القانون الذی یکفل سعادة الإنسان
من نافلة القول إنّه لا شک فی ضرورة القانون فی الحیاة الاجتماعیة ، ولکن السؤال هنا: ماهو القانون الذی یکفل سعادة الإنسان الحقیقیة ؟ ماهو القانون الذی من شإنه أن یدیر المجتمعات بصورة سلیمة ؟ ما هو القانون الذی یمنع حدوث العدوان و انتهاک حقوق الإنسان ؟
إنّه من الطبیعی انّ کلّّ قانون لا یمکنه أن یرقی إلی هذا المستوی من الطموح ، و إنّ هذا القانون المنشود ینبغی أن یشتمل علی مقوّمات عدیدة ؛منها:
-انسجامه مع ناموس الخلق الإنسانی و احاطته التامّة بالفطرة البشریة ، و ما ینطوی علیه الإنسان من غرائز ومیول و قیم و نزعات.
-ان یقود الإنسانیة نحو الکمال و السعادة الحقّیقیة لاسعادة الأوهام والخیال.
-ان یأخذ بنظر الاعتبار مصلحة البشریة جمعاء و سعادتها بعین الاعتبار ، لا سعادة طائفة أو مجتمع معیّن علی حساب سائر المجتمعات
-ان یبنی الصرح الإجتماعی للبشریة علی أساس من الفضائل الإنسانیة ویقودها نحو غایاتها السامیة ، من أجل أن تکون الدنیا مجّرد ممر وطریق للوصول.
-أن یستوعب بشکل شامل کلّّ صور الحیاة لیحول دون تغلغل صور الاستعمار و الاستغلال و العبودیة و قهر الإنسان لأخیه الإنسان.
-أن لا یغفل بأی شکل من الأشکال الجانب الروحی و المعنوی للحیاة و لا یکتفی بهذا فحسب ، بل یوفّر الجوّ و المناخ المناسب لنمو القیم الأخلاقیة والفصائل النفسیة ؛ لیکون کلّّ ذلک ضمانا ً یحمی الإنسان و یحول دون انحرافه فرداً و مجتمعا عن جادة الصواب.
وإذا أدرکنا شکل القانون العام الذی یلبّی تؤهله أن یکون مشرّعا ً لقانون ما ، یمتلک کلّّ تلک المواصفات التی مرّ ذکرها؟
ستکون الإجابة بالطبع: کلّّا. فأین کلّّ هذه المثل و أین کلّّ هذه الإحاطة والشمولیة و العمق من التفکیر البشری فی مدیاته المحدودة.لننظر أوّلاً مزایا المشرع لتتوضح الصورة أکثر.