پایگاه اطلاع رسانی آیت الله ابراهیم امینی قدس سره

الدرس السادس: القيامة في القرآن الکريم

الدرس السادس

القیامة فی القرآن الکریم

 

القیامةُ هو الیومُ الذی یعود فیه الموتی إلی الحیاة مرّة اُخری، و ینتقلون من عالَم البرزخ إلی عالمٍ آخر یُدعی عالم الآخرة.

یومُ القیامة هو یوم محاسبة أعمال العباد جمیعاً بصورة دقیقةٍ .... یوم فرزِ الصالحین عن الطالحین و یوم نیل کلٍّ من الأبرار و الأشرار ثواب أعمالهم الحسنة أو عقاب أعمالهم السیّئة.

إنّ أصلَ المعاد و القیامة و إنَّ کان أمراً قطعیّاً ثابتاً بالأدلّة و البراهین العقلیّة، و لکنّ خصوصیات ذلک الیوم و تفاصیله، و أوضاعه یجب استفادتها من القرآن الکریم، و من أحادیث النبیّ و الأئمّة من أهل البیت صلوات الله علیهم.

و نشیر – علی سبیل المثال – إلی بعض الآیات القرآنیّة:

(بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ . إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ . وَ إِذَا الْکَواکِبُ انْتَثَرَتْ . وَ إِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ . وَ إِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ . عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَ أَخَّرَتْ). [58]

فهذه الآیات تفید بأنّ النّظامَ الکونّی ینتهی یوماً مّا، و عندها یقومُ یومُ القیامة، و تعلمُ کلُّ نَفسٍ ما قَدَّمت مِنَ الأعمال و ما خَلَّفَتْ مِن آثار.

(بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ . إِذَا الشَّمْسُ کُوِّرَتْ  . وَ إِذَا النُّجُومُ انْکَدَرَتْ  . وَ إِذَا الْجِبالُ سُیِّرَتْ . وَ إِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ . وَ إِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ . وَ إِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ  . وَ إِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ).[59]

فعندما تفقد الشمس و النجومُ ضوءها و توازنها و تندکُّ الجبال.... و یحدُثُ غیر ذلک مما تتحدَّثُ عنه الآیات تقسَّمُ الجماعةُ البشریّة إلی طوائف و فِرَق... فهناک الصالحون. و هناکَ الطالحون ... هناک الأبرار و هناک الاشرار.

(بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ . إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها  . وَ أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها . وَ قالَ الاْءِنْسانُ ما لَها . یَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها . بِأَنَّ رَبَّکَ أَوْحى لَها . یَوْمَئِذٍ یَصْدُرُ النّاسُ أَشْتاتاً لِیُرَوْا أَعْمالَهُمْ . فَمَنْ یَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَیْراً یَرَهُ . وَ مَنْ یَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا یَرَهُ).[60]

عندما ما تقوم القیامة بزلزالٍ یعمُّ الأرض کلَّها یخرج البشر من قبورهم جمیعاً.

و فی ذلک الیوم یکون النّاس فِرقاً مختلفة.. صالحون، وطالحون، لیروا ما عملوه فی الحیاة الدنیویّة.. مهما کان مقدارُه صغیراً و حقیراً... بل حتی ولو کان قدرذرّةٍ من خیرٍ أو شرٍّ.

(بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ . الْقارِعَةُ . مَا الْقارِعَةُ . وَ ما أَدْراکَ مَا الْقارِعَةُ . یَوْمَ یَکُونُ النّاسُ کَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ . وَ تَکُونُ الْجِبالُ کَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ).[61]

إن یوم القیامة یومٌ رهیب مهول. یومٌ یقترن بدوی عظیم یترک الناسَ حیری مندهشین کالجرادِ المتفرّق المتبعثر.

