پایگاه اطلاع رسانی آیت الله ابراهیم امینی قدس سره

الحوار التاسع

الحوار التاسع

بعد مضی حوالی الشهرعلی اللقاء الأخیراستأنف الاخوة بحثهم فی منزل السید جلال ، وبعد تبادل کلمات الودّ بدأ البحث بتمهید السید نبیه : لقد وصل جواب الرسالة والحمدلله نرجو من سیادة الدکتورلبیب قراءته.

التدکتور: تسلمت ببالغ التقدیررسالتکم وأشکرکم علی عواطفکم الأخویة ؛ وحول ما ورد فی الرسالة ؛ فقد أجبت باختصار، لکثرة مشاغلی حالیا ًمع الاعتداز.

س :هل هناک حدّ ما للعمر؟

ج :لا یوجد حدّ معین لعمرالإنسان ، إلا أن عمرالإنسان قد یتجاوزمئة سنة بقلیل وهناک اختلافات تنجم عن أثرالمحیط والبیئة وعوامل اوراثة وأسالیب الحیاة ، فقد حصلت تغیرات فی العصرالحاضربالقیاس إلی العصورالماضیة .

فقد بلغ متوسط العمرفی برطانیابین عام 1838- 1845م 91/39 فی الرجال و85/41 للنساء ؛ وفی عام 1837 بلغ لدی الرجال 40/60 ولدی النساء 40/64 وفی أمیرکابلغ متوسط العمر 1901م 23/48 فی الرجال و80/51

فی النساء وارتفعت النسبة عام 1944 لیبلغ 50/63 فی الرجال و95/68 فی النساء.

وهذه النسب فی الارتفاع تشمل مراحل الطفولة بسبب تحسّن طرق العلاج والوقیة من الأمراض خاصّة الساریة منها، اما أمراض الشیخومة التی معدّ أمراضا ًمستعصیة من قبل تصلب الشریین فلم یشهد علاجها تطورا ًیذکر.

س : هل توجد قاعدة عامّة لتکون مقیاسا ًثابتا ًلتعیین عمر الکائنات الحیة ؟

ج : یسود اعتقاد فی ذلک حول وجود علاقة بین حجم الکائن الحیّ ونسبة العمر، فمثلا ًلا یقارن عمرالفراشة أوالبعوضة بعمرالسلحفاة ، وبالطبع فإن هذه القاعدة لا تنسحب علی کلّ الحیوانات ، فالببغاء والغراب والأوزمثلا ًتعمّرأکثرمن الطیورالاخری الأکبرحجما ًمنها ، بل واکثرمن بعض الثدییات .

کما اننا نجدء سماک «السالمون» تعیش مائة عام ، «الکراپ»مائة وخمسین عاما ًو«البیک» مائتی عام ، ینما لا یعیش الحصان أکثرمن ثلاثین سنة.

ومنذ عصر ارسطو کان یظنّ ان عمرالکائن الحیّ یعادل نسبة من مدّة بلوغه ، فیری «فرانسیس بیکون» انّها تبلغ ثمانیة أضعاف مدّة بلوغه بینماهی لدی «فلورانس» خمسة أضعاف .

وفی الإنسان یری کلّ من «بوفون» و «فلورانس» انّ العمرالطبیعی للإنسان هومائة عام وهی تکاد تکون سائدة فی الإذهان .

وهناک طائفة من المعمّر عاشوا أعمارا ً طویلة منهم : «هنری جانکینز» الذی عاش 169 سنة ، و «توماس پار»207سنة و«کاتوین کونتیس دسموند» 140 سنة ؛ ولا یخلو هذا التحدید من المبالغة فی الأحیان .

 

العوامل

س : ما هی العوامل المؤثرة فی العمر؟

ج : هناک جملة عوامل منها :

- العامل الوراثی : وهو مؤثر فی طول العمر، فیمکن ملاحظة ذلک لدی بعض الأسر التی یعمّرأفرادها أکثرمن الحدّ المتوسط إذا لم تکن هناک مؤثرات خارجیة ،

وهناک بحوث ممتعة فی هذا المضمارکالدراسة التی أجراها «ریموندبیرل» فقد قام بمعونة ابنته بإحضاء سبعة أظهرمن : الجد الأکبر- الجدّ – الحفید _ ابن الحفید - ثم ابنه _ فوجدان أعمارهم بلغت 699 عاما ًعلی ان اثنان منهما ما تافی حوادث ، وهناک دراسة «لؤی دوبلین» و «هربرت مارکس» فی سجلات شرکات التأمین أثبتت تأثیرطول عمرالأجداد فی أبنائهم وأحفادهم .

