پایگاه اطلاع رسانی آیت الله ابراهیم امینی قدس سره

الامام العاشر الامام علي الهادي عليه‌‏السلام


الولادة والشهادة

ولد الامام علی الهادی علیه‌‏السلام فی الخامس عشر من ذی الحجة سنة مئتی واثنتی عشرة للهجرة فی قریة « صریا » بالقرب من المدینة المنورة.

أبوه الامام محمد الجواد واسم والدته سمانة.

کنیته أبوالحسن وکان یعرف بألقاب عدیدة منها: التقی ، الهادی ، الفقیه ، الأمین ، المؤتمن ، الطیب ، المتوکل ، العسکری ، النجیب.

واشهر ألقابه: الهادی وکان یعرف أیضاً بأبی الحسن الثالث.

ولبى نداء ربّه فی الثالث من رجب سنة 254 ه فی مدینة سامراء حیث دفن هناک وکان له من العمر 42 سنة امضى ثمانیة اعوام منها فی ظلال أبیه الجواد وفترة امامته 33 سنة[507].

النصوص على امامته

والنصوص على امامته کثیرة نذکر طائفة منها:

عن إسماعیل بن مهران قال:

لما خرج أبو جعفر علیه‌‏السلام من المدینة إلى بغداد فی الدفعة الأولى من خرجتیه قلت‏له عند خروجه.

جعلت فداک إنی أخاف علیک فی هذا الوجه فالى من الأمر بعدک. فکرّ بوجهه ضاحکا وقال: لیس الغیبة حیث ظننت فی هذه السنة.

فلما استدعی به إلى المعتصم صرت إلیه فقلت له:

ـ جعلت فداک أنت خارج فإلى من هذا الأمر من بعدک؟

فبکى حتى اخضلت لحیته ثم التفت إلی فقال: عند هذه یخاف علی الأمر من بعدی إلى ابنی علیّ[508].

قال الخیرانی عن أبیه قال: کنت ألزم باب أبی جعفر علیه‌‏السلام للخدمة التی وکلت بها وکان أحمد بن محمد بن عیسى الأشعری یجیء فی السحر من آخر کل لیلة لیتعرف خبر علة أبی جعفر علیه‌‏السلام وکان الرسول الذی یختلف بین أبی جعفر وبین الخیرانی إذا حضر قام أحمد وخلا به.

قال الخیرانی: فخرج ذات لیلة وقام أحمد بن محمد بن عیسى عن المجلس وخلا بی الرسول واستدار أحمد فوقف حیث یسمع الکلام فقال الرسول مولاک یقرئک السلام ویقول لک: إنی ماض والأمر صائر إلى ابنی علیّ وله علیکم بعدی ما کان لی علیکم بعد أبی ثم مضى الرسول ورجع أحمد إلى موضعه فقال لی:

ـ ما الذی قال لک؟

قلت:

ـ خیراً.

قال:

ـ قد سمعت ما قال.

وأعاد علی ما سمع فقلت له:

ـ قد حرم اللّه‏ علیک ما فعلت لأن اللّه‏ تعالى یقول: « وَلا تَجَسَّسُوا » فإن سمعت فاحفظ الشهادة لعلنا نحتاج إلیها یوما ما وإیاک أن تظهرها إلى وقتها.

قال: وأصبحت ( فی الصباح ) وکتبت نسخة الرسالة فی عشر رقاع ( نسخ ) وختمتها ودفعتها إلى وجوه أصحابنا وقلت:

ـ إن حدث بی حدث الموت قبل أن أطالبکم بها فافتحوها واعملوا بما فیها.

فلما مضى ( توفی ) أبو جعفر علیه‌‏السلام لم أخرج من منزلی حتى علمت أن رؤساء الأصحاب قد اجتمعوا عند محمد بن الفرج یتفاوضون فی الأمر وکتب إلی محمد بن الفرج یعلمنی باجتماعهم عنده یقول:

ـ لو لا مخافة الشهرة ( انتشار الخبر ووصوله الى السلطة العباسیة ) لصرت معهم إلیک فأحب أن ترکب إلیّ.

فرکبت ( توجهت ) وصرت إلیه فوجدت القوم مجتمعین عنده فتجارینا فی الباب فوجدت أکثرهم قد شکوّا فقلت لمن عنده الرقاع وهم حضور:

ـ أخرجوا تلک الرقاع.

فأخرجوها فقلت لهم:

ـ هذا ما أمرت به.

