پایگاه اطلاع رسانی آیت الله ابراهیم امینی قدس سره

وأنت أيضاً أيها السيد!

وأنت أیضاً أیها السید!

 

قلما نجد انساناً تجتمع فی شخصیة کل الحسنات ومنزّه من کل نقص وعیب فالناس هکذا یمتازون بخصائص متفاوتة وأخلاق مختلفة.

فالقصیر الى جانب الطویل والأسود فی مقابل الابیض والاصفر والأسمر وترى أحدهم نحیفاً هزیلاً والآخر بدیناً سمینا، وربما تصادف رائحة کریهة تنبعث من فم شخص.. وقد تشم رائحة منفرة من رجل.

هذا بخیل وذاک مبذّر یبعثر أمواله بلا حساب، هذا منطلق الوجه وذاک کئیب، نعم هذه نماذج نراها فی کل مجتمع بشری لا یکاد یخلو منها مجتمع.

وإلاّ فأین الذی لا تجد فی شخصه عیوباً؟!

یعیش الرجل هاجس الزواج فی مخیلته صورة عن الفتاة التی یرید والخیال خصب کعادته ینحت تمثالاً جمیلاً لامرأة هی فریدة العصر فی جمالها ووحیدة الدهر فی أخلاقها وصفاتها، ویجنح به الخیال حتى یرسم صورة ملائکیة عن فتاة أحلامه..

وبطبیعة الحال فان وجوداً خارجیاً لهذه الفتاة مستحیل فهو من وحی الخیال المجنّح!

ویتزوج الرجل ویرى زوجته عن قرب وکثب ثم یصدمه المصداق فأین هو عن تلک الصورة الملوّنة؟!

وتبدأ مرحلة جدیدة یبدأها الرجل بالبحث عن العیوب ثم ینعى حظه
العاثر الذی ساق الیه هذا النصیب أو ساقه الیه.

وهو فی کل هذ الفترة لاتراه إلاّ حانقاً لا تفوته الاشارة الى العیوب صغیرها وکبیرها، وقد یصل به الأمر أن یفتح هذا الملف الحساس أمام القاصی والدانی غیر مقدّر للعواقب لأنّ الذی یتحدث عنه هو انسان له کرامة وکیان وهویّة ولیس سلعة اشتراها من السوق.

انه من حیث یدری ولا یدری یطعن قلباً ینبض بالعاطفة ویقتل حبّا طاهراً قبل أن تتفتح براعمه.

بل انه یوقظ کل الشرور النائمة فی الأعماق واذا بالمرأة هی مصدر الحنان تستحیل الى نمر جریح یقاوم بشراسة... ولذا قد تسمع حواراً هو أقرب الى تبادل الشتائم:

ـ یاله من أنف یشبه الخرطوم!

ـ انظر الى نفسک والى قوامک المعوجّ.

ـ رائحة قدمک قاتلة.

ـ أغلق فمک العریض وشفتیک الغلیظتین.

وهذا بطبیعة الحال هو مقدمة لما قد یحصل.. وما یحصل عادة یکون أنکى وآلم. وعندها سوف یغادر الحب منزلاً ینبغی أن یکون عشاً دافئاً.. إن هذه التصرفات اللامسؤولة لا تقود إلاّ الى نهایة سوداء هی الحیاة الجهنمیة والعذاب المتواصل والشجار المستمر وقد تنتهی بتدمیر بیت الزوجیة الذی قد ینقض فوق اطفال صغار هم الضحایا الأولى والأخیرة.

ومخطى‏ء من یتصور أن الطلاق یعید کل شیء الى حاله الأول حتى لو لم یکن هناک اطفال وابناء.. لأن الزواج تجربة عاطفیة یعیشها المرء بکل کیانه روحه ووجدانه، وهو عملیة التحام.. ثم یأتی الطلاق الذی یحدث حالة من
التمزق النفسی لا یعرف مرارته وآلامه سوى المطلقین والمطلقات.

ولنفترض جدلاً أن الطلاق لم یحدث آثاره التخریبیة المدمّرة وأنه وفر فرصة الزواج الثانی فمن أین یضمن المرء أنه سیحصل على النموذج الذی یرتضیه؟

ومن المعروف اجتماعیاً أن المرأة لا تحبذ الزواج من رجل طلّق امرأته الأولى فهی تعیش نفس الهاجس: ان هذا الرجل لا یؤمن جانبه!

وربّما تزوّج الرجل ولکن من أین له أن یعرف أنها تفضل زوجته الأولى وعندها سیضطر الى التنازل کثیراً من أجل أن یتکیف مع الوضع الجدید الذی هو أسوأ بکثیر من الأول.. وقد حدث أن رأینا بعض الذین تزوجوا امرأة ثانیة بعد طلاق الأولى فطلقوا الثانیة وعادوا الى الأولى.

سیدی اخلع نظارات التشاؤم من فضلک، فهی المسؤولة عن مشاهدة العیوب الصغیرة جداً وهی المسؤولة عن تهویل هذه العیوب..

ولیکن فی حسابک أن البحث عن العیوب وانتقاص الزوجة یشبه لعباً بالنار.. فلا تأمن عواقب ذلک وکن حذراً لأن مصیرک ومصیر بیتک، وسعادتک یتوقف على سلوکک ولیکن فی عیوبک شغل عن عیوب الآخرین.. أو عندما ترى عیباً فی زوجتک فلتکن نظراتک شاملة بحیث ترى فضائلها أیضاً حتى تغفر لها بعض صغار العیوب.

ان البحث عن العیوب امر لا یحبّذه الاسلام وینهى عنه بشدّة.