پایگاه اطلاع رسانی آیت الله ابراهیم امینی قدس سره

الدرسُ الثاني و الأربعوُن التكاليف و الأحكام الإِسلامية

 الدرسُ الثانی و الأربعوُن
التکالیف و الأحکام الإِسلامیة

فی الدروس السابقة قرأتم أنّ الإِنسان کائنٌ مُخیّرٌ و مسؤول، و أنّ برنامجَ التکاملِ البشریّ و الإِنسانیّ و سبیل سعادته الدنیویه و الاُخرویة قد رُسم ِ من جانبِ الله الحکیم، وزوّد به الأنبیاءُ و الرسل لإِبلاغه إلی الإِنسان، وقد تُرکت مسؤولیة إختیار هذا السبیل و سلوکه علی عاتق الإِنسان نفسه.

إن برنامج السعادة الحقیقیّة للإِنسان قد عُرِض فی قالب الأوامر و النواهی، و فی صورة التکالیف و الأحکام .. و إن الإنسان الذی یفکر فی سعادته الواقعیة و یتوخاها یجب أن یأخذ بهذه التعالیم، و یعمل وفقها.

نعم إنّ الإِنسان کائنٌ مختارٌ و موجودٌ حرَّ الإِرادة ولکنَ حریةَ الإنسان بصورة مطلقة لیست ـ فی نظر الإسلام ـ من مصلحته الواقعیة بل من مصلحته أن تکونَ مقیَّدةً فی إطار القوانین و الأحکام الدینیة و الدساتیر الشرعیة.

إنَ الاحکامَ و المقرَّرات التی وَضَعَها الإسلامُ کثیرةٌ جداً، وقد بُحثت و عولجت باسهاب و تفصیل فی کتب الفقه و الحدیث، و هذه الدراسة لا تسَع لتلک التفصیلات، ولکن بغیة التعرّفِ الإِجمالیِ نشیر إلی جانب منها:


الأحکامُ التکلیفیّةُ و الوضعیّةُ

تنقسِم الأَحکامُ الإسلامیة إلی صِنفین: الأحکام التکلیفیة، و الأحکام الوضعیة.

و الأحکام التکلیفیّة عبارة عن الوجوب و الحرمة و الإِستحباب و الکراهة، و الإِباحة وهی التی تسمّی بالأحکام الخمسة التکلیفیة.

وفی نظر الإسلام لا یخلو أیُ عمل من أحد الأحکام المذکورة، فهو إما واجب بمعنی أنه یجب الاتیان به، ولا یجوز ترکه.

و إما حرام بمعنی أنه یجب ترکه و یعاقب الإِنسان إذا فعله.

و إما مستحب بمعنی أنه مرغوب فیه و محبوب ولکن ترکه لا یستوجب عقاباً.

أو مکروه بمعنی أن فعله مبغوض فی نظر الشرع ولکن لا یستوجب الإتیانُ به عقاباً.

أو مباح بمعنی أنّ فعلَه و ترکَه سواء فی نظر الشرع.

إن الأحکام التکلیفیة جُعلت لتکون الوظیفة و التکلیف، و اُبلِغت إلی الناس فی صورة الاوامر و النواهی.

و أمّا الأحکام الوضعیّة فقد جُعِلت بنحو آخر فهی لم تُجَعلْ فی صورة التکلیف بل إن جعل الشارع المقدّس تعلّق بها مباشرة طبعاً بهدف ترتّب آثارٍ خاصّةٍ مثل: الزوجیّة بین الرجل و المرأة (أی الزوج و الزوجة) الملکیة، المالکیة، الشرطیة، السببیة، المانعیة الجزئیة، القاطعیة، الحجیّة، الولایة، النیابة، الصحة، البطلان، و غیر ذلک من الأحکام المشابهة لما ذکر.

الواجبات

إن الواجبات هی الاُخری تتنوّع إلی أصناف من التقسیم، أحدها تقسیم الواجبات إلی التَعَبدیّ و التوصّلی.

إن الواجب التعبّدی هو العمل الذی یؤتی به بعنوان الخضوع لله، و یهدف عباته و یجب أن یؤتی بقصد القربة و التقرب إلی الله تعالی، و یستوجب الریاءُ بطلانه و فسادَه و ذلک مثل الصلوات الواجبة، الصوم الواجب، الغسل و الوضوء، و التیمم للصلاة، و الحج، و الزکاة، و الخمس، و باختصار: لا بد فیها من نیّة.

و إن الواجب التوصّلی عبارة عن العمل الذی یجب أن یقوم به المکلفُ حتماً، ولو ترکه بدون عذر شرعی عوقب، ولکن لا یُشترَط فی صحته قصدُ القربة، و ذلک مثل الجهاد فی سبیل إعلاء کلمة التوحید، و الدفاع عن الإِسلام و القرآن، و البلاد الإسلامیة، و الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر، و الوفاء بالعهد وکفن المیت و دفنه، و الدفاع عن المظلوم، و أداء الدَین، و الإِنفاق علی الزوجة و غیر الزوجة من واجبی النفقة.

