پایگاه اطلاع رسانی آیت الله ابراهیم امینی قدس سره

الوفاء الوفاء!

الوفاء الوفاء!

 

تتغیر الدنیا من حال لحال، ومن طبیعتها عدم الوفاء والریاح لا تجری بما تشتهی السفن..

الحیاة مسار طویل ملیء بالمنعطفات، والانسان ابن هذه الدنیا المتغیرة لا یکون على حال واحدة ومسار واحد.. فهو الیوم فی أوج صحته وعافیته وفی الغد مریض لا یقوى على النهوض.. بالأمس کان ثریاً والیوم فقیراً معدماً.. والزمن یلد الحوادث تلو الحوادث.

وعندما یصافح الرجل زوجته فإنّه یعاهدها عهد الوفاء، وهی أیضاً تعده بذلک، وعقد الزواج عهد مقدس یجعل طرفیه شریکی طریق، وخلیلین یتقاسمان العیش والحیاة بکل حلاوتها ومراراتها... هذا العهد الذی عدّه اللّه‏ سبحانه من آیاته فی الحیاة الانسانیة، هذا العقد الذی ما إن یتم باسم اللّه‏ حتى یتفجر نبع الحب فیاضاً، وتصبح حیاة الرجل والمرأة أکثر دف‏ءً وأملاً.

سیدتی!

عندما یناصب الدهر زوجک ویبخل علیه بلقمة عیش کریم فلا تکونی للدهر عوناً علیه فتضیفی الى همومه همّاً.

لأنک بذلک قد اخللت بالعهد عهد الوفاء، والوفاء یلزمک أن تقفی الى جانبه فی السرّاء والضراء.

وعندما تصیبه سهام القدر بمرض ما یلزمه الفراش فی المنزل أو فی
المستشفى فمن الوفاء أن تکونی له ملاک رحمة، یخفف عن نفسه ضغوط المرض وما ینجم عنه من مشاعر وآهات.

فلا تبخلی علیه بالدواء والغذاء، لا تقولی اننی لا انفق علیه من ثروتی...

انک اذا بخلت علیه بذلک وضننتی علیه ستکونین غادرة.

سوف ینطفى‏ء الحبّ فی قلبه، وقد تنتابه هواجس الطلاق لأنه لا یستطیع العیش مع انسان لا یحسّ به ولا یعطف علیه، ولا یقف الى جانبه ساعة الشدّة.

لنتأمل هذه الحکایة:

«فی شکواه التی رفعها الى المحکمة أورد الرجل مشکلته قائلاً: کنت مریضاً وقد نصحنی الأطباء باجراء عملیة جراحیة، فطلبت من زوجتی أن تقرضنی ما وفرته من نقود؟ وتعهدت لها بتسدید ذلک المبلغ ولکنها رفضت وترکت بیت الزوجیة الى أهلها، واضطررت الى اجراء الجراحة فی مستشفى حکومی.

والآن اشعر باننی لا استطیع العیش معها تحت سقف واحد لأنها تحبّ النقود أکثر منی وامرأة کهذه لا أعدّها شریکة حیاة»[161].

وعندما نحاکم هذا الرجل وجدانیاً نجد أن الحق معه، لأن امرأة أنانیة کهذه المرأة تترک زوجها فی أشدّ الظروف التی ینبغی أن یکون لها حضور دافى‏ء، امرأة لیست فیها مواصفات الزوجة الوفیة؛ لأنها ترکته فی مهب العاصفة وحیداً من أجل المال!

سیدتی:

أنتِ مخزن العاطفة الانسانیة.. وهناک انسان مریض یحتاج الى العطف
والمساعدة، فکیف اذا کان ذلک الانسان شریک حیاتک.

إنّ الحیاة الزوجیة تفقد معناها ودفئها عندما یکون الانسان أنانیاً، لأنّ من مقوماتها الوفاء والحبّ.

وامرأة تفکر فی ترک زوجها والتخلّی عنه فی أول مأزق یصادفه من مرض وفقر أو حادثة أخرى هی امرأة أخطأت الطریق الصائب.

فالزواج الذی یعنی انتخاب رجل کشریک حیاة لا یعنی اقتناء سلعة أو شیء یستطیع المرء أن یتخلّى عنه ویقتنی آخر غیره.. فالزواج والطلاق لیس بیع وشرا واقتناء واستغناء!!

ومن المؤکد فی الحیاة العملیة أنّ الاغلبیة الساحقة من المطلقّات فی مثل هذه الظروف لا یجدن ضالتهن ویخامرهن الشعور بالندم فیما بعد.

وستکون المشکلة أعقد فی حالة انجبت المرأة من زواجها الأول.

الأنانیة آفة تدمّر الحب العائلی ودف‏ء الاسرة والوفاء والتضحیة والصبر من مقومات الحیاة السعیدة فی الدینا والآخرة.

والمرأة التی تفی لزوجها وتقاسمه هموم الحیاة سوف یکون من نصیبها السعادة فی الدنیا وحسن ثواب الآخرة وصدق رسول اللّه‏ صلى‌‏الله‌‏علیه‌‏و‏آله‌‏وسلم عندما قال:

«جهاد المرأة حسن التبعّل»[162].

 

[161] اطلاعات 25 آذر 1350.
[162] بحار الأنوار: 103/247.