پایگاه اطلاع رسانی آیت الله ابراهیم امینی قدس سره

الدرس السابع و الخمسون الجهاد و الدفاع

 الدرس السابع و الخمسون
الجهاد و الدفاع

الجهاد و الدفاع من الأحکام الإسلامیة و التکالیف الشرعیة الهامة جداً.

و الجهاد یعنی فی اللغة بذل الجهد، و تحمّل المشقة فی طریق الوصول إلی الهدف .. و فی الإصطلاح الجهاد عبارة عن نهایة السعی فی محاربة العدوّ بهدف نشر الإسلام و إعلاء کلمة التوحید أو الدفاع عن الإسلام و المسلمین.

إنّ الجهاد یحظی فی الإسلام بأهمیّة کبری لأنّ بقاء الإسلام و انتشاره، و اقتدار الإسلام، و تنفیذ قوانین الشریعة یقوم علی هذه الفریضة و لهذه الجهة وردت تاکیدات کثیرة فی القرآن و الأحادیث علی هذه الفریضة و نذکر ما یأتی علی سبیل المثال:

قال الله تعالی:

(أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُواْ الْجَنّةَ وَ لَمّا یَعْلَمِ اللّهُ الّذِینَ جاهَدُواْ مِنْکُمْ وَ یَعْلَمَ الصّابِرینَ).(1)

(یا أَیّهَا النّبِیّ جاهِدِ الْکُفَّارَ وَ الْمُنافِقینَ وَ اغْلُظْ عَلَیْهِمْ وَ مَأْواهُمْ جَهَنّمُ وَ بِئْسَ الْمَصِیرُ).(2)

(کُتِبَ عَلَیْکُمُ الْقِتالُ وَ هُوَ کُرْهٌ لَکُمْ وَ عَسَى‏ أَنْ تَکْرَهُواْ شَیْئًا وَ هُوَ خَیْرٌ لَکُمْ وَ عَسَى‏ أَنْ تُحِبُُّواْ شَیْئًا وَ هُوَ شَرّ لَکُمْ وَ اللّهُ یَعْلَمُ وَ أَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ).(3)

(إِنّ اللّهَ یُحِبّ الّذِیْنَ یُقاتِلُونَ فی سَبیْلِهِ صَفّا ًکَأَنّهُمْ بُنْیانٌ مَرْصُوصٌ).(4)

(لَّا یَسْتَوِی الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنینَ غَیْرُ أُولِی الضّرَرِ وَ الْمُجاهِدُونَ فی سَبِیْلِ اللّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِِمْ فَضّلَ اللّهُ الْمُجاهِدینَ بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِیْنَ دَرَجَةً وَ کُلاّ وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنَى ،‏ وَ فَضّلَ اللّهُ الْمُجاهِدیْنَ عَلَى الْقاعِدِیْنَ أَجْرًا عَظیما ً).(5)

و قال أمیرالمؤمنین علی بن أبی طالب علیه السلام: أما بعد فإنّ الجهاد باب من أبواب الجنة فتحه الله لخاصّة أولیائه، و سوّغهم کرامةً منه لهم و نعمة ذخرها، و الجهاد هو لباس التقوی، و درع الله الحصینة، و جنّته الوثیقة، فمن ترکه رغبةً عنه ألبسه الله ثوب الذّل و شمله البلاء، و فارق الرضا، ودیث بالصغار و القماءة، و ضرب علی قلبه بالأسداد، وادیل الحق منه بتضییع الجهاد و سیم الخسف و منع النصف.(6)

قال رسول الله صلّی الله علیه و آله: لِلجنّة باب یقالُ له: بابُ المجاهِدَینَ یمَضُون إلیهِ فَإذا هُوَ مَفَتُوح وَهُم متَقَلّدون بسیوفِهِم و الجمعُ فی الموقفِ و الملائکةُ ترحّبُ بهم ثم قال: فمن تَرَک الجهادَ ألبَسه الله عزّوجلّ ذلاً و فَقراً فی معیشته، و محقاً فی دینه، إنّ الله اغنی امّتی بِسَنابِکَ خَیلهِا وََ مَراکِزِ رُمحِهَا.(7)

 

قال أمیرالمؤمنین علیه السلام: إنّ الله عزّوجلّ فرَضَ الجِهادَ و عَظَّمه و جَعَلَه نصره و ناصِرَه، والله ما صَلُحَت دُنیاً ولا دِین إلّا بِهَ.(8)

إن الجهاد علی قسمین: الجهاد الابتدائیّ و الجهاد الدفاعی.

الجهاد الابتدائی: لقد بُعِث رسول الله محمّد صلّی الله علیه و آله من جانب الله لیکافح الشرک و الکفر، و ینشر الدین الإسلامی فی العالم .. فبدأ بالتبلیغ و الإرشاد و إقامة الدلیل، و دعوة الناس إلی دین التوحید، ولکنّ رؤوس الکفر و أقطاب الشرک لما رأوا مصالحهم فی خطر، تصدّوا لمعارضته و عمدوا إلی إقامة العراقیل فی وجه دعوته، و استخدموا کل وسیلةٍ ممکنةٍ لمنع إنتشار الإسلام و نفوذه.