وقد یؤثرّهذا العامل فی الحدّ من تأثیرعوامل أخری کعمامل البیئة أوبعض العادات السیئة ، ومن هنا یمکننا تفسیرطول العمرلدی بعض المدمنین علی المشروبات الکحولیة .

ویرث الأبناء السلامة واللیاقة البذنیة المؤثرة فی طول العمرعن الآباء والأجداد ؛ مع التأکید علی الجهازالعصبی ، والدورة الدمویة ، إضافة الی رأی «کازالیس» القائل «یمکن اکتشاف عمر الانسان فی شریینه» ، فهناک من یصل سنّ الشیخوخة قبل الأوان وذلک بسبب تصلب الشریین الوراثی .

- العامل البیئی : للبیئة أثرکبیر، فالأجواء المعتدلة والهواء النقی من السموم والجراثیم ، وأشعة الشمس الکافیة لها تأثیرها فی إطالة العمر.

 

- نوع العمل : یعدّ الاستغراق فی العمل والجهد النفسی والعصبی المبذول من العوامل المؤثرة فی إطالة العمرمع اشتراط الصفاء الذهنی والفکری ، وبعکس ذلک فإن الملل الناجم عن البطالة وانحسارالجهد العضلی والعقلی له آثاره فی قصرالعمرأکثرمن الإجهاد الناتج عن العمل المتواصل ، ولهذا یلاحظ ان الوزراء والقساوسة سعمرون أکثرمن غیرهم وهذا یعود إلی عملهم الدؤوب .

- الغذاء کما ً ونوعا ً: للغذاء دوروتأثیر کبیرفی إطالة العمر، فقد لو حظ انّ المعمّرین کانوا یتناولون وجبات خفیفة وقلیلة ، ولهذا یقول «مونتین» : «الانسان لا یموت ولکنه ینتحر» کما قیل أیضا ً «الإنسان یحفرقبره باسنانه» .

ان التخمة وکثرة الأکل لها آثارمضرّة فی حیاة الإنسان ، فعنها تنجم أمراض مختلفة کالسکری وتصلب الشریین وأمراض القلب والکلة ؛ ومن المؤسف أن نشاهد البعض وهم یسعرضون عضلاتهم ویتباهون بقوّة کاذبة قبل الإصابة بهذه الأمراض.

وقد لو حظ تضاؤل عدد الإصابات بمرض السکری فی بعض البلدان ابان الحرب العالمیة الأولی ، ویعود هذا إلی شحّة الغذاء وانتشار الفقر فکان لهذا دورفی اعتدال الأکل ؛ فمن المعروف مثلا ًان الافراط فی تناول اللحوم بعد سن الأربعین یخلق مضاعفات خطیرة.

وفی المضمارأثبتت تجارب الدکتور«Mccay» فی جامعة «کورنل/نیویورک» التی أجریت علی الفئران ان السمان منها تعیش أقل من الفئران المحیفة ، وان الفأریصل إلی أوج قوته بعد أربعة أشهرویصاب بالشیوخة قبل السنة الثانیة ویموت قبل الثالثة .

 

وقام هذا الدکتور بتربیة مجموعة من الفئران علی نظام غذائی غنی بالفیتامینات و المواد المعدنیة و توصل إلی نتائج مدهشة حیث لاحظ ان مدّة بلوغها استغرقت ألف یوم ، فی حین کان متوسط ذلک أربعة أشهر فقط ، کما لاحظ ان أقصی فأرعاش 965 یوما ًبینما المتدّ العمربفئران (النظام الغذائی) إلی مدد أطول بکثیر، کما انّها بقیت شابة وفتیة و نادرا ً ما تصاب بالأمراض ، وکانت أذکی من أفراد صنفها .

