پایگاه اطلاع رسانی آیت الله ابراهیم امینی قدس سره

الدرس العاشر دورة الماء في الطبيعة من اجمل مظاهر التنظيم و التناسق في الکون

 الدرس العاشر
دورة الماء فی الطبیعة من اجمل مظاهر التنظیم و التناسق فی الکون

توزیع الماء بین الکائنات أمرٌ عجیب و جمیل جدّاً... المصدر الأصلی للماء هو المحیطات و البحار و البحیرات.. و من هذه المنابع الغنیّة تتوزع المیاه فی جنبات الأرض.

میاهُ المحیطات و البحار، و البحیرات تتبخّر شیئاً فشیئاً علی أثر سطوح الشمس، و یتصاعد البخار إلی السماء، ثم یتحرک هذا البخار یَمنة و یَسرةً مع حرکة الریاح.. و عندما تنخفض درجة الحرارة و الضغط إلی حدّ معیّن یتکاثف البخار، و یصیر فی صورة غیوم، و تتحرک هذه الغیوم مع حرکة الریاح السریعة أو البطیئة، و تتجمع فوق بقاع مختلفة من الارض، و تصبح مُهَیَّأَةً للإِمطار، و سَقی النباتات و الأشجار المتواجدة فی قمم الجبال العالیة، و بطون الغابات النائیة، و إروائها بالماء.

ینزل ماءُ المطر علی الأرض تدریجیاً... و یختزن فی باطن الأرض لأیّام الحاجة.. المیاه المختزنة تنبعٍ تارة من سفوح الجبال، و تارةً یستخرجها الانسانُ بالجهد و المشقّة.. فیحتفر بئراً أوقتاةً، و یستفید من خزّانات المیاه الجوفیّة الطبیعیّة.

حبّات المطر تتجمد أحیاناً، و تصیر فی هیئة الثلج، و تنزل و هی تدور حول نفسها، و تحطُّ علی الأرض بهدوء و جمال رائعین.

الثُلوجُ مفیدة للنباتات جدّاً.. فهی تذوبُ تدریجاً، و تُختَزَن فی مستودعات الأرض الجوفیّة، أو تجری فی الأنهر و الشطوط، و تصبح فی متناول أیدی مَن یحتاجون إلیها، إلی أن تصبَّ فی البحار اخیراً.

إنّ خاصیّة تصاعد البخار، و تنقّله من مکان إلی مکان آخر بواسطة الریاح هو الآخر جدید بالتأمّل و الإِمعان.. فإذا لم تکن قوّة الریاح، کیف کانت السحب تنتشر فی الفضاء العریض؟ أم کیف کانت تتحرک و تنتقل إلی هنا و هناک؟

اذا لم تکن أشِعَّة الشمس الحارّة هل کانت میاه البحار تتبخّر؟ و اذا کانت میاه البحار لا تتبخّر إلاّ اذا کانت شدّة الحرارة مائة درجة هل کان یبقی منها ما یکفی للاحیاء؟ و هل کانت الحیاة فی هذه الصّورة ممکنة للبشر؟

إذا کان المطر لا ینزل قطرةً قطرةً ماذا کان یحدث من مشاکل؟ مثلاً لو کان المطر ینزل من السماء دفعةً واحدة، و فی صورة أنهر غزیرة المیاه ماذا کان یحدث عندئذٍ؟ هل کان فی مقدور الأمطار أن تغوص فی الارض، و تنفذ فی التربی لتُختزن لوقت الحاجة هناک؟

إنّ خاصیّة المطر، و الثلج ودورهما فی تصفیة الهواء هو الآخر جدیر بالتأمّل و الإِمعان.. فإذا لم تأخذ الأمطار و الثلوج السُّموم و الشَّوائب مِن الهواء هل کان فی إمکاننا أن نتنفّس براحة؟

والآن عرفتم جیّداً ما هی خواصّ الماء و المطر و الثلج القیّمة، و فوائدها الثمینة؟ و عرفتم کیف تعمل البحار و الشمس و الریاح و السُحب و المیاه فی تَعاونٍ و تناسقٍ دقیقین، و بصورة منتظمة و منسجمة لتهیء لنا و لحیاتنا و حیاة سائر الکائنات الحیّة الوسائل اللاّزمة؟