إنَّ هذه الأعمال إذا اُتی بها بقصد القربة اُثیب علیها فاعلُها، و إذا اُتی بها من دون قصد القربة لم یستحق فاعلُها ثواباً، ولکن یسقط التکلیف باتیانها، ولا عقاب.

العینیّ و الکفائیّ

إن الواجبات تنقسم بَتَقْسیمٍ آخر أیضاً وهو العینی و الکفائی.

و فی الواجب العینی یجب عَمَلٌ واحدٌ علی آحاد المسلمین المکلفین، مثل الصلاة، و الصیام و الحج، و الزکاة، و الخمس، ولکن فی الواجب الکفائی یوضَع عَمَلٌ مّا علی عاتق عدة أفراد بحیث إذا أتی به شخصٌ أو عدةُ أشخاص منهم سقط عن الباقین، ولکن إذا لم یأت به أحدُهم أثِمَ الجمیع، و ذلک مثل تکفین المیت و الصلاة و دفنه، و الجهاد، و الدفاع، و الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر، و التصدّی للأشغال و المِهَن الإِجتماعیة الضروریة کالطبابة، و القضاء و العلوم و الصناعات، و الزراعة، و التجارة و المشاغل الإِداریة فی الحکومة الإسلامیة.


التعیینیُّ و التخییریّ

إن الواجبات تنقسم أیضاً إلی الواجب التعیینی و التخییری .. فی الواجب التعیینی یجب علی المکلّف فعلٌ معین و خاص مثل: الصلاة، و الصوم، و الحج، و الزکاة، و الخمس، و الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر، ولکن فی الواجب التخییریّ یُطلب من المکلَّف أن یأتی بأحد عملین أو اکثر علی نحو التخییر مثلما إذا أفطرَ یوماً من شهر رمضان من دون عذر شرعی فإنّ علیه ـ مضافاً إلی قضاء ذلک الیوم ـ أن یُعطی کفّارة، وهی مُخیَّرة بین عتق رقبة، أو إطعام ستین مسکیناً أو صیام ستین یوماً بالشکل المذکور فی کتب الفقه.

المستَحبّات

إن المستحبات تنقسم هی الاُخری إلی صنفین: تعبّدی، و توصّلیّ، و المستحب التعبدیّ عبارة عن العبادة المندوبة التی إذا اُتی بها بقصد القربة إستوجبت ثواباً، و إذا أُتی بها من دون قصد القربة لا یستحق فاعِلُها ثواباً، و ذلک مثل: الصلوات المندوبة و الصوم المندوب، و قرائة القرآن، و الدعاء و الذِکر، و غُسل الجمعة، و غیر ذلک من الأغسال المندوبة، و الحج و العمرة المستحبتین و التوسل، و زیارة مراقد النبی و الأئمة من أهل بیته الطاهرین علیهم السلام، و الأضحیة.

و المستحب التوصلیّ عبارة عن الأعمال المطلوبة لدی الشرع الإسلامیّ المقدَس مثل: التعاون فی أعمال الخیر، و الإِحسان إلی الوالدین، و إحترام المعلم، و الرحمة بالصغار، و توقیر الکبار وصلة الرحم، و الضیافة، و إطعام المؤمنین و خدمة الناس، و السعی فی حل مشاکل الناس، و حسن الجوار، و عیادة المرضی، و إدخال السرور إلی


255

قلوب المؤمنین و زیارة الأخوة المسلمین و تعلیم العلوم و تعلّمها، و الرفق بالیتامی و رعایتهم، و إرضائهم، و حسن المعاشرة مع الأهل، و العشرات من هذا القبیل مما لو اُتی به بقصد القربة استوجب الثوابَ ولکن إذا اُتی به من دون قصد القربة کان مطلوباً للشرع المقدس ولکن لا ثواب علیه، و إن کان یمکن أن یقال أن هذا النمط من الأعمال حیث أنها من فضائل الأخلاق و مکارمها، و من القیم الإنسانیة السامیة، لذلک فهی تتمتع بالمطلوبیّة الذاتیة ولن تکون من دون أثر فی تکمیل النفس و تربیتها.

المحرَّمات

لقد نهی ـ فی الإسلام ـ عن بعض الأفعال نهیاً جازماً و قطعیاً، و تُوُعّدِ علیها بالعذاب و العقاب، و هذا النمط من الأفعال تسمی بالاُمور المحرّمة مثل: قتل النفس بغیر مسوّغ شرعی، والزنا، و اللواط، و خلف الوعد، و ظلم الآخرین، و غصب أموال الناس و سرقتها، و التصرف فی أموال الآخرین من دون إذنهم، و التهمة، و عیب الناس، و الکذب و شرب الخمر، و الربا، أخذاً و اعطاءً، و النظر إلی النساء الأجنبیات، و أکل لحوم الحیوانات المحرمة اللحوم، و أکل المیتة یعنی الحیوان غیر المذبوح علی الطریقة الشرعیة الإسلامیة و ترک کل واحد من الواجبات الدینیة من دون عذر شرعی، و أکل الدم، و أکل الطعام النجس (المتنجس) و الرشوة أخذاً و إعطاءً.

