میلاده
ولد الحجة بن الحسن فی النصف من شعبان سنة 255 ه فی مدینة « سامراء ».
اسمه محمد وکنیته کنیة النبی صلىاللهعلیهوآله ( أبو القاسم ) ، أبوه الامام الحسن العسکری واسم امّه « نرجس » وکان له من العمر خمس سنین لما رحل والده مسموماً شهیداً.
ولقد أتاه اللّه الحکم صبیاً فکان اماماً فی الخامسة من عمره کما کان یحیى بن زکریا من قبل وکما أوتیها عیسى وهو فی المهد[548].
وألقابه: الحجة ، القائم ، المهدی ، الخلف الصالح ، صاحب الزمان والصاحب[549].
الذین رأوه فی صباه
وقد أوردت الأخبار والروایات أسماء العدیدین ممن رأوا الامام المهدی بعد ولادته وفی فترة طفولته ، وقد کان أبوه الامام الحسن العسکری یطلع أصحابه المقرّبین على ابنه بعد ولادته وفیما یلی طائفة بأسماء الذین رأوه وفی طلیعتهم السیدة حکیمة عمة الامام الحسن العسکری انی شهدت ولادة الامام المهدی فی لیلة الخامس عشر من شعبان.
تقول السیدة حکیمة بنت الامام محمد الجواد علیهالسلام: انها رأت القائم علیهالسلام لیلة مولده وبعد ذلک[550].
وعن محمد بن اسماعیل وکان اسنّ شیخ من ولد رسول اللّه صلىاللهعلیهوآله بالعراق قال: رأیت ابن الحسن بن علی بن محمد بن المسجدین وهو غلام[551].
وعن الفتح مولى الزراری قال: سمعت أبا علی بن مطهر یذکر انه رآه ووصف له قدّه[552].
وقال أبو غانم الخادم: ولد لأبی محمد علیهالسلام ولد فسمّاه محمداً فعرضه على أصحابه فی الیوم الثالث وقال:
هذا صاحبکم من بعدی وخلیفتی علیکم وهو القائم الذی تمتد الیه
الأعناق بالانتظار فاذا امتلأت الأرض جوراً وظلماً خرج فملأها قسطاً وعدلاً[553].
وروى أبو جعفر العمری قال: لما ولد السید علیهالسلام قال أبو محمد علیهالسلام ابعثوا الى أبی عمرو ( وکیل الامام علیهالسلام ) فقال ( له ):
اشتر عشرة آلاف رطل خبزاً وعشرة آلاف رطل لحماً وفرّقه ( وزعه ).
قال الراوی: احسبه ( الامام ) قال: على بنی هاشم وعق عنه بکذا وکذا شاة.
عن محمد بن الحسن الکرخی قال: سمعت أبا هارون رجلاً من أصحابنا یقول: رأیت صاحب الزمان علیهالسلام وکان مولده یوم الجمعة سنة ست وخمسین ومئتین[554].
وقال محمد بن ابراهیم الکوفی: ان أبا محمد علیهالسلام بعث الى بعض من سمّاه لی بشاة مذبوحة قال: هذه من عقیقة ابنی محمد.
وقال حمزة بن أبی الفتح: جاءنی یوماً فقال لی البشارة ولد البارحة فی الدار مولود لأبی محمد علیهالسلام وأمر بکتمانه قلت وما اسمه؟
قال: سمی بمحمد[555].
وقال الحسن بن الحسین العلوی: دخلت على أبی محمد الحسن بن علی بسرّ من رأى فهنأته بولادة ابنه القائم[556].
وقال ابراهیم صاحب أبی محمد علیهالسلام: وجّه الیّ مولاى بأربعة أکبش وکتب بسم اللّه الرحمن الرحیم عق هذه عن ابنی محمد المهدی وکل هنّأک واطعم من وجدت من شیعتنا.
النصوص على امامته
یقول الشیخ المفید: وکان سنّه عند وفاة أبی محمد خمس سنین أتاه اللّه فیها الحکمة وفصل الخطاب وجعله آیة للعالمین وأتاه الحکمة کما أتاها یحیى صبیاً وجعله اماماً فی حال الطفولیة الظاهرة کما جعل عیسى بن مریم علیهالسلام فی المهد نبیا وقد سبق النص علیه فی ملّة الاسلام من نبی الهدى صلىاللهعلیهوآله ثم من أمیرالمؤمنین علی بن أبی طالب علیهالسلام ونص علیه الأئمّة علیهمالسلام واحداً بعد واحد الى أبیه الحسن علیهالسلام ونص أبوه علیه عند ثقاته وخاصّة شیعته[557].
ویقول الشیخ رحمهالله فی مضمار الدلیل على امامته سلام اللّه علیه:
ومن الدلائل على ذلک ما یقتضیه العقل بالاستدلال الصحیح من وجود امام معصوم کامل غنی عن رعایاه فی الأحکام والعلوم فی کل زمان لاستحالة خلو المکلفین من سلطان یکونون بوجوده أقرب الى الصلاح وأبعد من الفساد وحاجة الکل من ذوی النقصان الى مؤدب للجناة مقوم للعصاة رادع للغواة معلم للجهال منبّه للغافلین محذّر من الضلال مقیم للحدود منفذ للأحکام فاصل بین أهل الاختلاف ناصب لأمراء ساد للثغور حافظ للأموال حام عن بیضة الاسلام جامع للناس فی الجمعات والأعیاد وقیام الأدلّة على انه معصوم من الزلاّت لغناه عن الامام بالاتفاق واقتضاء ذلک له العصمة بلا ارتیاب ووجوب النص على هذه سبیله من الأنام أو ظهور المعجز علیه لتمیزه ممن سواه وعدم هذه الصفات من کل أحد سوى من اثبت امامته أصحاب الحسن بن علی وهو ابنه المهدی على ما بیناه وهذا أصل لن یحتاج معه فی امامة الا روایة النصوص وتعداد ما فیها من الاخبار لقیامة بنفسه فی قضیة العقول وصحته بثابت الاستدلال. ثم قد جاءت روایات فی النص على ابن الحسن علیهالسلام من طرق ینقطع بها الاعذار[558]. روى احمد بن اسحاق بن سعد الاشعری قال: دخلت على ابی محمد الحسن بن علی العسکری وأنا أرید أن أسأله عن الخلف من بعده فقال لی مبتدئاً:
ـ یا احمد بن اسحاق ان اللّه تبارک وتعالى لم یخل الارض منذ خلق آدم ولا یخلیها الى ان تقوم الساعة من حجة اللّه على خلقه ، به یدفع البلاء عن أهل الأرض وبه ینزل الغیث وبه یخرج برکات الارض.
فقلت له:
ـ یا ابن رسول اللّه فمن الخلیفة والامام بعدک؟
فنهض مسرعاً فدخل البیت ( الحجرة ) ثم خرج وعلى عاتقه غلام
کأن وجهه القمر لیلة البدر من ابناء ثلاث سنین وقال:
ـ یا أحمد بن اسحاق لولا کرامتک على اللّه وعلى حججه ما عرضت علیک ابنی هذا ، انه سمی رسول اللّه صلىاللهعلیهوآله وکنیّه ، الذی یملأ الأرض قسطاً وعدلاً کما ملئت جوراً وظلماً ؛ یا احمد ابن اسحاق ! مثله فی هذه الامة مثل الخضر ومثله ذی القرنین ؛ واللّه لیغیبنّ غیبة لا ینجو من الهلکة فیها الاّ من ثبّته اللّه على القول بامامتهم ووفقه للدعاء بتعجیل الفرج.
فقلت له:
ـ یا مولای فهل من علامة یطمئنّ الیها قلبی؟ !
فنطق الغلام بلسان عربی فصیح فقال:
ـ أنا بقیة اللّه فی أرضه والمنتقم من اعدائه فلا تطلب أثراً بعد عین یا احمد بن اسحاق !