فقال بعضهم:

قد کنا نحب أن یکون معک فی هذا الأمر آخر لیتأکد القول.

فقلت لهم:

ـ قد أتاکم اللّه‏ بما تحبون هذا أبو جعفر الأشعری یشهد لی بسماع هذه‏الرسالة فاسألوه.

فسأله القوم فتوقف عن الشهادة فدعوته إلى المباهلة فخاف منها وقال:

ـ قد سمعت ذلک وهی مکرمة کنت أحب أن یکون لرجل من العرب فأما مع المباهلة فلا طریق إلى کتمان الشهادة.

فلم یبرح القوم حتى سلموا لأبی الحسن ( علی الهادی علیه‌‏السلام بالامامة )[509].

قال الشیخ المفید بعد نقله هذا الخبر:

والأخبار فی هذه الباب کثیرة جدا إن عملنا على إثباتها طال بها الکتاب وفی إجماع ( زعماء ) الطائفة على إمامة أبی الحسن علیه‌‏السلام ( علی الهادی ) وعدم من یدعیها سواه فی وقته ممن یلتبس الأمر فیه غنى عن
إیراد الأخبار بالنصوص على التفصیل[510].

وعن صقر بن أبی دلف ان الامام الجواد أوصى الى ابنه علی وقال: ان أمره أمری وقوله قولی وطاعته طاعی والامامة له من بعدی ثم الى ابنه الحسن[511].

وسأل محمد بن عثمان الکوفی الامام محمد الجواد عن الامام بعده فقال:

ـ ولدی أبو الحسن واخبره بقرب وقوع حادثة ؛ وأمره علیه‌‏السلام بالذهاب الى المدینة فسأله الکوفی: أیة مدینة؟ فقال علیه‌‏السلام مدینة الرسول[512].

وجاء فی اثبات الهداة ان امیة بن علی القیسی سأل الامام الجواد عن الامام بعده؟ فقال: ابنی علی ؛ ثم بشّره بوقوع الحیرة[513].

وجاء فی نفس المصدر اعلاه عن محمد بن اسماعیل بن بزیع بانه سمع من الامام الجواد مثل ذلک ان علیّاً ابنه سیکون الامام وإن کان فی السابعة شأنه شأن عیسى بن مریم[514].

وقال هارون بن الفضل: رأیت أبا الحسن ( علی الهادی علیه‌‏السلام ) ( فی المدنیة المنورة ) فی الیوم الذی توفی فیه أبو جعفر ( فی بغداد ) فقال أبو الحسن:

ـ « إنّا للّه‏ وإنّا إلیه راجعون » مضى أبو جعفر ( توفی ).

فقیل له:

ـ وکیف عرفت؟

قال:

تداخلنی ذلّة ( خشوع ) لم أکن أعرفها[515].

حدث جماعة من أهل أصفهان منهم أبو العباس أحمد بن النضر وأبو جعفر محمد بن علویة قالوا: کان بأصفهان رجل یقال له عبد الرحمن وکان شیعیّا قیل له:

ـ ما السبب الذی أوجب علیک القول بإمامة علیّ النقی ( الهادی ) دون غیره من أهل الزمان؟

قال: شاهدت ما أوجب علی ؛ وذلک أنی کنت رجلا فقیرا وکان لی لسان و جرأة فأخرجنی أهل أصفهان سنة من السنین مع قوم آخرین إلى باب المتوکل ( لطرح مشاکلهم وما یعانون منه ) متظلمین. فکنا بباب المتوکل یوما إذا خرج الأمر بإحضار علی بن محمد بن الرضا علیه‌‏السلام فقلت لبعض من حضر: من هذا الرجل الذی قد أمر بإحضاره؟

فقیل: هذا رجل علویّ تقول الرافضة بإمامته ثم قالوا ویقدّر أن المتوکل یحضره للقتل.

فقلت: لا أبرح من هاهنا حتى أنظر إلى هذا الرجل أی رجل هو؟ قال: فأقبل ( الامام علی الهادی علیه‌‏السلام ) راکبا على فرس وقد قام ( اصطف )
الناس یمنة الطریق ویسرتها صفین ینظرون إلیه.

فلما رأیته وقع حبه فی قلبی فجعلت أدعو فی نفسی بأن یدفع اللّه‏ عنه شر المتوکل فأقبل یسیر بین الناس وهو ینظر إلى عرف دابته ( رکز بصره على نقطة تبدو للراوی عرف الفرس ) لا ینظر یمنة ولا یسرة وأنا دائم الدعاء.