فی هذه الصورة لم یجد رسول الله و المسلمون بدّاً من التوسل بالسلاح، و القتال و الجهاد فکانوا یجاهدون لیتخلّصوا من رؤوس الکفار و المشرکین، و یهیّئوا البیئة الإجتماعیة المناسبة لتبلیغ الإسلام، و نشر تعالیمه.

یقول فی القرآن الکریم: (وَ إِنْ نَکَثُواْ أَیْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَ طَعَنُواْ فی دیْنِکُمْ فَقاتِلُواْ أَئِمّةَ الْکُفْرِ إِنّهُمْ لا أَیْمانَ لَهُمْ لَعَلّهُمْ یَنْتَهُونَ . أَ لا تُقاتِلُونَ قَوْمًا نَکَثُواْ أَیْمانَهُمْ وَ هَمّوا بِإِخْراجِ الرّسُولِ وَ هُمْ بَداَُؤُکُمْ أَوّلَ مَرّةٍ ، أَ تَخْشَوْنَهُمْ فَاللّهُ أَحَقّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ کُنْتُمْ مُؤْمِنینَ).(9)

(وَ قاتِلُوهُمْ حَتّى لا تَکُونَ فِتْنَةٌ وَ یَکُونَ الدِّینُ کُلّهُ لِلّهِ فَإِنِ انْتَهَواْ فَإِنّ اللّهَ بِما یَعْمَلُونَ بَصیرٌ).(10)

الجهاد الدفاعی: النوع الثانی هو الجهاد الذی یقوم به المسلمون دفاعاً عن الإسلام و عن الامة الإسلامیّة و یکون أحد الواجبات الإسلامیة وهو واجب فی عدة

 

موارد:

1ـ إذا هاجم أعداء الإسلام البلاد الإسلامیة بهدف القضاء علی الإسلام، أو اقدموا علی مؤامرات خطیرة لهذا الغرض.

(وَ قاتِلُوا فی سَبیْلِ اللّهِ الّذِیْنَ یُقاتِلُونَکُمْ وَ لا تَعْتَدُواْ إِنّ اللّهَ لا یُحِبّ الْمُعْتَدِیْنَ).(11)

2ـ إذا هاجم أعداء الإسلام أحد البلاد الإسلامیة بهدف السیطرة علیه، و استعماره.

(أُذِنَ لِلّذینَ یُقاتَلُونَ بِأَنّهُمْ ظُلِمُواْ وَ إِنّ اللّهَ عَلى‏ نَصْرِهِمْ لَقََدِیْرٌ . الّذینَ أُخْرِجُواْ مِنْ دِیارِهِمْ بِغَیْرِ حَقّ ٍإِلاّ أَنْ یَقُولُواْ رَبّنَا اللّهُ).(12)

3ـ إذا اعتدی علی بلد من البلاد الإسلامیة من قبل بلدٍ إسلامی آخر، فان علی بقیّة المسلمین أن یبادروا إلی الإصلاح بینهما، و إذا امتنع المعتدی من قبول الحق، وجب الدفاع عن البلد المعتدی علیه:

(وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنینَ اقْتَتَلُواْ فَأَصْلِحُواْ بَیْنَهُما فإَِنْ بَغَتْ إِحْداهُمَا عَلَى اْلأُخْرَى‏ فَقاتِلُوا الّتِی تَبْغی حَتّى تَفی‏ءَ إِلى‏ أَمْرِ اللّهِ فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُواْ بَیْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَ أَقْسِطُواْ إِنّ اللّهَ یُحِبّ الْمُقْسِطینَ).(13)

4ـ اذا تعرّضت أموال المسلمین العامة، و ثروات البلاد الإسلامیّة الوطنیة للإعتداء.

5ـ إذا تعرّضت نفوس المسلمین و أعراضهم للعدوان.

6ـ اذا تعرضت عبادة الله، و المساجد و أماکن العبادة لعدوان الأعداء، بهدف القضاء علی الإسلام.

(وَ لَوْ لا دَفْعُ اللّهِ النّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَ بِیَعٌ وَ صَلَواتٌ وَ مَساجِدُ یُذْکَرُ فیهَا اسْمُ اللّهِ کَثیراً وَ لَیَنْصُرَنّ اللّهُ مَنْ یَنْصُرُهُ إِنّ اللّهَ لَقَوِیّ عَزیزٌ).(14)

7ـ الجهاد بهدف الدفاع عن الثقافة و الأخلاق الإسلامیة، و الحیلولة دون تعرض الامة الإسلامیة للحملات الثقافة و الأخلاقیة المضادة للاسلام.

8ـ الجهاد بهدف الدفاع عن المستضعفین الذین تعرّضوا لعدوان المستکبرین و ظلمهم و جورهم ولم یکن لدیهم القدرة علی الدفاع عن أنفسم.

