پایگاه اطلاع رسانی آیت الله ابراهیم امینی قدس سره

الدرس العشرون: التوحيد و الشرك

الدرس العشرون

التوحید و الشرک

بُعِثَ محمّد (ص) بالنبوّة و الرّسالة من جانب اللّه فی عصرٍ کان أکثر سکّان العالم جَهَلَة مشرکین، یعبدون الاصنامَ.. و کانوا یظنُّون أنّ هناک آخرین غیر اللّه یشارکونه فى تدبیر العالَم و إدارته، و کانوا یُشرکونهم معه تعالى فى العبادة... و یطیعونهم بدلاً عن اللّه الحّى الواحِد القادر العلیم و یعبدونهم!!

کانوا یعبدون التماثیل المیّتة، و الأصنام الجاهلة العاجزة، و ینذرون لها، و یقرّبون الیها القرابین، و یطلبون منها حوائجهم.

کانوا یعتبرون الظَلَمَة و الأقویاء و الطواغیت أشخاصاً ممتازین، و یتصوّرون أنّ علیهم طاعتهم... و الامتثال لأوامراهم، و یتخذّونهم أولیاءَ و سادةً دون اللّه، و یرون أنّ القدرة على إسعادهم و إشقائهم و إماتتهم، و إحیائهم رهن لمشیئتهم و ارادتهم... فیطیعونهم الى حدّ العبادة، و یظهرون أمامهم منتهى الخضوع و العبودیّة!!

کان الجاهلیّون المشرکون قد نسوا حریّتهم و إستقلالهم الموهوبَین لهم من جانب اللّه و یعتبرون أنفسهم عبیداً أرقّاء للسّادة المستکبرین من طواغیت عصرهم، و یخضعون لهم، و یسجدون أمامهم.

کان النّاس فى ذلک العصر غارقین فى عبادة الأصنام، فرحین بها، فیما کان السّادة المستغِلّون یسیطرون على نفوسهم و أموالهم، و ینهبون ثرواتهم و حصیلة جهودهم.

کان أکثر النّاس فى ذلک العصر یعیشون فى منتهى الحرمان و الفقر، و لکن لم یکونوا یجرأون على أن ینهضوا ضدّ الصواغیت و ینتزعوا منهم حقوقهم.

کانت الوثنیة، و عبادة الشخصیات، و عبادة القبیلة و الوطن، و الذات قد فرّقت الناس و مزّقتهم تمزیقاً، و کان الأسیاد الظالمون و المستغلُّون یؤجّجون نیران هذه الاختلافات.

جمیع هذه العبارات کانت من مظاهر الشرک، و کان أکبر الأسباب لشقاء الناس یومذاک هو الشرک.

فماذا کان العلاج النافع لهذه الامراض کلِّها؟ ماذا کان الطریق لخلاص اُولئک البشر الّذین کانوا یحترقون فى نیران الشّقاء و الفقر؟ کیف کان بإمکانهم أن یتخلَّصوا من کلّ هذا الظلم و الحیف؟.

کانوا یریدون قائداً یبیّن لهم، فیوقظهم و یوعیهم و یخلّصهم من الشِّرک و الوثنیّة، و یدعوهم الى التوحید.[1] و عبادة اللّه تعالى.

فى مثل هذا العصر اختیر «محمّد» صلى الله علیه و آله من جانب الله الرحیم، للنبوّة و القیادة، فکانت أوّل خطوة، و أهمّ عَمَل قام به هو مکافحته للشّرک و الوثنیّة.

إنه قال للناس فى بدایة دعوته: «قوُلوُا لا إلهَ إلاّ الله تُفْلِحوُا» یعنى آمنوا بالله وحده و لا تعبدوا أحداً سواه لتنالوا الفلاح.

هل تعلمون ماذا یعنى هذا الکلام؟ إنه یعنى: اُترکوا الأصنام العمیاء و الصمّاء، و هذه الآلهة المصطنعة المزعومة و انبذوها، و أطیعوا خالق الکَون، و اعبدوه دون سواه.. أخرجوا من ولایة الظَلَمة الجبّارین، و أقبَلوا بولایة رسول الله و قیادته حتى تتحرّروا، و تسعدوا و تصیروا سادةً أعزاء.

کان النبیّ (صلّی الله علیه و آله) یقول لهم: أیّها الناس اِنّ خالق هذا العالم، و مدبّره هو الله دون سواه... إنّه أقام فی العالم القوانیَن و السننَ، و هو الّذى یدیر الکون و یدبّره.