فخرجت مسروراً فرحاً فلما کان من الغد عدت الیه فقلت له:
ـ یا ابن رسول اللّه لقد عظم سروری بما مننت علیّ فما السنة الجاریة فیه من الخضر وذی القرنین !
فقال علیهالسلام:
ـ طول الغیبة یا أحمد !
فقلت له:
ـ یا ابن رسول اللّه وإنّ غیبته لتطول؟ !
قال علیهالسلام:
إی وربّی حتى یرجع عن هذا الأمر أکثر القائلین به فلا یبقى الاّ من
أخذ اللّه عهده بولایتنا وکتب فی قلبه الایمان وأیّده ؛ یا احمد بن اسحاق هذا أمر من اللّه وسرّ من سرّ اللّه وغیب من غیب اللّه فخذ ما آتیتک واکتمه وکل من الشاکرین[559].
وقال محمد بن علی بن بلال: خرج إلى من أبی محمد الحسن بن علی قبل مضیه ( وفاته ) بسنتین یخبرنی بالخلف من بعده ثم خرج إلیّ من قبل مضیّة بثلاثة أیام یخبرنی بالخلف من بعده[560].
وقال عمرو الاهوازی: أرانی ابو محمد ابنه وقال:
ـ هذا صاحبکم بعدی[561].
وروى جماعة من اصحاب الامام الحسن العسکری فیهم محمد بن عثمان العمری.
قالوا: عرض علینا ابومحمد ابنه ونحن فی منزله وکنا اربعین رجلاً فقال علیهالسلام:
ـ هذا امامکم من بعدی وخلیفتی علیکم فاتبعوه واطیعوا أمره ولا تتفرقوا فتهلکوا فی ادیانکم أما انکم لاترونه بعد یومکم هذا.
فخرجنا من عنده فما مضت الاّ ایام قلائل حتى مضى أبومحمد[562] وقال موسى بن جعفر البغدادی: سمعت أبا محمد الحسن بن علی علیهالسلام یقول:
ـ کأنی بکم وقد اختلفتم بعدی فی الخلف منی أما ان المقرّ بالائمة بعد رسول اللّه صلىاللهعلیهوآله المنکر لولدی کمن أقرّ بجمیع انبیاء ورسله ثم انکر نبوة محمد رسول اللّه صلىاللهعلیهوآله والمنکر لرسول اللّه کمن انکر جمیع الانبیاء لأن طاعة آخرنا کطاعة أولنا والمنکر لآخرنا کالمنکر لاولنا ؛ أما أن لولدی غیبة یرتاب فیها الناس الاّ من عصمه اللّه[563].
وقال محمد بن عثمان العمری: سمعت أبی یقول:
سئل أبو محمد الحسن بن علی علیهالسلام وأنا عنده عن الخبر الذی روی عن آبائه علیهمالسلام « أن الأرض لا تخلو من حجة اللّه على خلقه إلى یوم القیامة ومن مات ولم یعرف إمام زمانه مات میتة جاهلیة »؟
فقال علیهالسلام:
إن هذا حق.
فقیل له:
یابن رسول اللّه فمن الحجة والإمام بعدک؟
فقال علیهالسلام:
ابنی محمد هو الامام بعدی من مات ولم یعرف مات میتة جاهلیة أما أن له غیبة یحار فیها الجاهلون ویهلک فیها المبطلون ویکذب فیها الوقّاتون ثمّ یخرج فکأنی انظر الى الأعلام والرایات تخفق فوق رأسه[564].
وروى أحمد بن الحسن بن اسحاق القمی قال: لما ولد الخلف
الصالح علیهالسلام ورد من مولانا أبی محمد بن علی على جدی أحمد بن اسحاق کتاب واذا فیه مکتوب بخط یده الذی کان یرد به التوقیعات علیه.
ولد المولود فلیکن عند مستوراً وعن جمیع الناس مکتوباً فإنّا لم نظهر علیه الاّ الاقرب لقرابته والمولى لولایته احببنا اعلامک یسرّک اللّه به کما سرّنا والسلام[565].
الأدلّة الاخرى
واضافة الى النصوص المذکورة فثمة أحادیث جمّة حول اثبات ان الأئمّة بعد النبی صلىاللهعلیهوآله اثنا عشر وهذه الأحادیث یمکن تقسیمها الى عدّة مجموعات:
المجموعة الاولى:
ـ الأحادیث الواردة عن الرسول الأکرم صلىاللهعلیهوآله فی أن الخلفاء بعده اثنا عشر وقال صلىاللهعلیهوآله: « کلّهم من قریش » وبهم یقوم الاسلام.
قال عامر بن سعد بن أبی وقاص: « کتبت الى جابر بن سمرة مع غلامی نافع: أن أخبرنی بشیء سمعته من رسول اللّه صلىاللهعلیهوآله قال: فکتب الیّ: انی سمعت رسول اللّه صلىاللهعلیهوآله یوم جمعة عشیة رجم الاسلمی یقول: « لا یزال الدین قائماً الى یوم القیامة أو یکون علیکم اثنا عشر خلیفة کلّهم من قریش »[566].
ویفید هذا القبیل من هذه الأحادیث:
بأن الاسلام باق إلى یوم القیامة.
وإنه خلال هذه المدّة یتعاقب عن خلافة النبی صلىاللهعلیهوآله اثنا عشر خلیفة کلّهم من قریش.
وهناک احتمالات فی مصادیق هذا الحدیث تفتقد الى الاقناع المطلوب باستثناء العقیدة الامامیة فی الأئمّة الاثنی عشر فهم جمیعاً من قریش من بنی هاشم أولهم علی علیهالسلام وآخرهم المهدی علیهالسلام محمد بن الحسن العسکری الذی غاب عن الانظار والذی سیظهر عند ما یأذن اللّه تبارک وتعالى له بالظهور.
المجموعة الثانیة:
وهی الأحادیث التی تذکر ان عدد الأئمّة اثنا عشر وأنّ آخرهم القائم و « المهدی ».
عن الصحابی الجلیل سلمان الفارسی قال: دخلت على النبی صلىاللهعلیهوآله واذا الحسین على فخذه وهو یقبّل عینیه ویلثم فاه ویقول: « أنت سیّد ابن سیّد أبو سادة ، أنت امام ابن امام أبو أئمّة ، أنت حجة ابن حجة أبو حجج تسعة من صلبک تاسعهم قائمهم[567].
وروى الصحابی المعمّر جابر بن عبداللّه الأنصاری انه قال للنبی صلىاللهعلیهوآله:
یا رسول اللّه ومن الأئمّة ولد علی بن أبی طالب؟
فقال صلىاللهعلیهوآله:
« الحسن والحسین سیدا شباب أهل الجنة ثم سیّد العابدین فی زمانه علی بن الحسین ثم الباقر محمد بن علی ستدرکه یا جابر فاذا أدرکته فاقرأ منی السلام ثمّ الصادق جعفر بن محمد ثم الکاظم موسى بن جعفر ثم الرضا علی بن موسى ثمّ التقیّ محمد بن علی ثمّ النقی علی بن محمد ثمّ الزکی الحسن بن علی ثمّ ابنه القائم بالحق مهدی امتی الذی یملأ الأرض قسطاً وعدلاً وجوراً »[568].
وعن سهل بن سعد الأنصاری قال: سألت فاطمة بنت رسول اللّه عن الأئمّة؟
فقالت:
کان رسول اللّه صلىاللهعلیهوآله یقول لعلی علیهالسلام: أنت الامام والخلیفة بعدی وأنت أولى بالمؤمنین من أنفسهم فاذا مضیت فابنک الحسن أولى بالمؤمنین من أنفسهم فاذا مضى الحسن فالحسین أولى بالمؤمنین من أنفسهم فاذا مضى الحسین فابنه علی بن الحسین أولى بالمؤمنین من أنفسهم فاذا مضى علی فابنه محمد أولى بالمؤمنین من أنفسهم فاذا مضى محمد فابنه جعفر أولى بالمؤمنین من أنفسهم فاذا مضى جعفر فابنه موسى أولى بالمؤمنین من أنفسهم فاذا مضى موسى فابنه علی أولى بالمؤمنین من أنفسهم فاذا مضى علی فابنه محمد أولى بالمؤمنین من أنفسهم فاذا مضى محمد فابنه علی
أولى بالمؤمنین من أنفسهم فاذا مضى علی فابنه الحسن أولى بالمؤمنین من أنفسهم فاذا مضى الحسن فابنه القائم المهدی أولى بالمؤمنین من أنفسهم یفتح اللّه به مشارق الأرض ومغاربها[569].
