پایگاه اطلاع رسانی آیت الله ابراهیم امینی قدس سره

الاستقلال

الاستقلال

 

لقد کنتَ قبل الزواج عضواً فی أسرة ولا تتحمل أیة مسؤولیة، فالأب یتحمل الانفاق وتمشیة أمور العائلة فیما الام تتکفل ادارة المنزل، ولکن بعد الزواج، ستکون مستقلاً وحرّاً وقد حصل ذلک فی الواقع بعد استعدادک لتحمل مسؤولیات الأسرة الجدیدة.

الآنسة تصبح سیّدة البیت ویتعیّن علیها أن تنهض بشؤون المنزل وادارته فهی تسعى أن تحدد من ارتباطها بأهلها واعتمادها على الأم مثلاً.. صحیح إنّ ذلک یکلفها الکثیر ولکن لا مناص من التحمل والصبر.

فلیس من الصحیح أن یقوم الوالدان بواجبات ابنتهما فی بیت الزوجیة ولکن بمقدور الفتاة وفی بعض الموارد التی یصعب بمفردها أن تتحملها أن تستشیر أبویها وتطلب العون منهما، بشرط أن تقنع بأقل ما یمکن من المساعدة.

کما یتعیّن على الفتى الذی أصبح بعد الزواج رجل الأسرة أن ینهض بمسؤولیته فی تأمین نفقات اسرته وأن یستقل تماماً فی ذلک ولا ینتظر من والدیه أن یقوما بذلک بالنیابة عنه... ان علیه أن یدخل میدان الحیاة الکبیر حیث العمل والسعی من أجل توفیر لقمة عیش کریم.

انه یستطیع فقط وبسبب غیاب التجربة الکافیة فی ادارة الأسرة أن یفید من تجربة والدیه، ومع التأکید على أن یستقل فی محاولاته، ولکن ذلک طبعاً لا یمنع من مدّ ید العون.


لأن اسرة الفتاة وکذا اسرة الفتى ملزمتین أخلاقیاً بدعم الاسرة الجدیدة الى أن یشتد عودها ویمکنها مواجهة تحدّیات الحیاة.

على أن هناک موضوعاً جدیراً بالاشارة، هو رغبة اسرة العروس فی أن یکون للاسرة الجدیدة منزل مستقل خشیة من تدخلات أهل العریس کأمّه أو أخته، فیما ترى رغبة الاخیرتین فی أن یسکن ابنهما فی منزلهم لکی یتسنّى لهم وعن قرب مراقبة ما یجری معتبرین انفسهم ولأمد شرکاء فی حیاة ابنهم الجدیدة والاطمئنان على عدم انفکاک الابن عن أهله.

وعادة ما یجنح الابن الى الموافقة لأنه کان قد اعتاد الحیاة فی کنف اسرته وما یزال تحت تأثیر عاطفة الابوین، ویدخل العامل الاقتصادی لیعزز من هذه الرغبة لدى الفتى لعدم قدرته على تهیئة منزل مستقل.

على أن المؤلف یعتقد ـ اذا لم یؤدی ذلک الى مشکلة ـ أن تعیش الأسرة الجدیدة مع اسرة الفتى مدّة من الزمن وللافادة خلالها من الارشادات والتجارب وقدراً من العون الى أن یشتد عود الاسرة الفتیة، غیر أن التجربة العملیة وللأسف عادة ما تؤدی الى نتائج لیست مطیبة.

فهناک مثلاً ذرائع تافهة للتدخل فی شؤون الاسرة وقد یؤدی انتقاص الأم أو الاخت للعروس وتسقّط اخطاءها الى تعقید مشکلة ما تبرز خلال الفترة الأولى من الزواج مما یؤدی الى انفجار النزاع العائلی واستحالة العش الزوجی الى میدان للصراع والشجار. وهنا یصبح الوضع حساساً جدّاً لأن الفتى إذا ما حاول ارضاء امّه  أو اخته فانه سیواجه دموع زوجته وربّما غضبها، اما اذا اعلن تضامنه مع زوجته فان امّه قدتتهمه بالعقوق.

حتى التزام الصمت ازاء هذه المشکلة سوف یسلب المنزل الاستقرار والهدوء المنشودین کما أن الطرفین المتنازعین لن یقتنعا بموقف الفتى الحائر ولن یرضى کل منهما إلاّ بالانحیاز إلى جانبه.

وعادة ما یکون هذا النوع من المشاکل ناجماً عن الغیرة والجهل وسوء الخلق.

والغالب أن هذه اللون من المشکلات تبدأه أم الزوج التی تنظر بعدم ارتیاح الى هذه الفتاة (الدخیلة) التی انتزعت ابنها وأخذته الى الأبد!!