فلما صار إلی أقبل بوجهه إلی وقال:

استجاب اللّه‏ دعاءک وطول عمرک وکثر مالک وولدک.

قال: فارتعدت ووقعت بین أصحابی فسألونی وهم یقولون ما شأنک؟

فقلت: خیر ولم أخبر بذلک ( أحداً ) فانصرفنا بعد ذلک إلى أصفهان ففتح اللّه‏ علی وجوها من المال حتى أنا الیوم أغلق بابی على ما قیمته ألف ألف ( ملیون ) درهم سوى مالی خارج داری ورزقت عشرة من الأولاد وقد بلغت الآن من عمری نیفا وسبعین سنة وأنا أقول بإمامة الرجل على الذی علم ما فی قلبی واستجاب اللّه‏ دعاءه فی ولی[516].

فضائله ومکارم أخلاقه

قال الشیخ المفید:

وکان الإمام بعد أبی جعفر ابنه أبا الحسن علی بن محمد علیه‌‏السلام لاجتماع خصال الإمامة فیه وتکامل فضله وأنه لا وارث لمقام أبیه سواه
وثبوت النص علیه بالإمامة وبالإشارة إلیه من أبیه بالخلافة[517].

و کان أطیب الناس بهجة وأصدقهم لهجة وأملحهم من قریب وأکملهم من بعید.

إذا صمت علته هیبة الوقار وإذا تکلم سماه البهاء وهو من بیت الرسالة والإمامة ومقر الوصیة والخلافة شعبة من دوحة النبوة منتضاة مرتضاة وثمرة من شجرة الرسالة مجتناة مجتباة[518].

روى أبو موسى قال: قصدت الإمام ( الهادی علیه‌‏السلام ) یوما فقلت یا سیدی إن هذا الرجل ( الخلیفة المتوکل ) قد أطرحنی وقطع رزقی ومللنی وما أتهم فی ذلک‏إلا علمه بملازمتی لک.

ثم طلب من الامام أن یتوسط له عند الخلیفة فی أمره.

فقال علیه‌‏السلام:

ـ تکفى إن شاء اللّه‏ ( سوف تحل مشکلتک ).

فلما کان فی اللیل طرقنی رسل المتوکل رسول یتلو رسولا فجئت والفتح ( بن خاقان وزیر المتوکل ) على الباب قائم ( واقف ) فقال:

ـ یا رجل ! ما تأوی فی منزلک باللیل کدّنی هذا الرجل ( المتوکل ) مما یطلبک ( فی الالحاح على ضرورة حضورک ).

فدخلت وإذا المتوکل جالس على فراشه فقال:

ـ یا أبا موسى نُشغل عنک وتنسینا نفسک أی شیء لک عندی؟

فقلت: الصلة الفلانیة والرزق الفلانی ( أموال ومبالغ لم یتم صرفها أو شبه مجمدة ).

وذکرت أشیاء فأمر لی بها ( بتسلیمها ) وضعفها ( ومضاعفتها ).

فقلت للفتح ( بن خاقان ):

ـ وافى ( جاء ) علی بن محمد إلى هاهنا؟

فقال: لا.

فقلت: کتب رقعة ( رسالة )؟

فقال: لا.

فولیت منصرفا فتبعنی ( الفتح ) فقال لی:

ـ لست أشک أنک سألته دعاء لک فالتمس لی منه دعاء.

فلما دخلت إلیه ( الامام الهادی علیه‌‏السلام ) فقال لی:

ـ یا أبا موسى ! هذا وجه الرضا ( ارى ملامح الرضا فی وجهک ).

فقلت: ببرکتک یا سیدی ولکن قالوا لی: إنک ما مضیت ( ذهبت ) إلیه ولا سألته؟

فقال علیه‌‏السلام:

ـ إن اللّه‏ تعالى علم منا أنا لا نلجأ فی المهمات إلا إلیه ولا نتوکل فی الملمات ( المصائب ) إلا علیه وعوّدنا إذا سألناه الإجابة ونخاف أن نعدل فیعدل بنا.

قلت: إن الفتح قال لی کیت وکیت.

قال علیه‌‏السلام:

إنه یوالینا بظاهره ویجانبنا بباطنه الدعاء لمن یدعو به إذا أخلصت فی طاعة اللّه‏ واعترفت برسول اللّه‏ صلى‌‏الله‏‌علیه‌‏و‏آله وبحقنا أهل البیت و سألت اللّه‏ تبارک وتعالى شیئا لم یحرمک.

