هذه العلّة فی الأحادیث أیضاً فعن ابن سنان عن الرضا علیه السلام قال: علّة إعطاء النساء نصف ما یعطی الرجال من المیراث لأنّ المرأة إذا تزوجت أخذت و الرجل یعطی، فلذلک و فّر علی الرجال.

و علّة اُخری فی إعطاء الذَکَر مثِلیَ ما تُعطی اَلاُنثی لأنّ فالاُنثی فی عِیال الذَکَر إن احتاجَت، و عَلَیه أن یَعُولَها وَ علیه نَفَقَتُها، و لَیس علی المرأة أن تعولَ الرجلَ و لا تُؤخذ بِنَفَقِتَهِ إن احتیاجَ، فوفّّرَ علی الرّجل لذلک، و ذلک قول الله عزّوجلّ: (الرِّجَالُ قَوّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلى‏ بَعْضٍ وَ بِمَا أَنْفَقُواْ مِنْ أَمْوالِهِمْ).(4)

و عن هشام بن سالم أنّ أبی العوجاء قال للأحوال: ما بالُ المَرأة الضِعیفةِ لَها سَهَم واحِد و للرجلِ القوی الموسر سَهمان؟

 

قال: فذکرت ذلک لأبی عبدالله علیه السلام فقال: إنّ المرأة لَیسَ عَلَیها عاقلة ولا نَفَقَة ولا جهاد و عدّد أشیاءً غیرَ هذا، و هذا علی الرِجال، فلذلک جَعَل له سَهمان وَ لها سَهم.(5)


فکّروا و أجیبوا:

1ـ فی أی عصرٍ أعطی الإسلام حقّ التوراث للمرأة؟

2ـ کم هو سهم المرأة من المیراث فی التشریع الإسلامیّ.

3ـ ما هی العلة لجعل سهم المرأة من الإرث نصف سهم الرجل فی التشریع الإسلامیّ؟

4ـ هل ظلمت المرأة فی نظام الإرث الإسلامیّ؟

 

1 ـ النساء ـ 7.
2 ـ التفسیر الکبیر ج 9 ص 194.
3 ـ النساء 11ـ 12.
4 ـ بحار الأنوار ج 104 ص 326.
5 ـ بحار الأنوار ج 104 ص 327.