پایگاه اطلاع رسانی آیت الله ابراهیم امینی قدس سره

تربية الاطفال

تربیة الاطفال

 

فی طلیعة الواجبات ومن أکثرها حساسیة هی تربیة الاطفال.. وهنا یتحمّل الأبوان مسؤولیة جسیمة فی هذا المضمار.

واذا أردنا ان نکون صریحین فإنّ المرأة کأم تتحمل هذه المسؤولیة بالدرجة الاولى.. فالکلمات الأولى انما یتلقّاها الطفل هی من أمّه.. فی رحمها ترعرع وفی حضنها نشأ..

و «الأم مدرسة اذا أعددتها أعددت شعباً طیب الأعراقِ» وعلى الأمهات یقع العب‏ء الأکبر فی تقدّم المجتمعات وتخلّفها ومن هنا نفهم الکلمات المضیئة لسیدنا محمد صلى‌‏الله‌‏علیه‌‏و‏آله‌‏وسلم وهو یقول:

«الجنّة تحت أقدام الأمهات»[279].

إنّ الاطفال الذین ینشأون فی البیوت الآن، هم رجال ونساء المجتمع فی المستقبل.. والبیت هو المدرسة الأولى.. الأم المعلّمة الأولى والأب هو الاستاذ الأول.. والأطفال هم تلامیذ یتلقون المعارف الأولى والاخلاق، وینهلون من معین الأبوة والأمومة قبل أن یضعوا أقدامهم فی میدان الحیاة.

فی البیت.. فی أحضان الأبوین.. تتبلور شخصیة الطفل..

وفی هذا المهد یکتسب ملامحه المستقبلیة.

إنّ اطفال الیوم الخجولین العصبیین، المتملقین والضعیفی الارادة
والخانعین، والذین اعتادوا الکذب والاهانة هم نفسهم الذین یرسمون ملامح المجتمع فی المستقبل!

فالطفل الخانع الیوم هو السیاسی الخانع فی المستقبل، والطفل العدوانی الیوم هو المسؤول العدوانی فی المستقبل، والطفل الذی اعتاد الاهانة هو الانسان الذی یستسلم غداً للظلم ویرتضی حیاة الذلّ.

ومن هنا تتجلّى أهمیة التربیة وحساسیة الدور الذی یلعبه الأبوان فی مصیر الاطفال.

یقول الامام زین العابدین علیه‌‏السلام وهو یحدّد الاطار العام لحقوق الطفل:

«وأمّا حقُّ ولدک فان تعلم أنه منک ومضاف الیک فی عاجل الدّنیا بخیره وشرّه، وأنک مسؤول عمّا ولّیته به من حسن الأدب والدلالة على ربّة عزّوجلّ، والمعونة له على طاعته، فاعمل فی امره عمل من یعلم أنّه مثاب على الاحسان الیه معاقب على الاساءة إلیه».

وفى هذه المناسبة نذکر ان ربّات البیوت لسن جمیعاً على اطلاع کاف فی اسالیب التربیة الصحیحة.. وانه یجب ان یتعلمن ذلک.

ولا یسعنا هنا ان نتطرق الى هذا الموضوع الحساس فی الصفحات المحدودة والمعدودة[280].

ومن حسن الحظ ان کتب التربیة متوافرة ویمکن للسیدات اقتناء الکتاب الذی یحببن. فالتربیة فن وعلم والأمهات مدارس کبرى.

وهنا نقطة جدیرة بالاهتمام، وهی أن الکثیرین ینظرون الى التربیة ویخلطون‏بینها وبین التعلیم.. ویتصورون ان تلقین الاطفال سلسلة من المفاهیم الدینیة من قبیل روایة الحکایات، والقاء النصائح هو تربیة لأطفالهم.


اذ یتصور البعض ان ذم الکذب والاستشهاد بالاحادیث التی تذم الکذب والآیات التی تهدد الکاذب بالمصیر الاسود الذی ینتظره یکفی فی تربیة أطفال صادقین.

فی حین ان المطلوب اکثر بکثیر من هذا.

وبالطبع إنّ حفظ آیات القرآن والأحادیث الشریفة والحکایات المفیدة مؤثرة تربویاً، ولکن الآثار المطلوبة لا یمکن ان تتم وفق هذا البرنامج.

لأن المطلوب اعداد بیئة مناسبة لتربیة الأطفال حتى ینشأ أطفالنا صادقین أمناء وصالحین.

والبیئة المطلوبة یجب أن تکون أجواؤها مفعمة بالایمان والصدق والطهر والصفاء والحرّیة.

والطفل الذی ینشأ فی بیئة اعتادت الخیانة والکذب لن تنفع معه جمیع الاسالیب التربویة التلقینیة لکی یصبح صادقاً، لأنه یتشرّب الکذب ویتنفس الخیانة فکیف نطلب منه الصدق والوفاء؟!

أو ننتظر منه الإخلاص والصداقة؟!

إذا کان الأبوان یکذبان، فلا ینتظرا من طفلهما الصدق حتى لو قرأوا علیه مئات الآیات والحکایات والأشعار.

واذا کان الوالدان قذرین فلا یتوقعا من ابنهما النظافة حتى لو سمع منهما آلاف النصائح فی ذلک.

إنّ سلوک الأبوین هو البیئة التی یتنفس فیها الطفل، ویتشرّبها والولد على سرّابیة کما یقال وفرخ البطّ عوّام کما یقول المثل أیضاً.

ومن هنا فان الخطوة الأولى والمصیریة فی اصلاح الذات یعنی محیط الأسرة، فهی البیئة التی ینبت فیها الاطفال، وینشأ فیها الأبناء لیصبحوا فیما بعد آباءً.. وهکذا تتعاقب الأجیال.

 

[279] مجمع الزوائد: 8/138.
[280] یحیل المؤلف القراءة الى مراجعة کتابه اسلوب التربیة «ائین تربیت». (المترجم)