المجموعة الرابعة:
الأحادیث التی تذکر أن الأئمة الاثنا عشر کلهم معصومون.
روى أبوالطفیل عن علی علیهالسلام قال: قال رسول اللّه صلىاللهعلیهوآله:
« أنت الوصی على الأموات من أهل بیتی والخلیفة على الاحیاء من امتی.
حربک حربی وسلمک سلمی ، أنت الامام أبو الأئمة احد عشر من صلبک أئمة مطهّرون معصومون ومنهم المهدی الذی یملأ الأرض قسطاً وعدلاً فالویل لمبغضیهم »[570].
المجموعة الخامسة:
الأحادیث التی تؤکد استمرار أهل البیت الى یوم القیامة.
عن علی علیهالسلام قال:
« قال رسول اللّه صلىاللهعلیهوآله: النجوم أمان لأهل السماء فاذا ذهبت النجوم ذهب أهل السماء وأهل بیتی أمان لأهل الأرض فاذا ذهب أهل بیتی ذهب أهل الأرض »[571].
وروى عبداللّه بن سلیمان العامری عن أبی عبداللّه الامام الصادق علیهالسلام انه قال:
« ما زالت الأرض للّه فیها حجة یعرف الحلال والحرام ویدعو الناس الى سبیل اللّه »[572].
وقال أبو حمزة: قلت لأبی عبداللّه ( الصادق ): اتبقى الأرض بغیر امام؟
فقال علیهالسلام:
« لو بقیت الأرض بغیر امام لساخت »[573].
وقال الوشاء: سألت الرضا علیهالسلام:
ـ هل تبقى الارض بغیر امام؟
قال:
ـ لا.
قلت:
ـ إنّا نُروى: « انها لا تبقى الاّ ان یسخط اللّه على العباد؟ ».
قال علیهالسلام:
ـ لا ؛ إذاً لساخت.
والاحادیث من هذا القبیل کثیرة ویستفاد منها ضرورة وجود الانسان الکامل والذی هدف الخلیقة وعلى وجوده تتوقف الحیاة
واستمرارها والارض وأهلها وان اللّه لا یخلی الارض من حجته ومن وجود الامام المعصوم والانسان الکامل وزماننا هذا لیس بدعاً من الازمنة الاّ ان الامام المعصوم فیه غائب عن الانظار.
وفی هذا ما یؤید العقیدة الامامیة الیّ تذهب الى ان الامام المعصوم الامام بعد الحسن العسکری علیهالسلام هو ابنه الذی ولد فی سنة 255 ه ثم غاب عن الانظار الى أن یأذن اللّه سبحانه بظهوره وانقاذ البشریة مما تعانیه من الظلم والقهر والضلال.
الاخبار المتواترة إلى تبشر بالمهدی والقائم
بشر النبی الاکرم صلىاللهعلیهوآله اصحابه وامّته بظهور المهدی والقائم فی آخر الزمان وذلک بعد امتلاء الارض ظلماً وجوراً واستمر مسلسل البشارة إلى زمان وعصر الامام الحسن العسکری الذی بشر اصحابه بقرب میلاد ابنه المهدی الذی بشر به النبی صلىاللهعلیهوآله.
قال جابر بن عبداللّه الانصاری: قال رسول اللّه صلىاللهعلیهوآله:
« المهدی من ولدی اسمه اسمی وکنیته کنیتی أشبه الناس بی خلقاً وخلقاً ، تکون به غیبة وحیرة تضلّ فیها الامم ، ثم یُقبل کالشهاب الثاقب ، فیملأها عدلاً وقسطاً کما ملئت ظلماً وجوراً »[574].
وعن الامام الحسین علیهالسلام عن أبیه أمیرالمؤمنین علی بن أبی طالب علیهالسلام قال:
« التاسع من ولدک یا حسین: هو القائم بالحق والمظهر للدین والباسط للعدل ».
فقلت له:
ـ یا أمیرالمؤمنین ! وإنّ ذلک لکائن؟
فقال ( أمیرالمؤمنین ):
ـ إی والذی بعث محمداً بالنبوة واصطفاه على جمیع البریّة ! ولکن بعد غیبة وحیرة ، فلا یثبت فیها على دینه الاّ المخلصون المباشرون لروح الیقین الذین أخذ اللّه عزوجل میثاقهم بولایتنا وکتب فی قلوبهم وایّدهم بروح منه »[575].
وبعد أن صالح الامام الحسن بن علی علیهالسلام معاویة لامه الکثیرون فقد جاء عن ابن سعید العقیصا قال: لما صالح الحسن بن علی علیهالسلام معاویة دخل علیه الناس فلامه بعضهم على بیعته فقال علیهالسلام:
ـ اما علمتم انه ما منّا أحد الاّ ویقع فی عنقه بیعة لطاغیة زمانه الاّ القائم الذی یصلّی روح اللّه عیسى بن مریم خلفه ، فان اللّه یخفی ولادته ویغیب شخصه لئلا یکون لأحد فی عنقه بیعة إذا خرج. ذلک التاسع من ولد الحسین بن سیدة النساء ؛ یطیل اللّه عمره فی غیبة ثم یظهره بقدرته فی صورة شاب دون أربعین سنة. وذلک یعلم ان اللّه على کل شیء قدیر[576].
وروى عبداللّه بن شریک عن رجل من همدان قال: سمعت الحسین بن علی بن أبی طالب علیهالسلام یقول:
ـ قائم هذه الامة هو التاسع من ولدی وهو صاحب الغیبة. هو الذی یقسم میراثه وهو حی »[577].
وقال التابعی الشهید سعید بن جبیر: سمعت زین العابدین علی بن الحسین علیهالسلام یقول:
ـ فی القائم سنّة من نوح وهو طول العمر[578].
وروى محمد بن مسلم الثقفی قال: سمعت محمد بن علی ( الباقر علیهالسلام ) یقول:
ـ القائم منّا منصور بالرعب ، مؤید بالنصر تطوى له الارض وتظهر له الکنوز ، ویبلغ سلطانه المشرق والمغرب ویظهر اللّه عزوجل « وَدِینِ الْحَقِّ لِیُظْهِرَهُ عَلَى الدِّینِ کُلِّهِ وَلَوْ کَرِهَ الْمُشْرِکُونَ » فلا یبقى فی الأرض ضراب الاّ وعمّر ، وینزل روح اللّه عیسى بن مریم فیصلّی خلفه[579].
وروى صفوان بن مهران عن الامام الصادق جعفر بن محمد علیهالسلام انه قال:
ـ من أقرّ بجمیع الائمة وجحد المهدی کان کمن اقرّ بجمیع الانبیاء وجحد محمداً نبوّته.
فقیل له:
ـ یابن رسول اللّه ! فمن المهدی من ولدک؟
قال علیهالسلام:
ـ الخامس من ولد السابع یغیب عنکم شخصه ولا یحلّ لکم تسمیته[580] وروى یونس بن عبدالرحمن قال: دخلت على موسى بن جعفر علیهالسلام فقلت له:
ـ یا بن رسول اللّه ! انت القائم بالحق؟
فقال علیهالسلام:
ـ أنا القائم بالحق ؛ ولکن القائم الذی یطهر الارض من اعداء اللّه ، یملأها عدلاً کما ملئت جوراً وظلماً هو الخامس من ولدی له غیبة ( خوفاً على نفسه یرجع طائفة عن القول به ویثبت علیه طائفة ) فطوبى للتائبین على موالاتنا والبراءة من اعدائنا ! أولئک منا ونحن منهم فقد رضوا بنا ائمة ورضینا بهم شیعة ، فطوبى لهم ثم طوبى لهم هم واللّه معنا فی درجاتنا یوم القیامة[581].
