پایگاه اطلاع رسانی آیت الله ابراهیم امینی قدس سره

الدرس الثاني عشر: جهنم

الدرس الثانی عشر

جهنم

 

جهنّم هو المکان الّذی اُعدَّ لیکون مثوى الکفار و الظالمین و المنافقین و المسیئین فی عالم الآخرة، فهم سینتقلون فی یوم القیامة بعد محاسبة أعمالهم إلى ذلک المکان... إنّه مکان سیّء جدّاً، یعذّب فی ساکنوه بألوان العذاب و الأذى، لینالوا بذلک جزاء أعمالهم السیئة.

إنّ وضع جهنَّم و أنواع العذاب و المشاقّ التی یعانی أهلُه فیه لیس معروفاً لنا فی هذا العالَم جیّداً، بل و لیس قابلاً للتصوّر بصورة صحیحة و حقیقة.

إنّ عالَم الآخرة عالَم آخر، و إنّ عذابه یناسب کذلک عذاب ذلک العالَم، و لکنّنا نعلم إجمالاً أنّ ذلک المکان مکانٌ سیّءٌ و مؤلم جدّاً.

إنّ الافضل عند بیان جهنَّم و ألوان العذاب فیها هو مراجعة الآیات الکثیرة و العدیدة التی نذکر نماذج منها هنا:

«بَلى مَنْ کَسَبَ سَیِّئَةً وَ أَحاطَتْ بِهِ خَطِیئَتُهُ فَأُولئِکَ أَصْحابُ النّارِ هُمْ فِیها خالِدُونَ».[142]

«إِنَّ الَّذِینَ کَفَرُوا لَنْ تُغْنِیَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَ لا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللّهِ شَیْئاً وَ أُولئِکَ هُمْ وَقُودُ النّارِ».[143]

«إِنَّ الَّذِینَ کَفَرُوا بِآیاتِنا سَوْفَ نُصْلِیهِمْ ناراً کُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَیْرَها لِیَذُوقُوا الْعَذابَ إِنَّ اللّهَ کانَ عَزِیزاً حَکِیماً».[144]

«إِنَّ الْمُنافِقِینَ فِی الدَّرْکِ الْأَسْفَلِ مِنَ النّارِ وَ لَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِیراً».[145]

«لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِیمٍ وَ عَذابٌ أَلِیمٌ بِما کانُوا یَکْفُرُونَ».[146]

«یَسْتَعْجِلُونَکَ بِالْعَذابِ وَ إِنَّ جَهَنَّمَ لَُمحِیطَةٌ بِالْکافِرِینَ».[147]

«وَ الَّذِینَ یَکْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لا یُنْفِقُونَها فِی سَبِیلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِیمٍ . یَوْمَ یُحْمى عَلَیْها فِی نارِ جَهَنَّمَ فَتُکْوى بِها جِباهُهُمْ وَ جُنُوبُهُمْ وَ ظُهُورُهُمْ هذا ما کَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِکُمْ فَذُوقُوا ما کُنْتُمْ تَکْنِزُونَ».[148]

«إِنّا أَعْتَدْنا لِلظّالِمِینَ ناراً أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها وَ إِنْ یَسْتَغِیثُوا یُغاثُوا بِماءٍ کَالْمُهْلِ یَشْوِی الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ وَ ساءَتْ مُرْتَفَقاً».[149]

«إِنَّهُ مَنْ یَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا یَمُوتُ فِیها وَ لا یَحْیى».[150]

«إِنَّکُمْ وَ ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ . لَوْ کانَ هؤلاءِ آلِهَةً ما وَرَدُوها وَ کُلٌّ فِیها خالِدُونَ. لَهُمْ فِیها زَفِیرٌ وَ هُمْ فِیها لا یَسْمَعُونَ».[151]

«هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِی رَبِّهِمْ فَالَّذِینَ کَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِیابٌ مِنْ نارٍ یُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤسِهِمُ الْحَمِیمُ . یُصْهَرُ بِهِ ما فِی بُطُونِهِمْ وَ الْجُلُودُ . وَ لَهُمْ مَقامِعُ مِنْ حَدِیدٍ . کُلَّما أَرادُوا أَنْ یَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِیدُوا فِیها وَ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِیقِ».[152]