سائر الأحکام

إنّ أحکام الإسلام لا تتلخص فی العبادات و المحرمات بل هی أوسع من ذلک بکثیر .. إن الإِسلام یتدخل فی جمیع مجالات الحیاة الفردیة و الإِجتماعیة للبشر، وله فی کل واقعة و قضیة حکم و قانونٌ.

إنّ موضوعات الإِسلام و مسائلَه المتنوّعة ذکرت و عولجت فی کتب الفقه علی نحو التفصیل ولکن المقام هنا لا یسع لجمیع تلک التفاصیل ولکننا نشیر إلی بعض تلک العناوین الکلیَّة فی شکل جدول.

إننا یمکن ان نقسم سائر الأحکام بصورة عامة إلی عدة أصناف:

الأول: الأحکام المرتبطة بالنجاسات و المطهرات ففی الإسلام اعتبرت بعض الأشیاء نجسة یجب الاجتناب عنها وهی أحد عشر شیئاً:

1 و 2ـ بول الإنسان و کل حیوان حرام اللحم له دم دافق عند الذبح و غائط.

3ـ منی الإنسان و منی کل حیوان له دم دافق.

4ـ المیتة من الإِنسان و من کل حیوان له دم دافق.

5ـ الدم من الإِنسان و من کل حیوان له دم دافق.

6و7ـ الکلب و الخنزیر البریّان.

8ـ المسکر المائع بالأصالة.

9ـ الفقاع وهو الشراب المسکر المتّخذ من الشعیر.

10ـ الکافر وهو الذی لا یعتنق الإسلام.

11ـ عَرَق الأَبل الذی اعتاد علی أکل النجاسة.

و المطهرات هی أیضاً أحد عشر و أهمُّها الماء و لمعرفة کیفیة تنجّس الاشیاء و عدد المطهرات و کیفیة التطهیر بها، و أحکام النجاسات یجب مراجعة الکتب الفقهیة.

الثانی: المعاملات و الأحکام المرتبطة بالأموال مثل الأحکام المرتبطة بالمکاسب، و البیع و الشراء، و الربا، و أنواع الخیارات، وحق الشفعة، و الاجارة، و الجعالة، و العاریة، و الودیعة، و الرهن، و الضمان، و الحوالة، و القرض، و المضاربة، و المزارعة، و المساقاة، و الشرکة، و الصلح، و الوکالة، والوقف، والهبة، و الوصیة، و الإِرث، و إحیاء الموات، و الملکیة، و الحجر، و اللقطة، و الغصب، و غیر ذلک من الاُمور المشابهة.

الثالث: الأحکام المرتبطة بالعائلة و ذلک مثل: النکاح، و المهر، و الحقوق المتقابلة بین الزوج و الزوجة، و الرضاع، و أحکام الأولاد، و النفقة، و النشوز، و الطلاق، و غیر ذلک من الامور التی توجب إنقطاع العلاقة الزوجیة بین الزوج و الزوجة، و عدة الطلاق وعدة الوفاة، و غیر ذلک من الاُمور المشابهة.

الرابع: الأحکام المرتبطة بالحکومة مثل الولایة و الحکومة، و شرائط الوالی، و حدود صلاحیّات الحاکم، و وظائف الحاکم، و الأموال العامة و میزانیة الحکومة، و الجهاد، و القضاء، و الشهادات و الإِقرار و القصاص، و الحدود و الدیات، و الزکاة، و الخمس و غیر ذلک مما شابه.

الخامس: الأحکام المرتبطة بالأطعمة و الاشربة و الصید، و الذباحة، و الملابس و المساکن و غیر ذلک مما شابه.

وفی الختام لا بدّ أن نذکّر بهذه النقطة وهی أن الأحکام المذکورة قد بُوّبَت وصُنّفِت فی کتب الفقه بصورةٍ اُخری، و اختص کلُ صِنف بعنوانٍ خاصٍ.


فکّروا و أجیبوا

1ـ بَیّنوا الأحکام الخمسة؟

2ـ کیف تکون الأحکام الوضعیة.

3ـ ما هو الواجب التعبدی؟ عدّدوا نماذج منه.

4ـ ما هو الواجب التوصلی؟

5ـ ما هو الواجب الکفائی؟

6ـ ما هو الواجب التخییری؟

7ـ ما تکون المحرمات؟

8ـ کیف تکون المکروهات؟