پایگاه اطلاع رسانی آیت الله ابراهیم امینی قدس سره

الدرس الثامن: محاسبة الاعمال يوم القيامة

الدرس الثامن

محاسبة الاعمال یوم القیامة

 

یُستفاد من آیات عدیدة و روایات کثیرة أنّ العِباد یحاسَبون یوم القیامة.

و على سبیل المثال: «لِلّهِ ما فِی السَّماواتِ وَ ما فِی الْأَرْضِ وَ إِنْ تُبْدُوا ما فِی أَنْفُسِکُمْ أَوْ تُخْفُوهُ یُحاسِبْکُمْ بِهِ اللّهُ فَیَغْفِرُ لِمَنْ یَشاءُ وَ یُعَذِّبُ مَنْ یَشاءُ وَ اللّهُ عَلى کُلِّ شَیْءٍ قَدِیرٌ ».[82]

«إِنَّ إِلَیْنا إِیابَهُمْ . ثُمَّ إِنَّ عَلَیْنا حِسابَهُمْ ».[83]

«وَ نَضَعُ الْمَوازِینَ الْقِسْطَ لِیَوْمِ الْقِیامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَیْئاً وَ إِنْ کانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَیْنا بِها وَ کَفى بِنا حاسِبِینَ». [84]

«لِیَجْزِیَ اللّهُ کُلَّ نَفْسٍ ما کَسَبَتْ إِنَّ اللّهَ سَرِیعُ الْحِسابِ».[85]

«اقْتَرَبَ لِلنّاسِ حِسابُهُمْ وَ هُمْ فِی غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ».[86]

و على هذا الاساس تکون المحاسبة فی القیامة أمراً قطعیاً حتمیاً... فجمیعُ البشر سیُحاسَبون فی الیوم الذی ینتظرهم على أعمالهم و أفکارهم، و عقائدهم و اخلاقهم بصورةٍ دقیقةٍ، و فی ذلک الیَوم یتمیز الأبرار عن الاشرار، و یرى الجمیعُ جزاءَ أعمالهم، و لهذا سُمّی یوم القیامة: «یوم الحساب» و «یوم الفصل».

و لکن لیس للعقل سبیل إلى توضیح کیفیة المحاسبة، بل یجب أن یُستفاد ذلک من الآیات القرآنیة و أحادیث المعصومین صلوات الله علیهم أجمعین، الذین استفادوا علومَهم عن طریق الوحی. و یجب أنْ نعلم قبل ذلک أنّ المحاسبة فی القیامة لیست لغرض کشف الواقع.. فلیس الأمرُ هو أنّ الله تعالى لا یعرِف بأعمال عباده، و یحاسبهم حتى یطّلع علیها، و یعرف بها بعد جهل، لأن الله تعالى عالمٌ بکلِ شیء حتّى أفکار عبادِهِ و نوایاهم و لا یعزب عنه شیء قط. «وَ إِنَّ کُلاًّ لَمّا لَیُوَفِّیَنَّهُمْ رَبُّکَ أَعْمالَهُمْ إِنَّهُ بِما یَعْمَلُونَ خَبِیرٌ».[87]

«وَ إِمّا نُرِیَنَّکَ بَعْضَ الَّذِی نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّیَنَّکَ فَإِلَیْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللّهُ شَهِیدٌ عَلى ما یَفْعَلُونَ».[88]

«یَوْمَ یَبْعَثُهُمُ اللّهُ جَمِیعاً فَیُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا أَحْصاهُ اللّهُ وَ نَسُوهُ وَ اللّهُ عَلى کُلِّ شَیْءٍ شَهِیدٌ».[89]

«عالِمُ الْغَیْبِ وَ الشَّهادَةِ وَ هُوَ الْحَکِیمُ الْخَبِیرُ».[90]

و على هذا الاساس لا یحاسَب العباد حتى ینکشف له الواقع، بل یحاسبهم حتى یقف العباد انفسُهم على أعمالهم، و تتم الحجة علیهم.

إنهم یحاسَبون حتى یلقی کلُّ واحدٍ جزاءه حسب أعمالِه، و یعلمَ بانّه عومل على اساس العدل، و انه لا مکان هناک لأیّ ظلم و حَیف.