«بَلْ کَذَّبُوا بِالسّاعَةِ وَ أَعْتَدْنا لِمَنْ کَذَّبَ بِالسّاعَةِ سَعِیراً . إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَکانٍ بَعِیدٍ سَمِعُوا لَها تَغَیُّظاً وَ زَفِیراً . وَ إِذا أُلْقُوا مِنْها مَکاناً ضَیِّقاً مُقَرَّنِینَ دَعَوْا هُنالِکَ ثُبُوراً . لا تَدْعُوا الْیَوْمَ ثُبُوراً واحِداً وَ ادْعُوا ثُبُوراً کَثِیراً».[153]

«إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ . طَعامُ الْأَثِیمِ . کَالْمُهْلِ یَغْلِی فِی الْبُطُونِ. کَغَلْیِ الْحَمِیمِ».[154]

«وَ أَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ . فِی سَمُومٍ وَ حَمِیمٍ . وَ ظِلٍّ مِنْ یَحْمُومٍ . لا بارِدٍ وَ لا کَرِیمٍ . إِنَّهُمْ کانُوا قَبْلَ ذلِکَ مُتْرَفِینَ . وَ کانُوا یُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِیمِ . وَ کانُوا یَقُولُونَ أَ إِذا مِتْنا وَ کُنّا تُراباً وَ عِظاماً أَ إِنّا لَمَبْعُوثُونَ . أَ وَ آباؤنَا الْأَوَّلُونَ . قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِینَ وَ الاْخِرِینَ . لََمجْمُوعُونَ إِلى مِیقاتِ یَوْمٍ مَعْلُومٍ . ثُمَّ إِنَّکُمْ أَیُّهَا الضّالُّونَ الْمُکَذِّبُونَ. لَآکِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ . فَمالِؤنَ مِنْهَا الْبُطُونَ . فَشارِبُونَ عَلَیْهِ مِنَ الْحَمِیمِ .  َشارِبُونَ شُرْبَ الْهِیمِ . هذا نُزُلُهُمْ یَوْمَ الدِّینِ».[155]
«یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَکُمْ وَ أَهْلِیکُمْ ناراً وَقُودُهَا النّاسُ وَ الْحِجارَةُ عَلَیْها مَلائِکَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا یَعْصُونَ اللّهَ ما أَمَرَهُمْ وَ یَفْعَلُونَ ما یُؤمَرُونَ».[156]

«إِنَّ جَهَنَّمَ کانَتْ مِرْصاداً . لِلطّاغِینَ مآباً . لابِثِینَ فِیها أَحْقاباً .لا یَذُوقُونَ فِیها بَرْداً وَ لا شَراباً . إِلاّ حَمِیماً وَ غَسّاقاً . جَزاءً وِفاقاً . إِنَّهُمْ کانُوا لا یَرْجُونَ حِساباً . وَ کَذَّبُوا بِآیاتِنا کِذّاباً. وَ کُلَّ شَیْءٍ أَحْصَیْناهُ کِتاباً . فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِیدَکُمْ إِلاّ عَذاباً».[157]  «کَلاّ لَیُنْبَذَنَّ فِی الْحُطَمَةِ . وَ ما أَدْراکَ مَا الْحُطَمَةُ . نارُ اللّهِ الْمُوقَدَةُ. الَّتِی تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ. إِنَّها عَلَیْهِمْ مُؤصَدَةٌ . فِی عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ».[158]

و لقد وصفت جهنم و أنواع العذاب منها، فی الآیات المذکورة: بأنّ:

1 ـ حَطَبَ جهنّم هو البشر و الأصنام و المعبودات المزیَّفة.

2 ـ انّ جلود الجهنمییّن و لحومَهم تشوی فی جهنم و لکنّها سرعان ما تتجدّد حتى یَذُوقوا العذاب جیّداً.

3 ـ انّ نار جهنّم مثل الخیمة تحیط بالکافرین مِنْ جمیع الجهات و الأطراف، و هم یَحترِقُون فی النّار.