(وَ ما لَکُمْ لا تُقاتِلُونَ فی سَبیلِ اللّهِ وَ الْمُسْتَضْعَفینَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّسَاءِ وَ الْوِلْدانِ الّذیْنَ یَقُولُونَ رَبّنا أَخْرِجْنَا مِنْ هذِهِ الْقَرْیَةِ الظّالِمِ أَهْلُها وَ اجْعَلْ لََّنَا مِنْ لَدُنْکَ وَلِیّا ًوَ اجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْکَ نَصِیرًا).(15)

9ـ الجهاد بهدف المنع من الترویج للمادیة و الالحاد.

(فَلْیُقاتِلْ فی سَبیْلِ اللّهِ الّذِیْنَ یَشْرُوْنَ الْحَیَاةَ الدّنْیَا بِاْلآخِرَةِ وَ مَنْ یُقاتِلْ فی سَبیْلِِ اللّهِ فَیُقْتَلْ أَوْ یَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتیهِ أَجْراً عَظیما ً).(16)

فی هذه الموارد و نظائرها یحقّ للمسلمین بالحق الطبیعی أن یدافعوا عن دینهم و عزّتهم، و شرفهم و ثروتهم، بل إنّ الإسلام جعل هذه المسؤولیة علی عواتقهم، فاذا قصّروا فی القیام بهذه المسؤولیة الحسّاسة تسلّط علیهم أعداء الإسلام، و سیطروا علی جمعی مناحی حیاتهم السیاسیة و الإجتماعیة و الإقتصادیة و الثقافیة، و العلمیة، و العسکریة، و استذلّوهم، و استعبدوهم، هذا مضافاً إلی أنهم سیؤاخذون فی الیوم الآخر و یعذبون بالعذاب الشدید، لترکهم الجهاد.

(قُلْ إِنْ کَانَ آباؤُکُمْ وَ أَبْناؤُکُمْ وَ إِخْوانُکُمْ وَ أَزْوَاجُکُمْ وَ عَشِیرَتُکُمْ وَ أَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَ تِجارَةٌ تَخْشَوْنَ کَسَادَها وَ مَسَاکِنُ تَرْضَوْنَها أَحَبَّ إِلَیْکُمْ مِنَ اللّهِ وَ رَسُولِهِ وَ جِهادٍ فی سَبیْلِهِ فَتَرَبّصُواْ حَتّى یَأْتِیَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَ اللّهُ لا یَهْدِی الْقَوْمَ الْفاسِقینَ).(17)

(إِلاّ تَنْفِرُواْ یُعَذِّبْکُمْ عََذَابًا أَلِیْما ًوَ یَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَیْرَکُمْ وَ لا تَضُرُُّوهُ شَیْئاً وَ اللّهُ عَلَى‏ کُلّ‏ِ شَیْ‏ءٍ قَدِیرٌ).(18)

منذ أن حذف منطق الجهاد و الدفاع و الشهادة من ثقافة المسلمین، أصبحوا و کأنهم لا یؤدّون شیئاً من فرائض الإسلام، و تسلّط علیهم المستکبرون و أعداء الإسلام تدریجاً و أمسکوا بکلّ مقدرات المسلمین و شؤونهم عن طریق عملائهم الخونة، و وصلت أوضاع البلاد الإسلامیة المؤسفة المزریة إلی ما علیه الآن ..

و لحل هذه المشکلة و استعادة المجد و العظمة و الإستقلال المفقود لا مناص من إعادة ثقافة الجهاد و الدفاع و الشهادة المنسیّة إلی حیاة المسلمین، و إحیائها فی نفوسهم، و تجاوز التخلف العسکری و التسلیحیّ بکل سعی وجدٍّ، و التهیّؤ للدفاع عن الإسلام و المسلمین.


فکّروا و أجیبوا

1ـ اکتبوا ثلاث آیات تدلّ علی وجوب الجهاد؟

2ـ متی یتمّ الجهاد الإبتدائی؟

3ـ بینّوا موارد الجهاد الدفاعی؟

4ـ لماذا اصیبت البلاد الإسلامیة بالوضع المأساوی الراهن؟

5ـ ما هو أکبر حلّ لمشکلات البلاد الإسلامیة؟

 

1 ـ آل عمران : 142.
2 ـ التوبة: 73.
3 ـ البقرة: 216.
4 ـ الصف: 4.
5 ـ النساء: 95.
6 ـ الکافی ج 5 ص 4.
7 ـ الکافی ج 5 ص 2.
8 ـ الکافی ج 5 ص 2.
9 ـ التوبة: 12 ـ 13.
10 ـ الانفال: 39.
11 ـ البقرة: 190.
12 ـ الحج: 39ـ 40.
13 ـ الحجرات : 9.
14 ـ الحج: 40.
15 ـ النساء: 75.
16 ـ النساأ: 74 للوقوف علی تفصیل المسائل المتعلقة بالجهاد و الدفاع راجعوا کتب الفقه و التفسیر و الحدیث.
17 ـ التوبة: 24.
18 ـ التوبة: 39.