«وَ اتَّقُوا یَوْماً تُرْجَعُونَ فِیهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفّى کُلُّ نَفْسٍ ما کَسَبَتْ وَ هُمْ لا یُظْلَمُونَ». [91]

«الْیَوْمَ تُجْزى کُلُّ نَفْسٍ بِما کَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْیَوْمَ إِنَّ اللّهَ سَرِیعُ الْحِسابِ».[92]

إن الحساب یوم القیامة یتم فی مراحل و صور ثلاث:

المرحلة الاولی: مشاهدة الأعمال فی صحیفة العمل.

لقد قرأتم فی درس «صحیفة العمل» أن جمیع أخلاق الإنسان و أعماله تثبت فی صحیفة العمل، و تحفَظ فی باطن ذاته، و عمق وجوده، و تنتقل مع الانسان من هذا العالم إلى عالم الآخرة.

إنّ الإنسان غافِلٌ فی هذا العالَم عن باطن ذاته و أعماله الحسنة أو السیّئة، و لکن فی عالم الآخرة ـ و هو الیوم الذی تُبلى فیه السرائر ـ تنکشف الحُجُب، و یتبدّل الغیب إلى شهود، و یشاهد الإنسان جمیع أعماله و عقائده و أخلاقه دفعةً واحدةً، و یقف على کلِّ ما فعله طیلة أیّام عُمُره الدنیویّ.

«وَ کُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِی عُنُقِهِ وَ نُخْرِجُ لَهُ یَوْمَ الْقِیامَةِ کِتاباً یَلْقاهُ مَنْشُوراً . اقْرَأْ کِتابَکَ کَفى بِنَفْسِکَ الْیَوْمَ عَلَیْکَ حَسِیباً». [93]

«وَ جاءَتْ کُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَ شَهِیدٌ . لَقَدْ کُنْتَ فِی غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَکَشَفْنا عَنْکَ غِطاءَکَ فَبَصَرُکَ الْیَوْمَ حَدِیدٌ». [94]

«وَ تَرى کُلَّ أُمَّةٍ جاثِیَةً کُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى کِتابِهَا الْیَوْمَ تُجْزَوْنَ ما کُنْتُمْ تَعْمَلُونَ . هذا کِتابُنا یَنْطِقُ عَلَیْکُمْ بِالْحَقِّ إِنّا کُنّا  نَسْتَنْسِخُ ما کُنْتُمْ تَعْمَلُونَ».[95]

فی هذه المرحلة یوکل أمر الحساب إلى عهدة العباد أنفسِهم، حیث انهم مع مشاهدة صحیفة العمل یقفون على نتیجة أعمالهم الدنیویة، و یقال: «اقْرَأْ کِتابَکَ کَفى بِنَفْسِکَ الْیَوْمَ عَلَیْکَ حَسِیباً». هنا یقول الإنسان متعجباً: «یا وَیْلَتَنا ما لِهذَا الْکِتابِ لا یُغادِرُ صَغِیرَةً وَ لا کَبِیرَةً إِلاّ أَحْصاها وَ وَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً وَ لا یَظْلِمُ رَبُّکَ أَحَداً».[96]

 

المرحله الثانیة: السؤال

 

یستفاد من الآیات و الأحادیث الکثیرة أنّ العباد یخاطَبون یوم القیامة و یُسأَلون.... 

و على سبیل المثال:

«وَ إِنَّهُ لَذِکْرٌ لَکَ وَ لِقَوْمِکَ وَ سَوْفَ تُسْئَلُونَ».[97]

«هذا یَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِی کُنْتُمْ بِهِ تُکَذِّبُونَ. احْشُرُوا الَّذِینَ ظَلَمُوا وَ أَزْواجَهُمْ وَ ما کانُوا یَعْبُدُونَ . مِنْ دُونِ اللّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِیمِ . وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤلُونَ».[98]

«ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ یَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِیمِ». [99]

«فَوَ رَبِّکَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِینَ . عَمّا کانُوا یَعْمَلُونَ ».[100]

قال رسولُ الله صلى الله علیه و آله: لا تَزولا قدما عبد یومَ القیامة حتى یُسألُ عن أربع: عن عُمره فیما أفناهُ، و عن شبابه فیما أبلاهُ، و عن مالِه من أَین کَسَبه و فیما أنفَقه، و عن حبِّنا أهل البیت.[101]

