واجبات الرجل
وفی مقابل دعوة المرأة الى حسن التبعل، مطلوب من الرجل أیضاً أن یدرک حقوق زوجته وأن یعمل جاهداً لاشاعة الدفء فی جوّ الاسرة، وهذه لیست مهمة یسیرة.. أنها تتطلب قابلیة تنهض على تفهّم طبیعة الانثى ومن ثم ترشیدها فی طریق التکامل والارتقاء.
ان الرجل یستطیع أن یصنع من زوجته ومن خلال الحب والعاطفة النبیلة ملاکاً للرحمة وسکناً مفعماً بالدفء.
ومن هنا ینبغی على الرجل أن یعی ما یموج فی أعماق امرأته: میولها النفسیة وطموحاتها لیتمکن فیما بعد من برمجة علاقته وتعامله داخل البیت.. إنه یستطیع بالمحبّة أن یدفع بزوجته الى أن تتفانى فی إدارة المنزل وأن تسهر من أجل راحته... وبالتالی تحویل بیت الزوجیة الى عش دافىء مفعم بالمحبّة والصفاء.
تنتقل الفتاة الى بیت الزوجیة وتصبح فی عهدتها مهمة ادارة المنزل ویلزمها من أجل ذلک بعض المعلومات: الطبخ، غسل الثیاب آداب الضیافة والمعاشرة الى غیر ذلک من تفاصیل الحیاة.
وقد یتوقع الزوج أن تکون فتاته على درایة کاملة بکل تلک الأمور ولکن للأسف فان مثل هذه التوقعات لن یراها فی زوجته، فقد تجهل العروس آداب المعاشرة أو لدیها معلومات محدودة.
فماذا ینبغی فعله؟ ان هذا یعدّ من النواقص الاجتماعیة، فلا الآباء علّموا
بناتهن ثقافة الحیاة، ولا توجد برامج تعلیمیة تتکفّل سدّ هذا النقص.. فماذا یفعل الرجل فی مثل هذه الظروف؟
سوف یقضی الرجل عمره مع زوجته.. سوف یرافقها فی رحلة العمر، وما دام الأمر کذلک فانه یتعین أن ینهض بمسؤولیة تعلیمها وعلاج النواقص فی شخصیتها ولأن الرجل عادة یفوق المرأة فی السن والتجربة فانه سیتمکن فی النهایة من النجاح فی مهمته خاصّة اذا تحلّى بروح الصبر والقدرة على الحوار وضبط النفس.. أنه یستطیع أن ینقل تجاربه الحیاتیة الیها شیئاً فشیئاً فیصنع منها سیدة بکل معنى الکلمة..
یستطیع مثلاً الافادة من تجارب أمه واخته وإرشادات عمته أو خالته فی کیفیة تعلیمها.
کما یمکن توفیر کتب الطبخ وفنّ ادارة المنزل وکل ما یلزم المرأة لتتعرّف على آداب المعاشرة... یستطیع تشجیعها على مطالعة الکتب الاخلاقیة.
واذا ما صدرت منها کلمة نابیة أو تصرّف خاطىء فان الصفح ومن ثم محاورتها هو أفضل وسیلة للاصلاح.
واذا ما صبر الرجل وتحمل الشهور الأولى من الزواج، وبادر فی عملیة الاصلاح والتربیة فان النجاح سیکون حلیفه فی أغلب الاحیان.
صحیح أن عملاً کهذا یتطلب جهداً کبیراً وصبراً مریراً وقابلیة فائقة فی ضبط النفس، ولکن ذلک ضروری من أجل الهدف الذی یصبوا إلیه..
لأن الذی یعیش معه هو انسان مثله وأنیسه وأماً لابنائه وشریکاً فی حیاته ورفیق درب فی رحلته.
أن من الموضوعات الهامّة التی ینبغی على الرجل تعلیمها لزوجته هی أحکام الشریعة، فزوجته امرأة مسلمة ومن الواجب أن تؤدی واجبها الألهی کمؤمنة، فقد تجهل المرأة الوضوء والصلاة والغسل وبالطبع أن فرائض کهذه یجب أن تتعلمها الفتاة لدى أهلها.
ولکن تقصیر الأهل لن یعفی الزوج من مسؤولیاته تجاه زوجته فی تعلیمها مسائل الحلال والحرام، واطلاعها على ثقافة الاسلام وفی کل الأحوال فإن الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر وترشید الزوجة یعدّ من واجبات الرجل ومسؤولیاته ازاء امرأته کما أن النتائج ستکون فی صالحه فیما لو اسفر ذلک عن نتائج طیبة واصبحت لدیه امرأة صالحة عفیفة طیبة اضافة الى ما یترتب على ذلک من الثواب فی الآخرة لأنه یکون قد ساعد انساناً ووضع قدمه فی طریق اللّه تبارک وتعالى.
یقول سبحانه وتعالى فی محکم الکتاب الکریم:
« یا ایها الذین آمنوا قُوا أنفسکم وأهلیکُم ناراً وقودها النّاس والحجارة »[22].
عن أبی عبداللّه علیهالسلام قال: لما نزلت هذه الآیة (المذکورة اعلاه) جلس رجل من المسلمین یبکی، وقال: أنا عجزت عن نفسی، کلّفت أهلی،
فقال رسول اللّه صلىاللهعلیهوآلهوسلم: «حسبک أن تأمرهم بما تأمر به نفسک، وتنهاهم عمّا تنهى عنه نفسک»[23].
ویقول أیضاً:
«الرجل راع على أهل بیته وکلّ راع مسؤول عن رعیته»[24].
ویقول صلىاللهعلیهوآلهوسلم أیضاً: «عظوهنَّ بالمعروف قبل أن یأمرنکم بالمنکر»[25].
[22] التحریم: الآیة 6.
[23] وسائل الشیعة: 11/417.
[24] مستدرک الوسائل: 2/550.
[25] بحار الأنوار: 103/227.