العصمة قبل فترة الإمامة:
هناک جدل قائم حول عصمة الإمام قبل فترة تصدّيه لهذه المسؤولية ، فهل إن الامام مصون عن الخطأ ، معصوم عن الذنب حتي قبل أن يصبح إماماً ، أم أنّه کسائر البشر في فترة ما قبل الامامة؟
يقول البعض ان الضرورة تقتضي عصمة الإمام في فترة إمامته فقط ، و انّه لا ضرورة لعصمة قبل الإمامة ، و من الممکن أن يکون الامام معرضا ً للخطأ والمعصية في زمن ما قبل الإمامً ، فإذا أصبح إماما عصمه الله عن الذنب و حصّنه عن المعصية؛ فالضرورة لا تقتضي ذلک إلّا في فترة الإمامة فقط.
و في مقابل هذا الفريق يقول فريق آخر ان العصمة لازمة في النبي مدي الحياة ، منذ الولادة و حتي الوفاة.
وأمام هذين الرأيين ينبغي استعراض أدلة العصمة و الاستفادة من مداليلها في هذه القضية.
فمعطيات الدليل الأوّل هي وجود فرد کامل تتجسّد فيه کمالات الإنسانية الممکنة بشکل فعلي ليکون مثالا ً حيّاً علي إمکانية الکمال لدي البشر ، و هذا يؤکد علي وجود الإمام في متن الصراط المستقيم ، کما قلنا ، و هو يؤکد تماما ً عصمته حتي قبل إمامته.
فالإمام مثال إنساني کامل و نموذج حيّ ، و لو افترضنا إمکانية عدم عصمته واحتمال المعصية فيه و ان کان في مطلع عمره ، فسوف يخلّ بهذا الجانب الهامّ في إمامته مستقبلا ً. هذابالنسبة للدليل الأوّل أما الدليل الثاني و الثالث فليست لهما معطيات ما في المسألة لأن الإمام قبل تصديه للإمامة ليس في مقام التبليغ للرسالة و لامسؤولا ً عن تطبيقها و إقامة دين الله.
وحول الدليل الرابع فإن استلاب عصمة الإمام قبل إمامته و الطعن في تاريخ الإمام قبل تصديه لمسؤوليته سوف يخدش الثقه المطلوبة التي يحتل بهاقلوب الناس ، و التأثير في نفوسهم.
وستبقي صورته مقترنة بأعماله السابقة التي سيلقي ظلالها السوداء علي کلّّ کلمة يقولها و کلّّ عمل يقوم به ، و ربما يتهامس البعض أن هذا الذي يعظنا و يرشدنا اليوم قد فعل و فعل بالأمس ، و هذا الذي ينهانا عن المعاصي قد ارتکب ماارتکب منها في السابق.
وعلي کلّّ حال فإن الإمامة أمر حسّاس ، و إن العصمة جانب جوهري فيها علي امتداد عمر الإمام الذي ينبغي أن يکون مثالاً ، من المهد إلي اللحد. ومن الناحية الإستدلالية لايمکن التعويل کثيرا ً علي هذا الدليل ؛ لأنّه لا يعدو أن يکون کلامياً و يبقي الدليل الأول هو الأساس في الدلالة علي عصمة الإمام حتي قبل فترة الإمامة.