من هذه الآیات و الاحادیث و نظائرها ما یستفاد منه أنّ الله تعالى یومَ القیامة یتولّی بنفسه أو بواسطة الملائکة مخاطبة العباد و محاسبتهم، و یسألهم واحداً واحداً، و یسألهم حتى عن النِعم التی اُعطیت لهم، و أنهم کیف حصلوا علیها، و فی أی طریق صرفوها، و عمرهم کیفَ أفنوه، و أموالهم من این اکتسبوها و فی ایّ سبیل صرفوها، کما یُسأَلون عن محبّة النبیّ و أهل بیته... و هل قَدَّروا نعمة النّبوة و الولایة و هدایات النبیّ و أهل بیته و إرشاداتهم و أطاعوهم ام لا؟

و یجیب المؤمنون المحسنون على هذه الأسئلة بخِیر صورةٍ طبِقاً لفطرتهم الطاهرة، و حتى لو أنّهم ارتکبوا معصیة أو تقصیراً إعترفوا بتقصیرهم و قصورهم، فیصفی حسابهم، و یتّضح أمرهم.

إمّا الکفار و العُصاة الذین إعتادوا على المعصیة و الکذب، و کتمان الحق، فیمتنعون من الإعتراف بالمعصیَة، بل یُنکرها بعضهم... و فی مثل هذه الحالة تنطق جوارحُهم و أعضاؤُهم، و حتى الأرض التی عَصَوا علیها تشهد علیهم.

یقول تعالى تعالى فی القرآن الکریم: «الْیَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَ تُکَلِّمُنا أَیْدِیهِمْ وَ تَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما کانُوا یَکْسِبُونَ».[102]

«حَتّى إِذا ما جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَیْهِمْ سَمْعُهُمْ وَ أَبْصارُهُمْ وَ جُلُودُهُمْ بِما کانُوا یَعْمَلُونَ . وَ قالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَیْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللّهُ الَّذِی أَنْطَقَ کُلَّ شَیْءٍ . َ وَهُوَ خَلَقَکُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ إِلَیْهِ تُرْجَعُونَ». [103]

من هذه الآیات و نظائرها یستفاد أنّ أعضاء الانسان و جوارحه تمتلک - بقدر وجودها - شعوراً و إدراکاً أیضاً، فتسَجِّل و تضبط کلَّ ما یعمله الانسان فی الدنیا، و تشهد به فی الآخرة.

 

فکِّروا و اجیبوا

1 - ما هو المقصود من محاسبة العباد یوم القیامة؟

2 ـ کیف یحاسَب الانسان أعمالَه بنفسه؟

3 ـ ما هو غرض الله من مساءلة عباده؟

4 ـ عن ماذا یسئل الانسان یوم القیامة؟

5 ـ کیف یجیب المؤمنون المحسنون؟

6 ـ ماذا یعمل العصاة و الاشرار یوم القیامة؟

7 ـ ما الذی یشهد على الانسان؟

8 ـ کیف تقدِرُ أعضاء الإنسان و جوارحه على الشهادة؟

9 ـ تعلّموا تفسیر هذه الآیات جیّداً.

10 ـ احفظوا الآیات.

 

 

[82] البقرة - 284.
[83] الغاشیة - 25. إیابهم: رجوعهم.
[84] الانبیاء - 47.
[85] ابراهیم - 51.
[86] الانبیاء - 1.
[87] هود - 111.
[88] یونس - 46.
[89] المجادلة - 6.
[90] الانعام - 73.
[91] البقرة - 281.
[92] غافر - 17.
[93] الاسراء ـ 13 / 14. طائره: کتابه.
[94] ق - 21 / 22.
[95] الجاثیة - 28 / 29. جاثیة: بارکه على الرکب. نستنسخ: نکتب.
[96] الکهف - 49.
[97] الزخرف - 44.
[98] الصافات ـ 21 / 24.
[99] التکاثر ـ 8.
[100] الحجر ـ 92.
[101] بحارالانوار ج7 ص258.
[102] یس - 65. نختم: نطبع.
[103] فصلت - 20 / 21.