إنّ هذا التنظیم و الترتیب، و هذا التناسق و التعاون دلیلٌ علی ماذا؟ هل هناک دلیلٌ افضل من هذا یدلُ علی أن هذا النظام الکونّی العظیم ولیدُ عقل عظیم، و نتاجُ تدبیر دقیق؟

ألا یقول لنا هذا النظم و الترتیب: انّ ذاتاً عالمة قادرة هی الّتی تحسَّبت لکلّ هذه الاُمور و هی التی خلقت الانسان و سائر الکائنات، و خلقت إلی جانبها کل ما تحتاج الیه عاجلاً و آجلاً؟

والآن، و بعد أن وقفنا علی قیمة الماء و أهمیّته و خواصّه أفضلَ و اکثر من ذی قبل، یجب أن نری ما هی الوظیفة التی فرضها الله تعالی علینا فی مقابل هذه النعمة..؟

إنّه یأمرنا بأن نستفید من هذه النعمة الحیویة.. نشکره، و نطیعه، نشرب من الماء و نسقی الآخرین.. ننظَّف به أنفسنا و بیئتنا التی نعیش فیها... بقدر احتیاجنا الیه حتی لا نصرفه عبثاً بل نقتصد فی استهلاک الماء حتی لا یواجه الآخرون شحّاً وضیقاً فی الماء.. لا نلوّث الأنهار و البحار، و بخاصّة سواحل البحار و شواطئها.. نسعی فی حفظ المیاه الجوفیّة، و نستفید من هذه النعمة الآلهیة فی تعمیر الأرض، و توفیر الحاجات العامّة بصورة جیّدة.

یقول الله تعالی: (اللَّهُ الَّذِی یُرْسِلُ الرِّیاحَ فَتُثِیرُ سَحاباً فَیَبْسُطُهُ فِی السَّماءِ کَیْفَ یَشاءُ وَ یَجْعَلُهُ کِسَفاً (1) فَتَرَى الْوَدْقَ (2) یَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ فَإِذا أَصابَ بِهِ مَنْ یَشاءُ مِنْ عِبادِهِ إِذا هُمْ یَسْتَبْشِرُونَ (3) اللَّهُ الَّذِی خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الَّثمَراتِ رِزْقاً لَکُمْ وَ سَخَّرَ (4) لَکُمُ الْفُلْکَ لِتَجْرِیَ فِی الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَ سَخَّرَ لَکُمُ الْأَنْهارَ .(5)

هُوَ الَّذِی أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً لَکُمْ مِنْهُ شَرابٌ وَ مِنْهُ شَجَرٌ فِیهِ تُسِیمُونَ (6)

یُنْبِتُ لَکُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَ الزَّیْتُونَ وَ النَّخِیلَ وَ الْأَعْنابَ وَ مِنْ کُلِّ الَّثمَراتِ إِنَّ فِی ذلِکَ لآیَةً لِقَوْمٍ یَتَفَکَّرُونَ .(7)

وَ اللَّهُ الَّذِی أَرْسَلَ الرِّیاحَ فَتُثِیرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى‏ بَلَدٍ مَیِّتٍ فَأَحْیَیْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها کَذلِکَ النُّشُورُ )(8).


فَکِّروا واجیبوا

1ـ أین المصدر الأصلیّ للماء؟

2ـ کیف توجَد السّحب و الغیوم، و کیف تنتقل من مکان إلی مکان آخر؟

3ـ عَدِّدوا فوائد المطر.

4ـ مِن أین تُضمَن میاه العیون و القنوات؟

5 ـ بیّنوا التناسق و النّظام الدقیقین السائدینَ فی دورة الماء فی عالم الطبیعةُ.

6 ـ علی أیّ شیء یدلُّ هذا النّظم و التناسق؟

7 ـ ما هی وظیفتنا تجاه هذه النعمة الآلهیّة الحیویّة؟

8 ـ احفظوا الایات و تعلموا ترجمتها و تفسیرها جیداً.

 

1 . کِسَفاً: قِطعاً.
2 . الودق: المَطَر.
3 . الروم ـ 48.
4 . . سخّر: ذلَّلَ.
5 .ابراهیم ـ 32.
6 . تسیمون: ترعون إبلکم.
7 . النحل ـ 10 / 11.
8 .فاطرـ 9 النشور: الحیاة بعد الموت.