وقد أجریت هذه التجارب علی حیوانات أخری کالأسماک و«Rmpnien» وأعطت نتائج مشابهة.

ان التخمتة والافراط فی تناول الطعام له آثاره فی قصرالعمر، وبالمقابل فإن سوء التعذیة له نفس الآثارالمدمرة ، وإذن فالاعتدال هوالطریق المثالی فی ذلک .

ظاهرة الشیخوخة

س : ماذا تعنی الشیخوخة ؟

ج : تصاب بعض الأعضاء الأساسیة فی البدن کالقلب والکبد والمخ والغدد بالإنهاک والإجهاد ،فتصبح عاجزة عن إنجازوظائفها علی الوجه المطلوب ، ویبدو ذلک فی الاحساس بالضعف العام.

س :ما هی عوامل الشیخوخة ؟

ج : یصاب المرء بالشیخوخة فی سنین معینة ؛ وهی ان کانت تظهرفی فترات معینة ولکن ذلک لا یعدّ سببا ًلها ، فالشیخوخة لیست مرحلة زمنبة ؛ بل ظاهرة جسدیة یمرّ بها الإنسان عادة ، حیث تصاب أعضاء الجسم بالضعف والعجز عن القیام بوظیفتها بالشکل المطلوب ، فمثلا ًبضعف الجهازالهضمی عن اداء مهامه ، ثم یسری ذلک إلی بقیة انحاء الجسم فتتراجع القدرة الجنسیة ، کما یحدث ارتباک فی الذاکرة خاصّة فی تذکرالأسماء ، ولکنا نشاهد فی بعض الأحیان وصفاءً روحیا ًبالرغم من الضعف الشدید فی الجسد ، ومن هنا یمکن القول ان الشیخوخة لیست علة بل هی معلومة ، فمن الممکن أن تجد اشخاصا ًمعمرّین یتمتعون بحیویة کاملة ، وفی المقابل نراحظ أفرادا ًیعانون من الشیخوخة وهم فی سنّ مبکره .

س : ما هی بواعث هذا العجزفی الجسد ؟

ج : یولد الإنسان وفی جسمه أعضاء لها قابلیة العمل متأثرة بالعامل الوارثی ، ثم تتعاقب المؤثرات الأخری کالبیئة والتغذیة واسلوب الحیاة ، ومبدئیا ًإذا کان کلّ شیء یسیرعلی ما یرام فمن الممکن استمرارالإنسان فی حیاته ، ولکن عند مات تأثرأجهزة الجسم أوأحدها فإنّ الآثارسرعان ما تشمل سائرالجسد ، فالإنسان یعیش فی بیئة ویقاوم هجمات الجراثیم فی الخارج والسموم فی الداخل ، وهذا له تأثیره الضارّبالخلیا الحیة .

وجسم الإنسان یضم مختلف أنواع النشاط الحیوی ، إذ یتوجب علیه تموین جمیع انحائه باغذاء الکافی والطاقة واللارمة ، وفی نفس الوقت یصدّ هجمات الجراثیم والفیروسات وفی الوقت نفسه یقوم بإصلاح الأجزاء التالفة ، وطرد السموم ، ونقل الاغاثات إلی الأعضاء المصابة بالعجز، انّه فی حرب مستمرة مع أعداء مختلفین وتواجهه التحدیات فی کلّ لحظة ، ولذ فإن علیه أن یکون فی حالة انذاردائمة.

یستمد الجسم قدرته من الطاقة الناجمة عن الغذاء اللازم وذلک لتوفیر کلّ ما یحتاجه البدن من وسائل الدفاع ، علی انّ الإنسان ومع بالغ الأسف لا یعرف حاجات جسمه ، وبالتالی فإنّه یخذله فی معرکته مع الأعداء ، بل انّه یزید الطین بلة عند ما یتناول أشیاء تخدم العدووتفتح الطریق أمام غارات الجراثیم وفی المقابل تضعف وسائل الدفاع المطلوب ویخسرالجسم نضارته السابقة لتظهرعلیه أعراض الشیخوخة والذبول.

وقد یصاب الجسم بالشیخوخة بسبب الاصابة ببعض الأمراض أوممارسة عادات ضارّة .

