پایگاه اطلاع رسانی آیت الله ابراهیم امینی قدس سره

الدرس التاسع: الميزان

الدرس التاسع

المیزان

 

المرحلَةُ الثالِثة من مراحل المحاسبة یومَ القیامة هی وزنُ الأعمال، حَیث یُستفاد من آیات القرآنِ الکریم، و اَحادیث المعصومین انه یستظهر اسم یوم القیامة من «المیزان» الذی ینصب لاحتساب أعمال العباد، حیث یتُمّ فیه وزنُ أعمالِ العِباد مع رِعایة منتهى العَدل و الانصاف، و من باب المثال، یقول القرآن الکریم: «وَ نَضَعُ الْمَوازِینَ الْقِسْطَ لِیَوْمِ الْقِیامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَیْئاً وَ إِنْ کانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَیْنا بِها وَ کَفى بِنا حاسِبِینَ».[104]

فی القیامة توزَن أعمالُ النّاس و أخلاقهم کلُّها بصورةٍ دقیقةٍ، تُحسَب الحسنات و السیئات و یقاسان به، فاذا رَجُحت حسناتُ الشخصِ على سیئاته أفلَحَ ونجی، و اذا رجُحَت سیئاتُه على حسناتِه شقِیَ و اُصیب بالعذاب.

قال تعالى فی القرآن الکریم: «وَ الْوَزْنُ یَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِینُهُ فَأُولئِکَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ . وَ مَنْ خَفَّتْ مَوازِینُهُ فَأُولئِکَ الَّذِینَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِما کانُوا بِآیاتِنا یَظْلِمُونَ».[105]

«فَأَمّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِینُهُ . فَهُوَ فِی عِیشَةٍ راضِیَةٍ . وَ أَمّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِینُهُ . فَأُمُّهُ هاوِیَةٌ . وَ ما أَدْراکَ ما هِیَهْ . نارٌ حامِیَةٌ». [106]

إنّ الّذی ثَقُلت کفةُ حسناته، وفاقَت على سیئاتِه فهو سیحصل على حیاة هنیئة سعیدة ترضیه، و أمّا الّذی ثقلت کفةُ سیّئاته، وفاقت على حسناته فسیُؤخذ به إلى النار الحامیة... یهوى فیها، و یعذَّب بلهیبها المحرِق.

و على هذا الأساس فإنَّ أصلَ وجود «المیزان» و وزن الأعمالِ أمرٌ قطعیٌّ بدلیل الایات و الأحادیث و لکن البحثَ هو فی حقیقة «المیزان» و کیفیة الوزن إنّ المیزان عبارة عن الشیء الذی توزَن به الأشیاء، و هو مختلِف بحسب اختلاف الأزمِنة و الأمکِنة و الأشیاء الموزونة.

إن الموازین التی تُستخدَم فی هذا العصر لِوَزن الأشیاء تختلف عن الموازین فی الازمنة السابقة اختلافاً کبیراً، و هکذا تختلف الأشیاء الموزونة ایضاً. إنّ المیزان المستخدَم لِوَزنِ الأشیاء الثقیلة على نحوٍ یختلف عن الموازین التی توزَنُ به الأشیاء من نوع آخر. مثل المقیاس الحراری لمعرفة برودة و سخونة الجو، و الشاقول المستخدم فی البناء، و المسطرة الخاصة بالخطوط، و العروض الشعریة، و العقل لتشخیص الصحیح و الباطل فی العُلوم و المُدرکات. فکلّ هذه موازین و لکن یستفاد منها فی موارد مختلفة.

إنّ میزان القیامة هو أیضاً میزانٌ حقیقةً ولکنّه بنحوٍ توزَن به العقائد والعُلوم والأفکار والأخلاقیّات والأعمال. وبناءً علی هذا لا یکون ذلک المیزان من نوع الموازین الدنیویة ولهذه فسِّر المیزان فی بعضِ الأحادیث بالنبی و الإمام المعصوم.

قال هشام بن سالم: سألتُ أبا عبدالله علیه السلام عن قول الله عز و جل: «وَ نَضَعُ الْمَوازِینَ الْقِسْطَ لِیَوْمِ الْقِیامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَیْئاً».[107] قال: هم الأنبیاءُ و الأوصیاءُ.[108]

ففی هذا الحدیث وُصِف النبی الاکرم و الأئمة المعصومون سلام الله علیهم أجمعین بأنّهم المیزان.... لأنّهم أشخاصٌ کاملُون تجسّدَت فیهُم حقیقة الدِّین و واقعیّته و تحقَّقَت... إنَّ عقائدهم و إیمانهم فی أعلى مراتب الإیمان و الاعتقاد الصحیح، و إنّ اخلاقهم فی أعلى درجات الإنسانیّة الرشیدة.... لقد عرفوا الله معرفة کاملة...، و عبدوه على أفضل وجه.
و بکلمةٍ واحدةٍ: إنَّهم المِصداق الکامِل للإنسانِ المتدیّن، و لهذا فهم أفضل میزانٍ لتقییم عقائد العِباد و أخلاقهم و أعمالهم.

