پایگاه اطلاع رسانی آیت الله ابراهیم امینی قدس سره

الدرس السادس عشر عدل الله (1)

 الدرس السادس عشر
عدل الله (1)

الله سبحانه عادلٌ، لا یظلم أحداً، و لا یصدُر منه عملٌ قبیحٌ.. بل کلُ أعمالِه و أفعالِه تقوم علی الحکمة و المصلحة.. لا یترک أعمال المحسنین الصالحة من دون ثواب.. و لا اعمال المسیئین الطالحة دون عقاب... لا یُخلف الوعدَ ... لا یکذب.. لا یُدخِل الابریاء نار جهنم و لا المجرمین الجنة.. و ذلک بدلیلین.

الدلیل الأوّل: أنّ الذی یظلم أو یرتکب عملاً قبیحاً لا یخرج عن إحدی ثلاث صور: إمّا أنّه لا یدرک قُبح و شناعة ذلک العمل، و لذلک یرتکب الظلَم..

و إمّا أنّه یعلم بقبح الظلم، ولکن یری فی أیدی الآخرین ما لا یملکه هو، فیکون محتاجاً إلیه، و لهذا یظلمهم حتی ینتزع أموالهم و حصیلة جهودهم.

فربّ العمل الذی یظلم عماله، و یضیّع حقوقهم، او الظالم الذی یتجاوز علی حقوق الضعفاء یرتکب الظلم لأنّه یری نفسه ناقصاً من جهة المال و القدرة، و یرید من خلال إغتصاب الأموال و انتزاع حصیلة جهودهم تکمیل نقصانه، و رفع احتیاجه...

و إمّا أنّه عارفٌ بقبح الظلم، و لیس هو بحاجة الی شیء ولکنه یرتکبه من باب اللهو و اللعب، أو علی سبیل التشفّی و الانتقام.

إنّ کل ظالم لا بّد أن یکون مندفعاً إلی ارتکاب الظم بأحد هذه الدوافع، ولکنّ ربَّ العالمین لا یظلم، لأنّه لا یُتَصوّر فی حقّه الجهل، بل هو مطلّع علی جمیع المصالح و المفاسد، و عارف بلکه جهات الحسن و القبح فی الاشیاء.. إنّه غنیٌّ غِنیَّ مطلقاً، و لا یحتاج إلی أیّ شیء و إلی أیّ عمل.. لا یصدر منه أیّ لغوٍ أو باطل.. و لهذا فلا یتصَّور صدور الظلم منه قط.

الدلیل الثانی: إنّ عقلَنا یدرک أنّ الظلم و الحیف أمرُ قبیح مذمومٌ، و هذا الأمر یتفق علیه جمیع العقلاء أیضاً.

و قد نهی الله تعالی أیضاً عن الظلم و عن الاعمال القبیحة، عن طریق أنبیائه و أصفیائه.. و علی هذا الاساس کیف یمکنُ أن یرتکبَ الله عملاً یستقبحه جمیعُ العقلاء کما انه نهی عنه أیضاً.

طبعاً لیس کلُ البشر سواء... و لیسوا فی مستویً واحدِ... بل هناک تفاوتٌ بینهم من حیث الفقر و الغنی، و القبح و الجمال، و الفهم و البلادة، و السَلامة والعیب.. فبعض الاشخاص مُبتَلون بمشاکلَ شدیدة.. کما أنّ هناک الکثیر من المصائب اُلمّرة و الامراض الصعبة العلاج التی یتعرض لها بعض الأشخاص، و جمیع هذه الاُمور ناتجة عن سلسلة من العلل و العوامل الطبیعیّة، و هی تلازم عالم المادّة و المادِیّات، و تعتبر من خصائصها.. و لا مناصَ فی نظام الخَلق المادیّ من هذا الأمر.

إنّ للعوامل الطبیعیّة، و أحیاناً للانسان نفسه دخل فی وجود هذه الحالات و الاوضاع، ولکن علی کل حالٍ لا یمنع ذلک عن اسباغ الفیض من جانب الله تعالی... فکلُّ موجودٍ یکتسب من ذلک الفیض بقدر استعداده، و بقدر مساعدة العلل، و الظروف الطبیعیّة له.

إنّ الله لا یکلّف أحداً اکثر من طاقته و استطاعته.

إن جهودَ الاشخاص و سعیهم لا یذهب هدراً أبداً... و إنّ طریق التقدّم و الرقیّ مفتوح أمام کلِ شخص، بقدر ما تساعده الظروفُ و الاوضاعُ قال الله تبارک و تعالی:

(إِنَّ اللَّهَ لا یَظْلِمُ النَّاسَ شَیْئاً وَ لکِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ یَظْلِمُونَ)(1).

هذا و سیأتی فی الدرس التالی توضیح آخر حول «العَدل».

فَکِّروا واجیبوا

1ـ ماذا یعنی عدلُ الله؟

2ـ وضِّحوا الدلیلَ الأوّل علی عَدلِ الله؟

3 ـ ما هو الدّلیل الثّانی علی ذلک؟

 

1 . یونس ـ 44.