ویعتقد «متشنکوف» ان السموم الناجمة عن تخمرمکروبات الأمعاء هی وراء الشیخوخة ولو أمکن تطهیرالأمعاء منها لعاش الإنسان طویلا ً.

وقد نشأ هذا الاعتقاد من نتائج بحوث أجریت حول ذلک ، حیث لوحظ انّ نسبة المعمرین تزداد فی بلاد «البلقان» خاصة فی «بلغاریا» وفی «ترکیا» والقوقاز؛ ووجدانّ تناول اللبن الرائب هوالسبب فی ذلک لاحتوئه علی مادّة «أسید لاکتیک» الذی یقضی علی تلک المکروبات.

ومن البدیهی انّ طول أعمارالذین یعیشون فی تلک المناطق الجبلیة لا یتوقف فقط علی نوع الغذاء ، بل هناک عوامل الوراثة والبیئة واسلوب الحیاة ، وهذا ما نشاهد له نظیرا ً فی سکان المناطق الجبلیة من ایران أیضا ً.

س : هل من المحتمل ان یکتشف الإنسان مستقبلا ًدواءً یعزز من قدرة الجسم فی المقاومة ویمنع حدوث الشیخوخة ؟

ج : انّ العلم ما یزال یحبوفی أول الطریق ، ومن المحتمل جدا ًأن یتمکن الانسان من ذلک فی المستقبل .

 

طول عمر الإمام

س : یعتقد الشیعة انّ الإمام المهدی هوابن الامام الحسن العسکری وقد ولدسنة 255ه أو256وهوحیّ غائب منذ ذلک الوقت ، ومن المحتمل ان یعیش قورنا ًأخری من الزمن ، فما هو رأی علم الأحیاء فی ذلک ؟

ج : انّ العلم لا یرفض ذلک مبدیا ًوإذا أراد ذلک فإنّ الأمریتطلب أدلة علمیة یمکنها أن تقند المسألة ؛ علی انّ علم الأحیاء یزخربنماذج کثیرة فی ظاهرة امتداد العمروهذه أمثلة :

- فی عالم النباتات توجد شجرة السکویا «Sequoia» المعرة فی کالیفورنیا بامریکا الشمالیة ، ویبلغ ارتفاع بعضها «3000» ومحیط جذعها «119» أقدم ، وقد یتجاوزعمربعضها خمسة آلاف عام حتی یمکن القول انها کانت طریة وفتیة یوم شرع الفرعون «خوفو» ببناء الأهرام فی مصروکان محیط جذعها یبلغ قدما ًواحدا ًیوم ولد المسیح (علیه السلام) . ففی المتحف الطبیعی فی «Kensington» یوجد مقطع عرضی لجذع شجرة من هذا النوع تدعی «Scqneiagigenta» وفیه 1335حلقة مما یدلّ علی انّ عمرها یبلغ نفس هذا العدد من السنین . (1)

وفی أمیرکاتوجد شجرة صنوبرفی کالیفورنیا ما تزال حیة حتی الآن ویبلغ عمرها الحالی أکثرمن أربعة آلاف وستمئة عام واسمه«pinasaristata».
 

وفی عالم الحیوان یوجد نوع من السالحف فی جزیرة «کالاپاکوش» وهی بعمر177عام وفی وزن 450 باوند ویبلغ سمک جلدها أربعة أقدام .(2)

- کشفت الحفریات فی مصر القدیمة وفی مقبرة الفرعون الشابّ «توت عنخ آمون» حبوبا ًمن القمح یعود تاریخیها إلی ثلاثة أو أربعة آلاف عام ، وقد شاهدتها بعینی ، ثم فرأت فی الصحف والمجلات حول استنباتها وأنّها اخضرت ونمت وأثمرت ، وهذا دلیل علی احتفاظها بالحیاة کلّ هذه القرون الطویلة.