وروى الریّان بن ثابت قال: قلت للرضا علیهالسلام: انت صاحب الامر؟
فقال علیهالسلام:
ـ ولکن لست بالذی املأها عدلاً کما ملئت جوراً وکیف اکون ذلک على ماترى من ضعف بدنی ؛ ولکن القائم هو الذی اذا خرج کان فی سنّ
الشیوخ ومنظر الشباب قویّ فی بدنه حتى لو مدّ یده الى أعظم شجرة على وجه الأرض لقلعها ولو صاح بین الجبال لتد کدکت صخورها یکون معه عصا موسى وخاتم سلیمان. ذلک الرابع من ولدی یغیبه اللّه فی سرّه ماشاء اللّه ، ثم یظهره فیملأ به الأرض قسطاً وعدلاً کما ملئت جوراً وظلماً[582].
وروى عبدالعظیم بن عبداللّه بن علی بن الحسین بن زید بن الحسن بن علی بن أبی طالب علیهالسلام الحسنی قال: دخلت على سیدی محمد بن علی بن موسى بن جعفر بن محمد بن علی بن الحسین بن علی بن أبی طالب علیهالسلام وأنا أرید أن أسأله عن القائم ما هو المهدی أو غیره ، فابتد أنی فقال لی:
ـ یا أبالقاسم: إنّ القائم منا هو المهدی الذی یجب أن ینتظر فی غیبته ویطاع فی ظهوره وهو الثالث من ولدی.
والذی بعث محمداً صلىاللهعلیهوآله بالنبوّة وحصّنا بالامامة ! انه لو لم یبق من الدنیا الاّ یوم واحد لطوّل اللّه ذلک الیوم حتى یخرج فیه ، وتعالى ، لیصلح أمره فی لیلة کما أصلح أمر کلیمه موسى ، إذ ذهب یقتبس ناراً فرجع وهو رسول نبی.
ثمّ قال علیهالسلام:
ـ افضل أعمال شیعتنا انتظار الفرج[583].
وروى صفر بن أبی دلف قال: سمعت الامام علی بن محمد بن علی الرضا علیهالسلام یقول:
ـ إن الامام بعدی الحسن ابنی وبعد الحسن ابنه القائم الذی یملأ الأرض قسطاً وعدلاً کما ملئت جوراً وظلماً[584].
وروى احمد بن اسحاق الاشعری قال: دخلت على أبی محمد الحسن بن علی علیهالسلام وأنا أرید ان أسأله عن الخلف من بعده فقال لی مبتدئاً: ـ یا احمد بن اسحاق ! ان اللّه تبارک وتعالى لم یخل الارض منذ خلق آدم ولا یخلیها الى أن تقوم الساعة من حجة اللّه على خلقه به یدفع البلاء من أهل الأرض ، وبه ینزل الغیث وبه یخرج برکات الأرض.
فقلت له:
ـ یا بن رسول اللّه فمن الامام والخلیفة بعدک؟
فنهض علیهالسلام مسرعاً ؛ فدخل البیت ثم خرج وعلى عاتقه غلام کأن وجهه کقمر لیلة البدر ومن ابناء ثلاث سنین فقال:
ـ یا احمد بن اسحاق ! لولا کرامتک على اللّه عزوجلّ وعلى حججه ما عرضنا علیک ابنی هذا انه سمّى رسول اللّه وکنیّه ، والذی یملأ الأرض قسطاً وعدلاً کما ملئت ظلماً وجوراً[585].
ویستفاد من هذه الاحادیث وعشرات مثلها ان الرسول صلىاللهعلیهوآله والائمة المعصومین من بعده کانوا یبشرون بالامام الثانی عشر « المهدی » و « القائم » ومن هنا فقد کانوا یمهدون لظهور الامام المهدی.
التنبؤ بالغیبة
وقد رافقت البشارة بظهور الامام المهدی منذ عهد النبی صلىاللهعلیهوآله الاشاره الى ظاهرة الغیبة فی حیاته حتى یمکن القول ان مسألة الغیبة اقترنت بالمهدویة فی عشرات الاحادیث منذ النبی الاکرم صلىاللهعلیهوآله والى عصر الامام الحسن العسکری علیهالسلام.
قال رسول اللّه صلىاللهعلیهوآله:
« والذی بعثنی بالحق بشیراً لیغیبنّ القائم من ولدی بعهد معهود الیه منی حتى یقول اکثر الناس: ماللّه فی آل محمد جاجة ».
ویشک آخرون فی ولادته. فمن ادرک زمانه فلیمسک بدینه ولا یجعل للشیطان علیه سبیلاً بشکّه فیزیله عن ملّتی ویخرجه من دینی. فقد أخرج ابویکم من الجنة من قبل ؛ وانّ اللّه جعل الشیاطین أولیاء للذین لا یؤمنون[586].
وروى محمد بن مسلم قال: سمعت اباعبداللّه الصادق علیهالسلام یقول:
« اِنْ بلغکم عن صاحبکم غیبة فلا تنکروها »[587].
وعشرات الاحادیث على هذا المنوال.
یقول الشیخ الطبرسی:
« وخلدها ( الغیبة ) المحدثون من الشیعة فی اصولهم المؤلفة فی أیام السیدین الباقر والصادق وأکثروها عن النبی صلىاللهعلیهوآله والائمة واحداً بعد
واحد صح بذلک القول فی امامة صاحب الزمان لوجود هذه الصفة له والغیبة المذکورة فی دلائله واعلام امامته ولیس یمکن احداً دفع ذلک ومن جملة ثقات المحدثین والمصنفین من الشیعة الحسن بن محبوب الزراد وقد صنف کتاب الغیبة باکثر من مئة سنة ذکر فیه بعض ما أوردناه من اخبار الغیبة »[588].
وکتب محمد بن ابراهیم بن جعفر النعمانی الذی ولد فی عصر الغیبة الصغرى وکان للامام المهدی حین ولادته ثمانین وبضع سنین.
ان هذه الغیبة لو لم تکن ولم تحدث مع ذلک ومع ما روی على مرّ الدهور لکان مذهب الامامة باطلاً لکن اللّه تبارک وتعالى صدّق انذار الائمة علیهمالسلام بها وصحح قولهم فیها فی عصر بعد عصر[589].
وقد ألف علماء الامامیة کتباً فی الغیبة قبل ولاده الامام المهدی علیهالسلام وهذه طائفة ممن کتبوا فی هذا الموضوع:
1 ـ علی بن الحسن محمد الطائی وهو من اصحاب الامام موسى الکاظم علیهالسلام الف کتاباً فی الغیبة وکان من الفقهاء الثقاة[590].
2 ـ علی بن عمر الاعرج الکوفی من اصحاب الامام موسى الکاظم علیهالسلام له کتاب فی الغیبة[591].
3 ـ ابراهیم بن صالح الانماطی من اصحاب الامام موسى الکاظم علیهالسلام ألف فی موضوع الغیبة[592].
4 ـ الحسن بن علی بن ابی حمزة الذی عاش فی عصر الامام الرضا علیهالسلام له کتاب فی الغیبة علیهالسلام[593].
5 ـ عباس بن هشام الناشری الاسدی من اصحاب الامام الرضا علیهالسلام له کتاب فی الغیبة[594].
6 ـ علی بن الحسن بن الفضال من اصحاب الامام الهادی والامام العسکری له کتاب فی الغیبة[595].
7 ـ الفضل بن شاذان النیسابوری من اصحاب الامام الهادی والامام العسکری له کتاب فی القائم من آل محمد وغیبته[596].