یقول تعالی حاکیاً عن الانسان انه: (یَسْئَلُ أَیّانَ یَوْمُ الْقِیامَةِ. فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ وَ خَسَفَ الْقَمَرُ. وَ جُمِعَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ یَقُولُ الاْءِنْسانُ یَوْمَئِذٍ أَیْنَ الْمَفَرُّ. کَلاّ لا وَزَرَ. إِلى رَبِّکَ یَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ. یُنَبَّؤا الاْءِنْسانُ یَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَ أَخَّرَ).[62]

إنَّ موعدَ القیامة لیس محدّدا و لا معروفاً و لهذا یسألُ الانسانُ متی یکون؟ و لکنَّ هناک علائم اذا ظهرت فی النظام الکونیّ... یومها تقوم القیامة ... و یومَها لایجدُ الانسانُ مفرّاً من المحکمة الآلهیة... تلک المحکمة التی تضبط کلَّ أفعال الإنسان. ما قدمَ منها و ما أخَّرَ.

(بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ . إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ . لَیْسَ لِوَقْعَتِها کاذِبَةٌ . خافِضَةٌ رافِعَةٌ . إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا . وَ بُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا . فَکانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا).[63]

إنّ القیامة واقعةٌ حتماً و هی حقیقةٌ صادقةٌ و هی عندما تقع تخفِض أشخاصاً، و ترفع آخرین بسبب أعمالهم و أفعالهم فی الدنیا.

(یَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَ الْجِبالُ وَ کانَتِ الْجِبالُ کَثِیباً مَهِیلاً).[64]

(یَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً . وَ تَسِیرُ الْجِبالُ سَیْراً . فَوَیْلٌ یَوْمَئِذٍ لِلْمُکَذِّبِینَ الَّذِینَ هُمْ فِی خَوْضٍ یَلْعَبُونَ)

(یَوْمَ یُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا . هذِهِ النّارُ الَّتِی کُنْتُمْ بِها تُکَذِّبُونَ).[65]

(إِنَّ یَوْمَ الْفَصْلِ کانَ مِیقاتاً  . یَوْمَ یُنْفَخُ فِی الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْواجاً  . وَ فُتِحَتِ السَّماءُ فَکانَتْ أَبْواباً . وَ سُیِّرَتِ الْجِبالُ فَکانَتْ سَراباً).[66]

(یَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَیْرَ الْأَرْضِ وَ السَّماواتُ . وَ بَرَزُوا لِلّهِ الْواحِدِ الْقَهّارِ).[67]

ستختلفُ قوانین الأرض فی ذلک الیوم عمّا علیها الیومَ، ستتحّدث الأرض، و تشهد علی الانسان بأفعاله، و سیخرج کل الناس من قبور هم للحساب .... یکون الحاکم هو الله الواحد ، الغالب أمره علی کل شیء.

(وَ ما قَدَرُوا اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَ الْأَرْضُ جَمِیعاً قَبْضَتُهُ یَوْمَ الْقِیامَةِ وَ السَّماواتُ مَطْوِیّاتٌ بِیَمِینِهِ سُبْحانَهُ وَ تَعالى عَمّا یُشْرِکُونَ  . وَ نُفِخَ فِی الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِی السَّماواتِ وَ مَنْ فِی الْأَرْضِ إِلاّ مَنْ شاءَ اللّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِیهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِیامٌ یَنْظُرُونَ).[68]

إن الذین ینکرون القیامة استبعاداً لم یقدّروا قدرة الله و عظمته ... إنه الحاکم المطلق الذی بیده کلُّ شیء یوم القیامة.. ذلک الیوم یحشَر فیه الناس جمعیاً بَعد أن ماتوا جمیعاً.. و یجدون أنفسهم قیاماً بین یدی الرحمان، لا مفرّ لهم من حکومته، و لا مخلص  لهم من عدله.

(وَ جاءَتْ سَکْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِکَ ما کُنْتَ مِنْهُ تَحِیدُ . وَ نُفِخَ فِی الصُّورِ ذلِکَ یَوْمُ الْوَعِیدِ . وَ جاءَتْ کُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَ شَهِیدٌ . لَقَدْ کُنْتَ فِی غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَکَشَفْنا عَنْکَ غِطاءَکَ فَبَصَرُکَ الْیَوْمَ حَدِیدٌ). [69]

إن أولی مراحل العالم الآخر هو الموتُ الّذی یحلُّ بالانسان رغم إرادته، ثُمَّ یقوم بعد ذلک یومُ القیامة الّذی أوعَد الله تعالی فیه أهلَ المعیصة بالعقاب و اهل الاحسان بالثواب. و هناک یأتی کلُ إنسان و یسوقُه ملک و یقودهُ آخر، و یَری یومذاک ما لم یکن یتوقّعه أو لم یصدّقه فی هذه الدنیا.