- وتعدّ الفیروسات عن من أقدم الکائنات الحیة ، وهی کما هومعروف تسبب العدید من الأرض کالزکام والانفلونزا والحمی ، وقد دلت التنقیبات علی انّها عاشت فی عصورما قبل التاریخ وربما قبل 000/100 سنة ، وهی تفقد آثارالحیاة بالرغم من انّها تبدومیتة. (3)

- نشرت الصحف مؤخراً ان الحفریات فی سیبریا کشفت عن نوع من الکائنات الحیة أکثر، وعند ما وضع فی ظروف مساعدة عاودته الحیاة مرّة أخری بعد فترة طویلة من الانجماد.

- من الطریق التی یمکن فیها اطالة عمر الکائن الحّی ، وهویستغرق کلّ فترة البرد أوفترة الحرّ. وفی مدّة «البیات» هذه تنتفی حاجة الکائن الحّة إلی الغذاء وتتضاءل عملیة الاحتراق والبناء ثلاثین مرۀة ؛ ویتوقف مؤقتا ًجهازالتنظیم الحراری ویبفی الحیوان غیرمتأثرلدی انخفاض درجة حرارة المحیط .

 

حیث تتساوی حرارة جسمه مع حرارة المحیط التی قد تتجاوز الصفر بدرجات ، و تصبح عملیة التنفس بطیئة جدا ً و غیر منتطمة ، وینخفض معدل النبض فی القلب ؛ ففی السنجاب مثلا ًتصبح «17-10» مرّة بینما هی 300 مرّة ، کما یتوقف النشاط العصبی و تتلاشی أمواجه الکهربائیة فی المخ تحت درجة 52-66 درجة فهرنهیت .

کما یمکن لبعض الحیوانات أن تعیش فی المیاه الباردة جدا ًوأن تزاول نشاطها الطبیعی ، کما هوالحال فی الأسماک التی تعیش فی السواحل النزویجیة.

ویمکن أیضا ً حفظ حیاة الکثیر من الخلیا فی حالة انجماد والاستفادة منها فی اللقاح الصناعی ، إضافة إلی تمجید بعض الکائنات الحیة وحفظ حیاتهالوقت الحاجة والقیام بهذا العمل عدّة مرّات دون أن یضرّ ذلک بالکائن الحیّ .

إنّ ظاهرة البیات الشتوی لدی بعض الحیوانات ظاهرة تستدعی الدراسة والتأمل العمیق ویمکن من خلافها اکتشاف أسرار العمرالطویل.

کما أن دراسة الأشجار المعمرة ، واستمرارحیاتها آلاف السنین ، وکذا حیاة الفیروسات سوف یکون لها آثارها الیجابیة فی امکانیة إطالة عمر الإنسان و التغلب علی الشیخوخة . وعلی أمل أن یحلّ ذلک الیوم أقدم لکم خالص تحیاتی


د. أبوتراب النفیسی

عمید کلیة فی جامعة اصفهان.

قال نبیه بعد استراحة وجیزة :

لقد عثرت خلال هذه المدّة علی موضوع شائق مترجم عن الفرنسیة ، وهذا نصّه :

 

مقالة جوستین غلاس

یحدّد علم الأحیاء عمرالکائنات الحیة ما بین عدّة ساعات إلی مئات السنین ، فهناک نوع من الحشرات لا یعیش أکثرمن یوم واحد فقط ، وهناک نوع یعیش عاما ًکاملا ً، علی انّ هناک استثناءات فی نفس النوع تتجاوزالقاعدة فیکون العمرثلاثة أضعاف العمرالطبیعی .

وتوجد فی المانیا مثلا ًشجیرة ورد أحمر عمّرت مئات السنین أکثرمن غیرها من نفس النوع ، و فی المکسیک شجرة سروعمرها 2000 عام ، کما لوحظ ان عمربعض الحیتان یتجاوز1700سنة.

و فی لندن بلغ عمر«توماس بار» الذی ولدفی القرن السادس عشر 297 سنوات ، ویعیش الیوم رجل اسمه «سید علی» وفی قریة من قری الشمال الیرانی وعمره 195 سنة و عمرابنه 129 سنة ویبلغ عمر«لویپوف پوجاک» الروسی 130سنة ، فیما یبلغ عمر«میکوخوبولوف» 141سنة ، و یرجع علماء الأحیاء أسباب ذلک إلی عوامل داخلیة .