واستناداً الى ما ورد آنفاً وفی ضوء ما یلی فان موضوع غیبة الامام المهدی أمر قطعی:
الف ) انطلاقاً من الدلیل العقلی الذی تطرّقنا الیه واستناداً الاحادیث الکثیرة الصادرة عن المعصومین فان وجود الامام المعصوم والحجة أمر ضروری لبقاء واستمرار النوع الانسانی وان الحیاة على الأرض لا تستمر الاّ بوجود حجة اللّه وانها لا تخلو من حجة للّه وهو
الانسان الکامل.
ب ) ان الاحادیث التی تصل مستوى التواتر تؤکّد بان عدد الائمة وخلفاء الرسول صلىاللهعلیهوآله اثنا عشر امام معصوم.
ج ) ان الاحادیث وشهادة التاریخ تؤکد ظهور احمد عشر اماماً عاشوا ثم توفاهم اللّه سبحانه ولذا یتوجب التسلیم بمیلاد الامام الثانی عشر الذی بشر بمولده هؤلاء الائمة اماماً بعد امام وانه ابن الامام الحسن العسکری.
مکارمه واخلاقه وخصاله
من المؤسف ان الظروف التی کانت سائدة یومذاک اضطرت الامام الحسن العسکری علیهالسلام الى التکتم على ولادة ابنه الامام الثانی عشر وقد اطلع الامام الحسن المقرّبین منه على وجود المهدی ولهذا فقد عاش الصبی حیاته بعیداً عن المجتمع.
ولقد أتاه اللّه سبحانه الحکمة والعلم بکتابه العزیز کما آتى یحیى بن زکریا وعیسى بن مریم.
قال الامام الباقر علیهالسلام ان العلم بکتاب اللّه عزوجل وسنّة نبیه صلىاللهعلیهوآله ینبت فی قلب مهدینا کما ینبت الزرع على احسن نباته. فمن بقی منکم حتى یراه فلیقل حین یراه: السلام علیکم یا أهل بیت الرحمة والنبوّة ومعدن العلم وموضع الرسالة ! السلام علیک یا بقیة اللّه فی أرضه[597].
وقال الامام الباقر علیهالسلام ایضاً: إذا قام قائمنا وضع یده على رؤوس العباد فجمع بها عقولهم وکملت بها احلامهم[598].
وقال الامام جعفر الصادق علیهالسلام:
« العلم سبعة وعشرون حرفاً فجمیع ما جاءت به الرسل حرفان ، فلم یعرف الناس حتى الیوم غیر الحرفین ، فاذا قام قائمنا اخرج اخرج الخمسة والعشرین حرفاً فبثّها فی الناس وضمّ الیها الحرفین حتى یبثّها سبعةً وعشرین حرفاً ».
ولا یعنی هذا ان علوم الامام المهدی علیهالسلام وما بلغه من درجات الکمال یفوق ما سلف من آبائه فکلّهم سواء فی ما آتاهم اللّه من الفضل والکمال.
الغیبة الصغرى والکبرى
یقسّم علماء الامامیة غیبة الامام المهدی علیهالسلام الى قسمین ؛ الغیبة الصغرى والغیبة الکبرى.
وتبدأ الغیبة الصغرى من مولده سنة 255 ه وحتى سنة 329 ، فالى هذه المدّة کان الامام المهدی غائباً عن انظار شیعته والاّ عن بعض الخواص ومن خلال هؤلاء الذین اطلق علیهم به « السفراء » أو « النواب » یرتبط الامام بقواعده الشعبیة.
وأولهم عثمان بن سعید وهو من اصحاب الامام على الهادی علیهالسلام ثم
الامام الحسن العسکری وهو أحد الذین رأوا الامام المهدی بعد ولادته وخلال الفترة بین سنة 255 الى سنة 260 ه[599].
الثانی محمد بن عثمان بن سعید وقد اصح النائب بعد وفاة والده عثمان حیث عیّن من قبل الامام المهدی علیهالسلام فکان النائب الثانی[600] حیث صدر توقیع من قبل الامام فی ایکال هذه المهمة له[601].
والنائب الثالث هو الحسین بن روح الذی اطلع النائب الثانی محمد بن عثمان قبیل وفاته زعماء الشیعة على نص وتوقیع من الامام بشأن تعیین الحسین نائباً بعد رحیل محمد بن عثمان[602].
والنائب الرابع علی بن محمد السمری وهو أیضاً من ثقاة الشیعة حیث اطلع الحسین بن روح زعماء الشیعة قبیل وفاته على نص وتوقیع صادر من قبل الامام بشأن تعیین علی بن محمد السمری نائباً خاصّاً عنه[603].
وعلی بن محمد هو آخر نواب الامام المهدی علیهالسلام وقد توفی سنة 329 ه وبوفاته تنتهی فترة الغیبة الصغرى وتبدأ الغیبة الکبرى وقد صدر توقیع من قبل الامام المهدی هذا نصّه:
بسم اللّه الرحمن الرحیم:
یا علی بن محمد السمری أعظم اللّه أجر اخوانک فیک فانک میت ما بینک وبین ستة أیام فاجمع أمرک ولا توص إلى أحد فیقوم مقامک بعد وفاتک فقد وقعت الغیبة التامة فلا ظهور الاّ بعد اذن اللّه تعالى ذکره وذلک بعد طول الأمد وقسوة القلوب وامتلاء الأرض جوراً وسیأتی من شیعتی من یدّعی المشاهدة ألا فمن ادّعى المشاهدة فهو کذاب مفترٍ ولا حول ولا قوة الاّ باللّه العلی العظیم[604].
وبهذا تکون مدّة الغیبة الصغرى وفترة النیابة الخاصّة فی حدود أربع وسبعین سنة حیث کان الشیعة یتصلون بالامام من خلال نوّاب معینین من قبل الامام لهذه المهمة وکان الامام یجیب عن أسئلتهم أو مشکلاتهم وربما تقصد توقیعات من لدن الامام فی بعض المناسبات وخاصّة فی القضایا الهامّة.
وقد رأى الناس من الکرامات فی هذه الفترة ادّت الى ترسیخ عقیدتهم بالامام الغائب خلال فترة الغیبة الکبرى حیث لا یوجد أی اتصال مباشر بالامام المهدی علیهالسلام.
وقد بدأت الغیبة الکبرى سنة 329 ه بوفات علی بن محمد السمری وهی الغیبة التی بشر بها رسول اللّه صلىاللهعلیهوآله والأئمّة من آله الأطهار بعده.
یقول اسحاق بن عمار: سمعت أبا عبداللّه ( الامام الصادق ) یقول:
للقائم غیبتان: احداهما طویلة والاخرى قصیرة فالاولى یعلم بمکانه خاصّة من شیعته وأمّا الاخرى فلا یعلم بمکانه فیها الاّ خاصّة موالیه فی دینه[605].
وخلال هذه المدّة قد یصادفه انسان ویراه لکنه لا یعرفه حیث یعیش بین الناس ویمارس حیاته دون یعرفه أحد.
فلسفة الغیبة
ربما یتساءل البعض عن السرّ فی غیاب الامام أفلا یمکنه أن یعیش کما یعیش الناس ویقوم بمهامه فی نشر أحکام الدین وقوانین الشریعة ویسعى إلى تزعم مجتمعة أو امة وقیادتها حتى تتوفر الظروف المواتیة لثورته الکبرى ویقیم حکومته العالمیة ویطوی بساط الظلم ویرفع رایة العدالة الانسانیة فی ربوع العالم.
وفی معرض الجواب عن هذه التساؤلات یمکن القول انها فرضیة جیدة ولکنها لیست قابلة للعمل ولکی یتضح هذا الموضوع نشیر الى بعض النقاط:
1 ـ ان مهمة الامام المهدی الموعود علیهالسلام تختلف عن مهام غیره من الأئمّة الأطهار فلم یکونوا علیهمالسلام مأمورین بالثورة من أجل تأسیس حکومة العدل الالهی ومناهظة الظلم فی کل بقاع الأرض واستخدام القوّة من خلال الثورة المسلّمة لتحقیق تلک الغایة العلیا أما الامام المهدی
المنتظر فهو مکلّف بهذه المهمة الرسالیة الکبرى وقد بشر النبی صلىاللهعلیهوآله والأئمّة الأطهار بهذه المهمّة الخطیرة.