من هذه الآیات و نظائرها الکثیرة یستفاد اجمالاً أنّ النّظام الکونیّ الراهن ینهار یوم القیامة، فتتقطع السماوات، و تنفطر.. الشمس تغدو مظلمة و باردة، النجوم تنکدر و تتناثر. الأرض ترتجف، و تلقی ما فی باطنها خارجاً. الجبال تتحرّک و تسیر، و تتحوّل الی تلال من التراب أو تصیر فی هیئة غبار متناثر، أو تفنی کالسّراب، و الأرض تتبدل و تصیر غیر الارض.. و فی مِثل هذا الوضع تقوم القیامة، و یعود الموتی إلی الحیاة مرّةً اُخری للحساب.

و فی الاحادیث أیضا وُصِفت القیامة بأوصاف خاصّة اخری، نشیر الیها علی سبیل النموذج فی قطعة قصیرة من کلام الامام أمیرالمؤمنین علیه السلام:

 

حَتَّى إِذَا بَلَغَ اَلْکِتَابُ أَجَلَهُ وَ اَلْأَمْرُ مَقَادِیرَهُ وَ أُلْحِقَ آخِرُ اَلْخَلْقِ بِأَوَّلِهِ وَ جَاءَ مِنْ أَمْرِ اَللَّهِ مَا یُرِیدُهُ مِنْ تَجْدِیدِ خَلْقِهِ أَمَادَ اَلسَّمَاءَ وَ فَطَرَهَا وَ أَرَجَّ اَلْأَرْضَ وَ أَرْجَفَهَا وَ قَلَعَ جِبَالَهَا وَ نَسَفَهَا وَ دَکَّ بَعْضُهَا بَعْضاً مِنْ هَیْبَةِ جَلاَلَتِهِ وَ مَخُوفِ سَطْوَتِهِ وَ أَخْرَجَ مَنْ فِیهَا فَجَدَّدَهُمْ بَعْدَ إِخْلاَقِهِمْ وَ جَمَعَهُمْ بَعْدَ تَفَرُّقِهِمْ ثُمَّ مَیَّزَهُمْ لِمَا یُرِیدُهُ مِنْ مَسْأَلَتِهِمْ عَنْ خَفَایَا اَلْأَعْمَالِ وَ خَبَایَا اَلْأَفْعَالِ وَ جَعَلَهُمْ فَرِیقَیْنِ أَنْعَمَ عَلَى هَؤُلاَءِ وَ اِنْتَقَمَ مِنْ هَؤُلاَءِ فَأَمَّا أَهْلُ اَلطَّاعَةِ فَأَثَابَهُمْ بِجِوَارِهِ وَ خَلَّدَهُمْ فِی دَارِهِ حَیْثُ لاَ یَظْعَنُ اَلنُّزَّالُ وَ لاَ تَتَغَیَّرُ بِهِمُ اَلْحَالُ وَ لاَ تَنُوبُهُمُ اَلْأَفْزَاعُ وَ لاَ تَنَالُهُمُ اَلْأَسْقَامُ وَ لاَ تَعْرِضُ لَهُمُ اَلْأَخْطَارُ وَ لاَ تُشْخِصُهُمُ اَلْأَسْفَارُ وَ أَمَّا أَهْلُ اَلْمَعْصِیَةِ فَأَنْزَلَهُمْ شَرَّ دَارٍ وَ غَلَّ اَلْأَیْدِیَ إِلَى اَلْأَعْنَاقِ وَ قَرَنَ اَلنَّوَاصِیَ بِالْأَقْدَامِ وَ أَلْبَسَهُمْ سَرَابِیلَ اَلْقَطِرَانِ وَ مُقَطَّعَاتِ اَلنِّیرَانِ فِی عَذَابٍ قَدِ اِشْتَدَّ حَرُّهُ وَ بَابٍ قَدْ أُطْبِقَ عَلَى أَهْلِهِ فِی نَارٍ لَهَا کَلَبٌ وَ لَجَبٌ وَ لَهَبٌ سَاطِعٌ وَ قَصِیفٌ هَائِلٌ لاَ یَظْعَنُ مُقِیمُهَا وَ لاَ یُفَادَى أَسِیرُهَا وَ لاَ تُفْصَمُ کُبُولُهَا لاَ مُدَّةَ لِلدَّارِ فَتَفْنَى وَ لاَ أَجَلَ لِلْقَوْمِ فَیُقْضَى.[70]