وعلی أساس نظریة علم الأحیاء فی تحدید العمر الطبیعی فإن عمر الکائن الحّة یتراوح ما بین سبع مرّات إلی أربعة عشرة مرّة بقد مدّة نضجه.

وبما أنّ مدّة النموفی الإنسان تبلغ 25 سنة فإن عمره الطبیعی وطبقا ًلهذه النظریة یبلغ 280 سنة.

ویمکن عن طریق نظام غدائی مناسب کسرهذه القاعدة والاستمرارفی الحیاة مددا ًأطول : وما یعززهذا الرأی ما نلاحظه فی حیاة النحل ، فبینما لا تعیش العلامات أکثرمن أربعة إلی خمسة شهورتعمّرالملکة ثمانی سنوات لأنهاتتغذی علی مادّة الجلاتین الملکیة.

علی انّ الموضوع لدی الإنسان لیس بهذه البساطة ؛ لأن الإنسان لیمکنه أن یعیش فی مکان خاصّ وفی حرارة منظمة بشکل دقیق کما لا یمکنه الاقتیات علی نوع محدد ّمنا لغذاء وفی ظلّ رعیة کاملة کما هوالحال لدی ملکة النحل .

الإنسان یواجه أخطارا ً عدیدة وهی کما یحدّدها العلماء التسمم الذاتی ، وقلّة الفیتامینات ، و تصلب الشریین ، و فی اعتقاد «جینز» الخبیرالانگلیزی فإن اضطرابا ًأوحدوث خلل فی معدل نسبة الحدید و النحاس و المغنیسیوم و البوتاسیوم فی جسم الإنسان سوف یسبب کارثة تؤدی إلی الموت فی بعض الأحیان.

وفی کلّ هذا لم یذکرالعلماء الشیخوخة کسبب من أسباب الموت.

ویعتقد الطبیب السویدی رئیس الجمعیة العلمیة الامیرکیة لطول العمرانّ الشیخوخة انّما تحصل بسبب التصاق جزیئات من البروتین مع خلیا الجسم تشلّ من نشاطها شیئا ًفشیئا ًإلی ان تسبب الموت ، والدکتورالمذکوربصدد البحث عن مادّة تحول دون هذا الالتصاق ویمکنها إعادة نشاط الجسم وتشغیله من جدید وبالتانی القضاء علی مرحلة الشیخوخة.

وقد تمکن العلماء من إطاعة عمربعض الحیوانات من قبیل الخنزیرالهندی وذلک بإضافة فیتامین «B6» و «أسیدنوکلیک» و«أسید پانتونکسیک» إلی عذائها فزاد عمرهابنسبة 4/46 بالمائة.

و یفکّر العالم الروسی «فیلاتوف» بالإستفاده من الأنسجة المتحللة فی الجسم «کسماد» زراعی فی إعادة تخصیب الجسم لما لها من قدرة مدهشة فی ذلک.

 

و اضافة إلی کلّ هذا توجد بین یدینا قواعد و وصیا یمکنها أحداث زیادة فی العمر، منها فی النظام الغذائی المتّبع وطرق الاسترخاء ، وأصول للتنفس و غیر ذلک . (4)
تحقیقات علیمیة حول العمر

کما الطلعت عی موضوع آخرنشرفی إحدی المجلات الغربیة ترجمت مقتطفات منه :

«یقول علماء مختصون فی هذا المضمار: ان بإمکان الجسم أن أی عضومنه الاستمرار فی الحیاة مدّة غیر محدودة إذالم یتعرّض إلی طارئ خارجی ، وقد تصل المدّة آلاف السنین ، وهذا الرأی لا یستندعلی الحدس أو الخیال بل هونتیجة تجارب علمیة عدیدة.

فقد تمکّن أحد الجرّاحین الاحتفاظ بعضو حیوانی مقطوع مدّة تفوق عمرالحیوان المیت نفسه ، و اذا ما استمر توفیر الغذاء الکافی لهذا العضو فإنه سیستمرفی الحیاة مدّة طویلة.