فبتدبیره و تنظیمه و إرادته یأتی اللیلُ و النهارُ ثم یذهبان، و ینزل الماءُ و الثلج من السماء الى الأرض، و تثمر الاشجار و النباتات، و تتفتح الأزاهیر و الورود، و تحصل الحیوانات و البشر على أقواتها.

الله الحیُّ العالِمُ القدیرُ الذی بقدرته و علمه خلق جمیع الکائنات، و هو مستغنٍ عنها جمیعاً.. جمیع الموجودات محتاجة الیه، و لا یستطیع أیُّ مخلوق على شی‏ء من دون معونة الله و إذنه... إعلموا أن الله لم یفوّض تدبیر الکون و إدارته الى أحد قط.

کان النبیّ (صلّی الله علیه و آله) ینذِرُ الناس قائلاً لهم؛ إعلموا انّ جمیع أفراد البشر مخلوقین لله سبحانه... و اعلَموا أنّ علیکم أن تعامِلوهم جمیعاً بصورة عادلة: الابیض و الأسود، و الأحمر و الأصفر، الرجل و المرأة، العرب و غیر العرب!

إن لجمیع أفراد البشر الحق فى الحیاة و الحریّة، و إنّ اکرمَ النّاس عند الله أتقاهم.

إنّ الله خلَق الأرض و المصادر الطبیعیّة للنّاس لینتفع بها الجمیعُ، فمِن حقّ الجمیع أنْ یستفیدوا منها... لکلِّ واحد من النّاس أن یعمّر أرضاً و یحییها بعمله و جهده، و أن یستفید من ثروات الأرض الطبیعیة بمقدار حاجته، و ینفّع الاخرین أیضاً.

کان النبیّ (صلّی الله علیه و آله) یقول للنّاس: أیها النّاس لا تطیعوا السّادة الظالمین، و قد خلقکم الله أحراراً، فلیس أیّ واحد منهم ولیّاً و مالکاً لکم... إنّما ولیّکم الّذى خَلَقکُم لا غیر... فهو قائدکم و سیّدکم، و إلیه قیادتکم دون سواه و لا تجب طاعة أحدٍ علیکم غیر الله و غیر مَن له الولایة علیکم من جانبه سبحانه.

اتقوا الله... إنَّ خیر الزّاد التَّقوى، و أطیعونی حتّى اُخلّصکم من شرّ هؤلاء الجائرین المتکبّرین.

إنّکم أحرارٌ جمیعاً، و یجب أن لا تکونوا أسرى بایدی الظَلَمة الناهبین لخیراتکم. و لا أن تخضعوا لسُلطانهم الکاذب.

لا تخافوا غیر الله، و لا تأملوا فى رحمة سواه، و لا تثقوا بغیره، واجتهدوا لکسب رضاه فقط، واْعملوا مخلصین له العمل، اتحدوا و کونوا یداً واحدة.

اُنبذوا المعبودات المزیّفة، الباعثة على الفرقة و الاختلاف.. وانضووا جمیعاً تحت رایة التوحید حتى تصیروا أحراراً سعداء... إبدأوا جمیع أعمالکم باْسم الله، و اْتوا بها لِلّه وحده... واْستعینوا به خاصّة حتى تنتصروا فی هذه المکافحة و المجاهدة.

آیة من القرآن الکریم.

«وَ مَنْ یُشْرِکْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِیداً».[2]

 

فَکِّروا و اجیبوا

1 ـ ما هى مظاهر الشرک و الوثنیّة؟

2 ـ لماذا یؤجج المستغلّون نیران الشقاق بین الناس؟

3 ـ ماذا یعنی التوحید؟ و ماذا یعنی الشرک؟

4 ـ ما هى أوّل و أهمُ خطوة قام بها النبى محمد (صلّی الله علیه و آله).

5 ـ ما هى رسالة الفَلاح التی أعلن عنها الاسلام... و ما معناها و مفادها؟

6 ـ من هُم اکرم النّاس عندالله؟ و بماذا یفضَّل الانسان عندالله؟

7 ـ هل للظَلَمة و الجبّارین ولایة على الناس، و هل یحقّ لهم أن یقودوا البشر؟ من هو الولیّ الحقیقیُ و المالک الواقعی لبنی البشر؟

8 ـ ما هو الطریق الاساسی الى الانتصار النهائىّ علی المستکبرین؟

 

[1] التوحید = الاعتقاد بوحدانیّة اللّه، و افراده بالعبادة.
[2] النساء ـ 116.