ولذا فانه ینبغی على الأم أن تسلک سلوکاً معقولاً ازاء کنّتها وتنظر الیها کاحدى بناتها وأفضل، کما أن على العروس أن تعامل حماتها بمنتهى الاحترام والمحبّة لتخفف من الحساسیات الناجمة عن الحیاة الجدیدة لابنها.. غیر أننا ومع شدید الأسف نواجه ثقافة اجتماعیة خاطئة فی هذا المضمار.

وانطلاقاً من هذا ارجّح للفتى والفتاة أن یستقلا فی حیاتهما الزوجیة منذ البدایة فی منزل خاص بهما حتى لو اضطرا للإیجار.

أما اذا تعسّر علیهما ذلک فان من الممکن أن یعیشا فی کنف اسرة احدهما بشرط صیانة استقلالها من التدخل السلبی فی شؤونهما.

واجد من اللازم هنا أن اذکر والدیَّ الفتى بانه ما دام من غیر المعقول تبعیة الابن لکما الى الأبد وأنه لابد من استقلاله مع زوجته فی حیاة جدیدة فانه من الاحرى وحتى لا ینشب نزاع ما أن تُهیأ للأسرة اسباب الاستقلال مما یعزز من دف‏ء الحیاة الاسریة لابنکما بعیداً عن التدخل السلبی فی شؤونهما.

فإذا کان بإمکانکما تهیئة منزل للعروسین وإلاّ منحهما فرصة الحیاة فی ظلالکما مستقلّین فی عشهما الجدید؛ وإنّ افضل اسلوب للتعایش هو اجتناب الفتنة وتسقّط الخطأ والبحث عن العیوب، فکونا لهما ملائکة سلام ومحبّة لاغولاً للنزاع والشجار.

کما أذکر الشباب بان الاستقلال فی الحیاة الزوجیة هو أفضل اسلوب
للحیاة حتى لو أثار هذا المطلب مشاعر اسرکم فثقوا أن النهایة ستکون فی صالحکم وان آبائکم سوف یکنّون لقرارکم الاحترام ولکم الاخلاص والحبّ والتضامن.

وفی کل الاحوال ینبغی الانتباه الى سلوک الأخت والأم وکونوا على حذر من کل ما یؤدی الى وقوع أزمة مع العروس.

وأنه من الضروری جداً إذا ما شاهد الفتى سلوکاً ما یکدّر صفو الفتاة أن یواجه الأم والأخت مذکّراً ایاهما قائلاً.

ـ أنا أحب زوجتی ولذا أرجو احترامها وتجنب کل ما یؤلمها من قول وعمل... اننی لن اسمح لأحد بإیذائها.

إنّ موقفاً حازماً یتخذه الفتى منذ البدایة سوف یؤدی شیئاً فشیئاً الى تبلور علاقات تنهض على الاحترام المتبادل.

وهنا أیضاً اذکر العروس أن تأخذ بنظر الاعتبار ظروف زوجها، لأنه من المستحیل أن تتوقعی منه أن یقطع ومن أجلک کل علاقاته مع اسرته کما أن عملاً کهذا لیس صحیحاً أبداً، أضافة الى أنک بحاجة الیهم، ولذا فمن المنطقی أن تتعایشی معهم، کما أن علیک أن تحترمی اسرة زوجک قبل أن تنتظری احترامهم لک.

واذا ما صادفک سلوک غیر مریح فعلیک أن تتجاوزی ذلک بدماثة الخلق وابراز المحبّة لهم، وثقی أن هذا کفیل بکسبهم الى جانبک.

ان الانسان اجتماعی بالطبع وأن علیه من أجل ذلک التعایش مع الجمیع والإفادة منهم وافادتهم.. کما أن اسرة زوجک جزء من المجتمع الذی نعیش فیه بل هم أقرب الشرائح الاجتماعیة الیک فالاحرى التکیّف فی الحیاة معهم بما یخدم الجمیع، انهم اجداد طیبون لابنائک کما أنهم أعمام وعمّات.


ومن أجل ذلک ینبغی أن تتحّملی بعض الهنات.

واذا ما اضطرتک الظروف أن تعیشی مع زوجک فی منزل أهله فلا تظهری الجزع من ذلک، حاولی أن تطبعی سلوکک بالأدب والاحترام وکونی طیبة معهم وغضی الطرف عن بعض التجاوزات لأن المستقبل فی صالحک، کما أن اللّه‏ سبحانه یراقب سلوکک وقد یمنّ علیک بما یهیء لک حیاة مستقلّة.