2 ـ ان حکومة الامام المهدی علیهالسلام هی حکومة عالمیة لا تنحصر فی اقلیم معین أو قارّة أو عرق أو قوم وتأسیس حکومة بهذا المستوى لیست مهمة سهلة وانما هی غایة فی الصعوبة وتحتاج الى أرضیة مناسبة على صعیدین: الأول على الصعید العسکری والتفوق التکنولوجی والثانی على صعید الرأی العالم العالمی الذی ینبغی أن یکون مستعدّاً لهکذا حکومة کبرى.
3 ـ لقد ثبت على صعیدی العقل والنقل ضرورة وجود الانسان الکامل الحجة المعصوم فی استمرار الحیاة الانسانیة وان الأرض لا تخلو من وجود هذا الانسان والاّ لساخت بأهلها.
4 ـ انه وفق الأحادیث الکثیرة التی تصل الى حد التواتر فان عدد الأئمّة بالحق والخلفاء بعد الرسول هم اثنا عشر اماماً وقد ولد أحد عشر منهم وعاشوا ثم توفاهم اللّه علیه فان الامام الثانی عشر هو القائم بالحق والمهدی الموعود الذی یجب أن یبقى حیّاً الى یوم القیامة.
5 ـ ان النبی صلىاللهعلیهوآله والأئمّة الأطهار من آله قد بشروا بظهور المهدی علیهالسلام وقیامه وذلک عند ما تمتلأ الأرض ظلماً وجوراً وانه سوف یقضی على کل مظاهر الظلم والقهر ویؤسس حکومة ترفع رایة العدالة الانسانیة فی کل ربوع المعمورة.
فکیف یمکن لانسان یحمل هذه الرسالة الکبرى أن یعیش حیاة
عادیة ویمارس مهام الامامة من دون أن یتعرض له أحد؟
ولو افترضنا انه اعلن عن وجوده فانه سیکون أمام ملایین المستضعفین والمقهورین الذین یطلبون منه القیام بالثورة فاذا استجاب لمطالبهم وأعلن الثورة فانه سیواجه قوى الشر المدججه بکل اسلحة الدمار والقهر من دون ان تکون لدیه القدرة الکافیة على مواجهتها وعدم توفر الظروف لقهرها واذا لم یستجب ستصاب هذه المجموعات البشریة بخیبة أمل وسوف یدمّرها الیأس والاحباط ، لهذا فان الغیاب مع استمرار الأمل هو الطریق والحل الممکن لحین توفر الظروف الملائمة لحرکة الخلاص.
آثار وفوائد الامام الغائب
کنا تطرّقنا فی موضوع ضرورة وجود الامام الى المسؤولیات الملقاة على عاتق الامام وهی:
أولاً: الحفاظ على العلوم والمعارف البشریة.
وثانیاً: نشر هذه العلوم بین المسلمین.
وثالثاً: السعی لتأسیس حکم اسلامی وتطبیق الشریعة الالهیة فی واقع الحیاة وحل المشکلات الاجتماعیة.
وهنا یثار هذا التساؤل اذا کانت ضرورة وجود الامام تبلغ هذا المستوى فما فائدة وجدوى الامام الغائب؟
وفی معرض الجواب نقول:
ان مسألة الحفاظ على العلوم والمعارف والشریعة الاسلامیة لا یوجد فیها أی فرق بین الامام المهدی وسائر الأئمة الأطهار الذین سبقوه.
فالشریعة مصونة لدى الامام المهدی کما جاء بها رسول اللّه صلىاللهعلیهوآله قصیة تامّة لا زیادة فیها ولا نقصان.
أما فی ما یخص المورد الثانی والثالث وعدم انتفاع الأمة من الامام فالتقصیر یعود الى الامة لا الى الامام لأن الظروف غیر مواتیة لقیام حکومة العدل الالهی ما اضطر الامام الى الغیاب اضافة إلى ذلک فلا یوجد دلیل قاطع فی ان الامام لا یسهم بطریقة واخرى فی حلّ ما یعانیه المسلمون من مشکلات سیاسیة واجتماعیة فقد یجد بعض الأشخاص أو المجموعات حلولاً بین أیدیهم فی اوقات الأزمات لا یعرفون کیف توصلوا لها.
وإلى جانب هذا ثمة فائدتان للامام الغائب وهما:
الأولى: ان استمرار النوع الانسانی واستمرار الحیاة فی الأرض یتوقف على وجوده وهذا ما تؤکده الأدلة العقلیة والنقلیة.
الأدلة النقلیة: وهی مجموع الأحادیث الکثیرة فی انه لو لا وجود الحجة لساخت الأرض بأهلها ولا نتهت الحیاة على سطح الأرض وقد أشرنا الى طائفة من هذه الأحادیث.
الأدلة العقلیة: والتی أثبتتها کتب الکلام والعقائد والفلسفة حول ضرورة وجود الانسان الکامل فی جمیع العصور والأجیال وهذا ما یعزز
موضوع ضرورة وجود الحجة والامام وقد ناقشنا هذا الموضوع فی مطلع الکتاب لهذا نکتفی بالاشارة الى النتائج:
1 ـ ان الانسان مؤلف من الجسم المادی والروح المجرّدة الملکوتیة ومن هذین البعدین یتألف وجود الانسان بعد وجودی علوی جوهری مجرّد وملکوتی باق ووجود سفلی مادی جسمانی ومن هنا یمکنه التحرک على طریق الکمال والرقی.
2 ـ الانسان یمکنه أن یتحرک فی أحد مسارین:
الأول الصراط المستقیم للانسانیة وتنمیة صفات الکمال الانسانی والرقی الى اللّه تبارک وتعالى والآخر الانحراف عن هذا الصراط والانحدار فی هاویة الحیوانیة.
والانسان حرّ فی الاختیار والانتخاب.
3 ـ ان الانسان والعالم لم یخلقا عبثاً بل ان الهدف من وراء ذلک تکامل الانسان وسیره وصعوده الى اللّه ونیل السعادة الروحیة والاخرویة.
4 ـ ان الانسان لوحده لا یستطیع أن یهتدی الى اکتشاف طریق الانسانیة والصراط المستقیم بل ان اللّه سبحانه أرسل الیه الأنبیاء والأوصیاء واقتضى اللطف الالهی أن یقوم رسل اللّه وأوصیائهم بهدایة الانسان ودعوته الى سلوک طریق الخیر وتحقیق السعادة فی دار الدنیا والآخرة.
ومن أجل هذا أنزل اللّه سبحانه على عباده الشرایع لیلتزموا بها ویسیروا فی ضوئها الى تحقیق الهدف المنشود.
5 ـ ان المسار والحرکة النفسیة للانسان لیست اعتباریة بل هو أمر واقع وحقیقی حیث جوهر النفس الانسانیة یتحرک فی مسار حقیقی إما الى الامام الى مصدر الکمال فیتکامل فی طریقه أو الى الوراء حیث ینفصل ویبتعد عن الانسانیة ویسقط فی ظلمات الحیوانیة.
ویتوجب على المؤمنین بالامام المهدی وحرکته الاصلاحیة الکبرى العمل على تمهید الظروف لتحقیق هذا الحلم الانسانی وقد جاء فی الأحادیث ما یعرف بـ« انتظار الفرج » الذی هو أفضل الأعمال وهذه احدى الفوائد من غیاب الامام.
الأحادیث ذات الصلة بالمهدی فی کتب أهل السنة
والأحادیث حول المهدی الموعود لا تختص بالشیعة وحدهم وانما ترتبط بأهل السنة أیضاً فقد جاء فی روایاتهم:
عن علی علیهالسلام عن النبی صلىاللهعلیهوآله قال:
« لو لم یبق من الدهر الاّ یوم واحد لبعث اللّه رجلاً من أهل بیتی یملأها عدلاً کما ملئت جوراً »[606].
وعن اُمّ سلمة قالت: سمعت رسول اللّه صلىاللهعلیهوآله یقول:
« المهدی فی عترتی من ولد فاطمة »[607].