کما أجری الجرّاح الدکتور«الکسیس کاریل» فی مؤسسة «روکفلر» العلمیة بنیویورک التجربة الآنفة الذکرعلی جزء مقطوع لدجاجة ، وقد استمرت الحیاة فیه مدّة ثمان سنوات ، وأعیدت التجربة علی أعضاء إنسانیة کالمعضلات والقلب والجدوالکلة ، حیث لوحظ استمرارالحیاة فیها مادامت اتغذیة مستمرة.

 

ویقول «ریموند» و «بریل» الاستاذان فی جامعة «جونزهبکنز» : ان الأعضاء الرئیسیة فی جسم الإنسان لها القابلیة عی الدوام والخلود ، وقد ثبت ذلک بالتجارب التی ما تزال مستمرة.

ویبدوأن «جاک لوب» فی مؤسسة «روکلفر» هوأول من انتبه إلی ذلک خلال تجاربه حول بیوض الضفادع حیث وجدأن بعضها یموت سریعا ًفیما یبقی البعض الآخرمددا ًأطول ، مما دفعه إلی اجراء تجاربه حول أعضاء من الضفدعة حیث تمکن من الاحتفاظ بها حیة مدّة طویلة.

وأثبت الدکتور«فرن لویس» بمعونة زوجته إمکانیة الاحتفاظ بأجزاء جنینیة لبعض الطیورحیة فی ماء مالح وإضافة موادّ معینة لنموها.

وقد استنتج الدکتور«کاریل» من خلال تجارب مستفیضة انّ الأعضاء التی أجریت علیها التجارب لا تتعرّض للشیخوخة وانّها تعمرّأکثرمن الحیوان نفسه ، وقد واجه هذا العالم مشاکل عدیدة لدی بدء تجاربه سنة 1912م ولکنه استطاع بمعیة فریقه التغلب علیها والتوصل إلی نتائج مذهلة :

- انّ الخلیا تبقی مستمرة فی الحیاة مالم تدخلها الجراثیم أوینقطع عنها الغذاء.

- انّ الأجزاء الحیة لا تحتفظ بحیاتها فحسب ، بل تنمووتتکاثرکبقیة الأجزاء فی جسم الکائن الحی.

- یمکن التحکم فی النمور والتکاثرعن طریق نسبة الغذاء.

- انّ الأعضاء لا تتأثّر بمرورالزمان ولاتضعف ولا تشیخ ،وهی تنمو باستمرار.

ومن هنا یتّضح انّ ظاهرة الشیخوخة لیست سببا ً بل نتیجة لأسباب أخری.

وأن موت الإنسان لا یتحدّد بمرورسبعین أوثمانین أوحتی مئة من السنین علی حیاته .

انّ جسم الکائن الحّی معقد فی تکوینه وتنوّع أعضائه وان تعرّض عضوما للضعف بسبب مرض ما ، یؤثرعلی سائرالأعضاء الأخری . وهذا ما یؤثرعلی استمرار الحیاة .فهناک من یموت فی سنّ الطفولة وهناک من یعمّرمن قرن.

ومتی ما تمکن العلم من حمیة الجسم من هجمات الجراثیم ویقاف التسمم ویصال الغذاء الکافی للأعضاء فإنّ باستطاعة الإنسان أن یعیش مدّة طویلة جدا ًکما هوالحال فی بعض الأشجارالمعمّرة ، وبالطبع لیس من المتیسّرللعلم فی الوقت الخاضرأن یحقق ذلک ، ولکنه قد یمکنه أن یضاعف من متوسط حیاة الإنسان وجعله یعیش مدّة طویلة نسببا ً.

وقد ذکرعالم انگلیزی فی بحث له : انّ العلماء قد تمکنوا عن مضاعفة عمرحشرة الفاکهة تیعمئة مرّة بقدرعمرها الطبیعی وذلک بحمیتها من الجراثیم والسموم وتوفیر ظروف مناسبة.

المهندس : لقد عثرت علی بحوث ممتعة حول السرّفی طول العمر وبواعث الشیخوخة والموت... ولکن الوقت لا یسمح یبدو لذا أؤجل استعراضها إلی اللقاء القادم .

 

(1) دائرة المعارف الآمریکیة ج17ص463.
(2) دائرة المعارف الأمیرکیة ج17ص463.
(3) جریدة اطلاعات .
(4) عن مجلة کونستلیسن الفرنسیة 1963.