 

فکِّروا و اجیبوا

1 – کیف صوِّرت القیامة فی القرآن الکریم؟

2 – هل یبقی نور الشّمس یوم القیمة؟

3 – کیف تصیر الجبال یومذاک؟

4 – کیف تصیر الأرض؟

5 – کیف تصیر النجوم؟

6 – إلی ماذا تتبدّل الأرضُ؟

7 – تعلّموا تفسیر هذه الآیات جیّداً.

8 – استخرجوا الأوصاف المذکورة للقیامة بصورة دقیقة و سجّلوها فی دفترکم.

9 – إحفظوا الآیات و تعلموا تفسیرها.

 

[58] الانفطار – 5/1 انتثرت : تفرقت. بعثرت: قلب ترابها و بعث موتاها.
[59] التکویر – 7/1 کورت : لفت، أو طوی ضووها المنبسط انکدرت: ذهب صفاوها و ضووها. العشار: جمع عشراء و هی الناقة التی علیها من وقت الحمل عشرة اشهر. سجرت: احمیت و او قدت نارا. زوجت ای قرنت باجسادها أو أعمالها أو جزائها.
[60] الزلزال – 8/1: اثقال: جمع ثقل و المراد ما فی بطن الأرض . یصدر : یخرج. اشتات: جمع الشتّ و أشتاتاً أی متفرقین . مثال: ما یوزَن به. و مثقال ذرّة ای زنة ذرّة. الذرّة: النملة الصغیرة أو الهباءة.
[61] القارعة – الفارعة من القرع و هو ضرب شیء علی شیء بقوة و المراد بها القیامة لانها تقرع القلوب بالفَزَع. والفَراش جمع الفَراشَة. او الجراد. المبثوث: المنتشر. العهن: الصوف الملوَّن المنفوش: المندوف.
[62] القیامة 6/13.أیّان :متی ، خَسَف : ذهب نورُه جُمِعَ الشمس و القمر: أی ذهبا معاً او طلعا معاً. لا وزر: لا ملجأ یُلجأُ الیه یُنَبّو: یُخبَر.
[63] الواقعة : 1/6 رجّت : حُرِّکت بعنف. بُسّت : قُتِّتَتْ . منبثاً . متفرقا.
[64] المزمل – 14. الکثیب : المرمل المتراکم ، مهیلا : منشورا بعد اجتماعه.
[65] الطور – 9/14تمور : تتحرک و تضطرب. الخوض الدخول فی الباطل. یُدَعُّون: یُدفَعون بعنف.
[66] النبأ – 17/20 ؛ المیقات الوقت و الموعد. الصُّور: القرن یُنفَخُ فیه. السراب: هو ما یری نصف النهار کأنه ماء و لیس بشی ء.
[67] ابراهیم -48.
[68] الزمر -67/68 صعِقَ: مات.
[69] ق – 19/22. منه تحید: تعدل عنه : حدید : حاد نافذ.
[70] نهج البلاغة الخطبة 109: أماد السماء: حرکّها فی غیر انتظام. بعد إخلاقهم: بعد أن بلیت اجسادهم. لا یظعن: لا یسافر و لا یرحل. لا تنوبهم الافزاع: لا تواجههم امور مخیفة. لا تشخصهم الاسفار: لا تبعدُهم الاسفار من مکان استقرارهم. سرابیل القطران: ثیاب مصنوعة من القطران و هی مادة حادة محرقة تطلی بها الابل الجرباء. الکَلَب: الهیجان. اللجب: الصوت المرتفع. القصیف: اشدّ الصوت. الکبول: القیود.