وعن علی بن أبی طالب علیهالسلام عن النبی صلىاللهعلیهوآله:
« المهدی منّا أهل البیت یصلح اللّه أمره فی لیلة ».
فالعقیدة المهدویة لیست من مختصات الشیعة وحدهم ذلک ان أهل السنة یعتقدون بظهور المهدی مع فارق واحد هو أن الشیعة یعتقدون بولادته وأنه من ذریة النبی صلىاللهعلیهوآله من ولد فاطمة علیهاالسلام والتاسع من ولد الحسین علیهالسلام وانه ابن الامام الحسن العسکری علیهالسلام الذی ولد فی سنة 255 ه وانه ما یزال حتى الیوم حیّاً غائباً وانه سیظهر فی آخر الزمان عند ما یأذن اللّه عزوجل.
أما المهدی الموعود لدى أهل السنة فهو غیر معروف وإن کان من نسل النبی صلىاللهعلیهوآله ومن ولد فاطمة علیهاالسلام وانه یظهر فی آخر الزمان ویملأ الأرض قسطاً وعدلاً فهو سیولد فی آخر الزمان وینجز الوعد الالهی ولا تنفی کتب أهل السنة ولادته وکذلک غیبته الصغرى والکبرى وإن تعترف بها فی نفس الوقت.
ویجدر ذکره هنا ان بعض کتب أهل السنة أشارت الى ولادة ابن للامام الحسن العسکری وأثبتوا ذلک فی کتبهم وهم کل من:
محمد بن طلحة الشافعی فی کتاب مطالب السؤول ، محمد بن یوسف فی کتاب کفایة الطالب ، ابن الصباغ المالکی فی الفصول المهمة ، یوسف بن قزاوغلی فی تذکرة الخواص ، الشبلنجی فی نور الأبصار ، ابن حجر فی الصواعق المحرقة ، محمد امین البغدادی فی سبائک الذهب ، ابن خلکان فی وفیات الأعیان ، الشعرانی فی الیواقیت والجواهر ، الخواجة پارسا فی فصل الخطاب ، أبو الفلاح الحنبلی فی شذرات الذهب ، محمد بن علی الحموی فی تاریخ المنصوری.
المهدی وطول العمر
من القضایا الهامة فی موضوع الامام المهدی هو طول العمر فقد ولد الامام سنة 255 ه وما یزال على قید الحیاة وسیبقى حیّاً حتّى یأذن اللّه بظهوره وهذا موعد لا یعرفه أحد ثم یستمر فی حیاته الى أن یستکمل تحقیق أهدافه العلیا فی اقامة حکومة العدل الالهیة فی جمیع ربوع العالم وهذا عمر غیر عادی یصعب تقبّله ویحتاج الى دراسة مفصّلة لیست فی تخصص المؤلف ذلک ان مسألة الحیاة وعواملها واستمرارها وطول العمر ومسألة الموت تحتاج الى دراسات عمیق وواسعة ذات صلة بعلماء الأحیاء وعلماء الطب وعلماء التغذیة والصحة والى متخصصین مختصین بحقول معرفیة وعلمیة اخرى.
وهی دراسات لا تهم المؤمنین بعقیدة المهدی الموعود وانما هی مفیدة لکل البشریة.
غیر انه من الضروری الاشارة الى بعض النقاط:
1 ـ ان متوسط عمر الانسان على طول التاریخ وفی مختلف البلدان یختلف من فترة الى اخرى ومن بلد الى آخر وهذا یعود الى نوع النظام الغذائی والى الالتزام بالقواعد الصحیة والوقایة من الأمراض الساریة والى البیئة والى تقدم الطب والعلوم الحیاتیة.
2 ـ ان عدداً لا یستهان به من البشر قد عاش أکثر من الحدّ المعقول فقد عاش الکثیرون من الناس وعمروا الى أکثر من مئة سنة وناهز بعضهم من العمر مئة وخمسین وهناک من عاش الى مئتی عام وما تجدر الاشارة
الیه ان أیّاً من العلماء لم یجرؤ حتى الآن على وضع سقف معین من العمر للانسان.
3 ـ بالرغم من اللّه عزوجل أبى الاّ أن یجری المقادیر بأسبابها الطبیعیة الاّ ان قدرته لا تحدّها حدود وقد وقعت من المعجزات ما خرق القوانین الطبیعیة فی حیاة الأنبیاء والأولیاء.
ولهذا یمکن القول اذا کانت ثمة ضرورة للعمر الطویل فان قدرة اللّه عزوجل سوف تمدّ فی عمر الانسان الى ما شاء اللّه سواء من خلال الأسباب والعلل الطبیعیة أو من خلال عمل اعجازی.
4 ـ ان العلل والعوامل والأسباب الطبیعیة للشیخوخة والموت ما تزال لیست واضحة ویکتنفها الکثیر من الغموض فلیس کل الناس یصلون الى سن الشیخوخة وتنهار قواهم الجسمانیة بعبارة أخرى ان الشیخوخة لیست مرحلة حتمیة للانسان.
5 ـ لقد عاش بعض الناس أعماراً طویلة وإن کان البعض یحتاج الى دلیل قاطع لاثبات ذلک.
فهذا سید نوح علیهالسلام عاش کما ورد فی القرآن عمراً طویلاً جداً حتى ان فترة دعوته للدین الحق استغرقت وحدها تسعمئة وخمسین عاماً[608].
فکم عاش قبل أین یبعث نبیاً وکم عاش بعد الطوفان.
والقرآن سند قطعی فی اثبات هذه الحقیقة ما یعنی امکانیة أن یعیش الانسان أکثر من ألف عام.
وقت الظهور
لا یوجد موعد محدد لوقت ظهور الامام المهدی علیهالسلام بل دعا ائمتنا الأطهار الى تکذیب کل من یوقّت للظهور.
قال الفضیل: سألت أبا جعفر ( الباقر علیهالسلام ):
هل لهذا الأمر وقت؟
فقال علیهالسلام:
کذب الوقاتون ، کذب الوقاتون ، کذب الوقاتون[609].
وروى محمد بن مسلم عن أبی عبداللّه الامام جعفر الصادق علیهالسلام قوله:
من وقّت لک من الناس شیئاً فلا تهابنّ أن تکذّبه فلسنا نوقّت لأحد[610].
ومن هذه الأحادیث نستنتج انه لا النبی صلىاللهعلیهوآله ولا أی من الأئمة الأطهار حدّد وقتاً لظهور الامام المهدی وان من واجبنا هنا هو تکذیب کل من یحدّد وقتاً لظهوره علیهالسلام.
علامات الظهور
اشتملت کتب الحدیث ذات الصلة بقضیة الامام المهدی علیهالسلام وظهور على ذکر علامات تشیر إلى قرب الظهور بعضها یفتقد السند القوی فلا یمکن التعویل علیها والرکون الیها غیر انه من المؤکد ان أبرز علامات الظهور هو توفر الظروف العالمیة المناسبة وهنا نشیر الى بضعة نقاط فی هذا المضمار خاصّة فی ما یتعلّق بشکل الحکومة التی سیؤسسها الامام المهدی فی حرکته العالمیة المرتقبة:
1 ـ ان حکومته علیهالسلام هی دینیة اسلامیة خالصة حیث تکون الحاکمیة للاسلام وشریعة السماء.
2 ـ ان حکومة الامام المهدی علیهالسلام هی حکومة عالمیة تنهار فیها جمیع الحواجز العرقیة والقومیة والحدود الاقلیمیة بین البشر حیث الناس جمیعاً اخوة متساوی فی الحقوق والواجبات.
3 ـ ان الشرک وکافة المظاهر الوثنیة والالحاد العالمی سوف تنهار وتکون الغلبة للأدیان السماویة حیث سیعیش أتباعها فی محبة واضاء وصفاء.
4 ـ سوف تنهار فی عصر الظهور جمیع أشکال الحکومات الاستکباریة وینهار الظلم بجمیع صوره وترتفع رایة العدالة والانسانیة فیه جمیع ارجاء العالم.