قلت: یا سیدی فتعلمنی دعاء أختص به من الأدعیة.

قال علیه‌‏السلام:

هذا الدعاء کثیرا أدعو اللّه‏ به وقد سألت‏اللّه‏ أن لا یخیب من دعا به فی مشهدی ( عند قبری ) بعدی وهو:

« یا عدتی عند العدد و یا رجائی والمعتمد ویا کهفی والسند ویا واحد یا أحد یا قل هو اللّه‏ أحد وأسألک اللهم بحق من خلقته من خلقک ولم تجعل فی خلقک مثلهم أحدا أن تصلی على هم وتفعل بی کیت وکیت ( أی تذکر حاجتک )[519].

وقد أثنى علیه ابن صباغ المالکی فی فصوله واسناد بفضائله ونعتها بالخیمة التی نصبت فی أرض الکرامة وأوتادها مشدود الى نجوم السماء وانه فی الذروة من صفات الکمال الانسانی[520].

ووردت تقاریر الجواسیس ان الامام بجمیع السلاح والأموال ویستعد للقیام والنهوض فأمر المتوکل سعید الحاجب أن یهجم على دار الامام علیه‌‏السلام لیلاً.

ولما اقتحم رجال المتوکل الدار فوجدوا الامام یصلی فی حجرة
من حجرات الدار غالیة مفروشة بالحصا[521].

واعتذر الیه سعید الحاجب بسبب دخول الدار بدون اذنه قائلاً:

یا سیدی عزّ علیّ دخول الدار بغیر اذنک ولکنّی مأمور به:

فقال علیه‌‏السلام:

سیعلم الذین ظلموا أی منقلب ینقلبون[522].

علمه

عاش الامام الهادی علیه‌‏السلام ظروفاً صعبة فقد استدعی الى سامراء سنة 234 ه لیکون تحت المراقبة ومع ذلک فقد کان منزله فی محلة درب الحصا محاصراً بالجواسیس وقد اقتحمت داره علیه‌‏السلام أکثر من مرّة وحاول المتوکل قتله أکثر من مرّة أیضاً وزجّ فی بعض السجون الخاصّة ولهذا لم یتسنّ له لقاء أنصاره ومحبیه.

وقد استمرت اقامته فی سامراء مدة عشرین سنة حتى رحیلة سنة 254 ه مسموماً شهیداً.

وبسبب هذه الظروف العصیبة کانت الأحادیث الواردة عنه قلیلة نسبیاً ومع ذلک فقد أحصى ذوو الاهتمام رواة حدیث فکانوا 180 شخصاً.

وفی طلیعة أصحابه کما ذکر صاحب المناصب.

داود بن القاسم ( أبوهاشم الجعفری ) داود بن زید ، حسین بن محمد المدائنی ، احمد بن اسماعیل بن یقطین ، بشر بن بشار النیسابوری ، سلیمان بن جعفر المروزی ، الفتح بن یزید الجرجانی ، محمد بن سعید بن کلثوم ( وکان من علماء الکلام ) معاویة بن حکیم الکوفی ، علی بن محمد بن محمد البغدادی ، أبو الحسن بن رجا العبرتائی[523].

[507]. الکافی: ج1، ص497، الارشاد: ج2، ص297 ؛ بحار الأنوار: ج50، ص113 ـ 117 ؛ الفصول المهمة: ص259 ؛ مطالب السؤول: ج2، ص143.
[508]. الارشاد: ج2، ص298.
[509]. الارشاد: ج2، ص300.
[510]. المصدر السابق.
[511]. انظر اثبات الوصیة: ص193.
[512]. اثبات الوصیة: ص93.
[513]. اثبات الهداة: ج6، ص309.
[514]. المصدر السابق: ص211.
[515]. بحار الأنوار: ج5، ص136.
[516]. المصدر السابق: ص141.
[517]. الارشاد: ج2، ص297.
[518]. مناقب آل أبی طالب: ج4، ص432.
[519]. بحار الأنوار: ج50، ص127.
[520]. انظر الفصول المهمة: ص264.
[521]. بحار الأنوار: ج50، ص199.
[522]. المصدر السابق.
[523]. مناقب آل أبی طالب: ج4، ص434، وقد تم جمیع أحادیثه علیه‌‏السلام فی کتاب تحت عنوان مسند الامام الهادی علیه‌‏السلام.