إن صلاحَ سائر الناس و حسنَهم إنما یکون بقدر إتباعهم للنبیّ و الأئمة، و إنّ فسادهم کذلک إنّما هو بقدَر تخلّفهم عن سیرة النبی و الأئمّة و سلوکهم.

إنَّ قیمة عقائد کل إنسان و أخلاقِه و أعماله و وزنَها إنّما تکون بقدر تطابقها مع عقیدة النبیّ و الأئمة و اخلاقِهم و عملهم و اقترابها منها... فکلّما کانت أقربَ إلیها کلما کانَت أکملَ، و ارتقى إلى درجاتٍ أعلى و أرفع، و کلّما کانت أبعدَ، و کانت أشدَّ تعلّقاً بالدّنیا و الصفات الحیوانیّة کانت أخفَّ وزناً، و أقلَّ قیمة و أنقصَ شأناً، و کانت أبعدَ من الحضرة الربوبیّة المقدسة بنفس المقدار، و أقرب إلى ودیان السقوط و الهوىّ.

قال المحدّثُ الحکیمُ الفیضُ الکاشانیّ قدِّس سرُّه: و میزانُ کلّ شیء هوَ المعیار الذی یُعرَف به قدرُ ذلک الشّیء... فمیزانُ یومِ القیامة ما یوزَن به قدرُ کلِّ إنسان و قیمتُه على حسب عقیدتهِ و خُلُقه و عمله. لتجزی کلُّ نفسٍ بما کسبت. و لیس ذلک إلّا الإمامُ المعصومُ، إذبه و باقتفاء آثاره و ترک ذلک، و القرب عن طریقته و البعد عنها یُعرَف مقدارُ الناس و قدرُ حسناتهم و سیّئاتُهم، فمیزانُ کلِّ اُمةِ نبىُّ تلک الاُمّة و وصىُّ نبیّها و الشریعةُ التی أتى بها، فمن ثَقُلَت موازینُه فاولئک هُم المفلحون و من خفَّت موازینُه فاُولئِک الذینََ خَسِروا أنفسَهم.[109]

و قال أیضاً: فإن المیزان هو المعیار الذی یُعرِّف قدرُ الشیء و ارتفاع قدر العباد، و قبولُ أعمالهم إنّما هو بقدر محبّتهم للأنبیاء و الاوصیاء و طاعتهم إیّاهم فی أفعالهم و أقوالهم، و اقتفائهم لآثارهم و استنانهم بسنتهم، و الاعتقاد فیهم بالنبوّة و الإمامة، و کونهم على الحق مبعوثین من الله، منتَجَبین من لدیه، إلى غیر ذلک.

فالمقبول الراجح من الأعمال ما وافق أعمالهم، و المرضیّ من الأخلاق و الأقوال ما طابق أخلاقهم و أقوالهم، و الحقُ من العقائد ما اقتبِس منهم، و المردودُ منها ما خالف ذلک، و کلّما قرُبَ منهم قربَ من الحق، و کلّما بعد عنهم بعد عنه، فهم إذن موازینُ الأعمال و العلوم، و بقدر الإعتقاد فیهم یکون الیقین بحقیقتهم، و بِقَدَر الیقین بحقیقتهم تکون محبَّتُهم، و بقَدَر محبَّتهم یکون سلوکُ طریقتهم و مشایعتهم و الصیرورة من شیعتهم، و بقَدَر سلوک طریقتهم یکون الفوزُ بلقاء الله و الجنّة و الکون معهم فی الرفیق الأعلى، و بقدر أضدادها تکون أضداد ذلک.[110]

فکِّروا و اجیبوا

1 ـ ما الدلیل على أنّ میزان القیامة میزان حقیقی؟

2 ـ ما هی حقیقة المیزان؟

3 ـ ما هو میزان القیامة؟

4 ـ کیف توزَن أعمال العباد یوم القیامة؟

5 ـ تعلّموا تفسیر هذه الآیات جیداً.

6 ـ احفظوا الآیات.

 

[104] الانبیاء - 47.
[105] الاعراف - 8.
[106] القارعة - 6 / 11.
[107] الانبیاء - 47.
[108] بحارالانوار، ج7 ص249.
[109] قرّة العیون ص469.
[110] علم الیقین ج2ص 603.