الأوضاع العالمیة الراهنة
یرزح البشر الیوم تحت نیر اشکال عدیدة من الحکومات الظالمة
المستبدّة وبعض هذه الحکومات الشریرة تمتلک اسلحة دمار شامل وهی تقمع بشدّة کل حرکات التحرر والاستقلال.
شروط النصر
للنصر شروطه ولا یمکن لأیة حرکة أن تنتصر ما لم تتوفر الشروط الطبیعیة لانتصارها وحرکة الامام المهدی العالمیة لیست مستثناة عن هذا القانون الطبیعی وبالرغم من حقانیة وصوابیة وانها حرکة الهیة الاّ انها تسیر وفق القانون الطبیعی وسنن الحیاة والتاریخ ذلک ان حرکة الامام المهدی علیهالسلام ستواجه مقاومة شدید من المستکبرین وستحدث حروب یکون فیها النصر للامام والدین والحق.
جاء فی الروایات عن بشیر النبّال انه قال:
لما قلت لأبی جعفر الباقر علیهالسلام:
انهم یقولون: ان المهدی لو قام لاستقامت له الامور عفواً ولا یهریق محجمة دم.
فقال علیهالسلام:
کلاّ والذی نفسی بیده لو استقامت لأحد عفواً لاستقامت لرسول اللّه صلىاللهعلیهوآله حین أدمیت رباعیته وشجّ فی وجهه ! کلاّ والذی نفسی بیده حتى نمسح نحن وأنتم العرق والعلق.
ثمّ مسح جبهته[611].
وهذا یعنی ان الامام وأنصارها سوف یبذلون من دمائهم وعرقهم فی الطریق الى تحکیم دین اللّه الحق ورفع رایة العدل فی العالم.
وهکذا حرکة کبرى تحتاج الى استعدادات بنفس المستوى وتضحیات کثیرة وعلى الذین یؤمنون به وینتظرون ظهوره أن یمهدوا لهذه الحرکة العالمیة على جمیع الصعید:
1 ـ على صعید التربیة النفسیة والتزکیة الروحیة والتنمیة الأخلاقیة واجتناب الذنوب والمعاصی والآثام وخاصّة الظلم والعدوان على حقوق الغیر وانصاف الآخرین والتزام الشریعة الالهیة.
2 ـ نشر وتبلیغ الحقائق الدینیة والانسانیة من خلال اعتماد الوسائل المتقدمة والمتطورة والمؤثرة والتمهید لظهور الامام من خلال اعداد الرأی العام لقبول وتأیید هذه الحرکة الاصلاحیة الانسانیة الکبرى.
3 ـ العمل على التطویر الصناعی والتقنی وعدم التخلف فی رکاب السباق العالمی حول الحصول على التقنیات اللازمة فی جمیع الأصعدة.
4 ـ تعزیر الامکانات القتالیة وتطویر الماکنة الحربیة وتجهیز القوات المسلّحة بکل أنواع السلاح المتطور لردع القوى المعادیة التی قد تنبری لضرب حرکة الامام الموعود.
5 ـ العمل على تقدیم نموذج اسلامی نقی للحکم لیکون مثالاً یحتذى به من خلال تأسیس نظام اسلامی تنفذ فیه جمیع القوانین الاسلامیة فی واقع الحیاة ووضع حلول حقیقیة لجمیع المشکلات
الاجتماعیة والاقتصادیة والثقافیة ومواجهة کافة مظاهر الفقر والعوز والفاقة والقضاء على کل اشکال الظلم السیاسی والاجتماعی والاقتصادی والتمییز العرقی والطائفی.
وهذا هو المغزى الحقیقی من انتظار الفرج حیث یتوجب على المسلمین والمؤمنین وفی عصر الغیبة الکبرى أن یفهموا الفلسفة الحقیقیة لمسألة انتظار الفرج الذی أشارت الیه الأحادیث الشریفة وعدّته أفضل الأعمال للانسان المؤمن.
ومن خلال کل ذلک تتبلور الظروف المؤاتیة والمناسبة لظهور الامام المهدی الموعود وشروق شمس الحریّة والعدالة. والسلام.
[548]. الارشاد: ج2، ص339 ؛ اعلام الدین: ج2، ص214.
[549]. أعلام الورى: ج2، ص213. ولمزید من التفصیل یمکن مراجعة « حوارات حول المنقذ » للمؤلف.
[550]. الارشاد: ج2، ص351.
[551]. المصدر نفسه: ص352.
[552]. المصدر نفسه: ص352.
[553]. بحار الأنوار: ج50، ص5.
[554]. بحار الأنوار: ج50، ص15.
[555]. بحار الأنوار: ج50، ص16.
[556]. المصدر نفسه.
[557]. الارشاد: ج2، ص339 ـ 340.
[558]. المصدر السابق، ص342 ـ 343.
[559]. اعلام الورى: ج2، ص248.
[560]. المصدر السابق: ص 250.
[561]. المصدر السابق: ص 252.
[562]. المصدر نفسه.
[563]. المصدر نفسه.
[564]. المصدر نفسه: ص352.
[565]. بحار الأنوار: ج51، ص16.
[566]. بحار الأنوار: ج51، ص16.
[567]. ینابیع المودة: ص308.
[568]. غایة المرام: ج1، ص163.
[569]. المصدر السابق: ص216.
[570]. المصدر نفسه: ص193.
[571]. المستدرک للحاکم النیسابوری: ج3، ص150.
[572]. الغیبة للنعمانی: ص68.
[573]. المصدر السابق: ص69.
[574]. کمال الدین: ج1، ص403.
[575]. المصدر السابق: ص421.
[576]. المصدر نفسه: ص433.
[577]. المصدر نفسه: ص434.
[578]. المصدر نفسه: ص439.
[579]. المصدر نفسه: ص439.
[580]. المصدر نفسه: ج2، ص2.
[581]. المصدر نفسه: ص30.
[582]. المصدر نفسه: ص48.
[583]. المصدر نفسه: ص49.
[584]. المصدر نفسه: ص55.
[585]. المصدر نفسه.
[586]. اثبات الهداة: ج6، ص386.
[587]. المصدر نفسه: ص350.
[588]. اعلام الورى: ص257.
[589]. الغیبة للنعمانی: ص24.
[590]. رجال النجاشی: ص193، رجال الشیخ الطوسی: ص257.
[591]. رجال النجاشی: ص194.
[592]. رجال النجاشی: ص199.
[593]. رجال النجاشی: ص28 ؛ فهرست الشیخ الطوسی: ص75.
[594]. رجال النجاشی: ص251 ؛ فهرست الشیخ الطوسی: ص147.
[595]. رجال النجاشی: ص195.
[596]. المصدر السابق.
[597]. بحار الأنوار: ج52، ص317.
[598]. بحار الأنوار: ج52، ص328.
[599]. بحار الأنوار: ج51، ص346.
[600]. رجال المامقانی: ج1، ص30.
[601]. بحار الأنوار: ج51، ص349.
[602]. المصدر السابق: ص355.
[603]. المصدر السابق: ص255.
[604]. المصدر نفسه.
[605]. اثبات الهداة: ج7، ص69.
[606]. سنن أبی داود: ج2، کتاب المهدی ؛ الفصول المهمة: ص275.
[607]. سنن أبی داود: ج2، کتاب المهدی ؛ سنن أبی ماجة: ح2، باب خروج المهدی.
[608]. العنکبوت: الآیتان 14 ـ 15. « وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فیهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاّ خَمْسینَ عاماً فَأَخَذَهُمُ الطُّوفانُ وَهُمْ ظالِمُونَ * فَأَنْجَیْناهُ وَأَصْحابَ السَّفینَةِ وَجَعَلْناها آیَةً لِلْعالَمینَ ».
[609]. بحار الأنوار: ج52، ص103.
[610]. المصدر السابق: ص104 ـ 117.
[611]. المصدر نفسه: ص358.