4 ـ إنّ الذین یدّخرون الذَهب و الفضة و یَکْنزون أموالَهم و لا یؤدُّون حقوقها الواجبة، تذوَّب تلک الاموال فی جهنَّم، و تکوی بها وجوهُ أصحابِها، و جُنوبُهم و ظهورُهم.

5 ـ انّ على أهلِ جهنّم ألبسة من نار، و هم یوضعون فی السلاسل و الاغلال، ثم تصبُّ الموادّ الذائبة على رؤوسهم.

6 ـ انّ طعامَ أهل جهنّم من شجرة اسمُها الزقٌّوم، و هم یأکلون منها لشدّة جوعهم، و لکنّها تغلی فی بطونهم مثل الماء الحارّ، وتتلاشی أعضاؤهم الداخلیة.

7 ـ انّ الماءَ الّذی یشر به أهل جهنّم لیس سوى الحمیم الغسّاق، و قد مرّ معناهما، فکلّما طلب أهلُ جهنّم الماء من شدّة العطش یُعطَون هذا المشروب الوبیء.

8 ـ انّ نار جهنم تغضب على ساکنیها و نازلیها حتى یسمع صوت غضبها من مکان بعید.

9 ـ انّ جهنم مکان ضیّق جدّاً، و انّ الجهنمیین یُطرَح بعضهم على بعض بحیث یستغیثون من شدّة الضّیق.

10 ـ انّ جهنم تلتهب من باطن ذات الانسان و من داخله، و تحرق روحه و قلبه.

11 ـ ان فی جهنم لایوجَد موت، و الجهنمیّون یطلبون الموت من شدّة العذاب الذی یعانون منه، و لکن لا موت هناک.

12 ـ انّ لجهنّم درکات و مراتب مختلفة، و کلُّ فریق یوضَع فی الدرَک الذی یناسبُه.

إنّ الأمور المذکورة نماذج من خصائص العذاب الذی یعذّب به فی جهنّم. هذا مضافاً إلى أن جهنّم وصفت فی القرآن الکریم - و على سبیل الإجمال - بانها مکان سیّیء و مؤلم جدّاً، و نجد هذا النوع من التعابیر و الألفاظ بوفرة فی الکتاب العزیز.

عذابٌ مُهین، عذابٌ ألیم، عذابٌ شدید، عذابٌ عظیم، عذابُ الحریق[159] عذابٌ مقیم، عذابُ الهون.[160]  بئس المصیر، بئس مثوى الظالمین. بئس المهاد، ساءت مصیراً. ذلک الخزی العظیم. عذاب غلیظ. و ما یشابهها من الأوصاف و النعوت التی یوصَف بها عذاب جهنم الرهیب.

انّ لکل هذه الأوصاف و التعاریف حقیقة، و الهدف منها هو بیان شدّة العذاب الاخرویّ، و صعوبته، لکن یجب أنْ نعلم أنّ المعرفةَ الکاملةَ بالاُمور الاُخرویّة لیست ممکنةً لنا فی هذا العالم، لأنّ عالَم الآخرة عالم آخر یتّصف بخصائص خاصة.

إنّ العذاب الاُخرویّ لابد و ان یتناسب مع ذلک العالَم أیضاً... و لا یمکننا أن نتصوّره أفضل من هذا.

کیف یمکننا من خِلال هذِهِ الألفاظ و المفاهیم الدنیویّة، الاطّلاعُ الکاملُ على حقائق العالَم الاخر و واقعیّاته؟

و فی هذه الأوصاف و التعاریف أیضاً تُوجَد شواهد على أنّ العذاب الاُخرویّ على نمط آخر، فقط جاء فی وصف نار جهنم: «نارُ اللّهِ الْمُوقَدَةُ . الَّتِی تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ». فانه یستَفاد من هذه الآیة أنّ نار جهنم تشرف على داخل الذات البشریة و على باطن روح الانسان و تلامسُ أعماقه.

و کذا یقول: «فَاتَّقُوا النّارَ الَّتِی وَقُودُهَا النّاسُ وَ الْحِجارَةُ» فانه یستفاده من هذه الایة أن حَطَبَ جهنَّم هو النّاس و الأوثان، لا أنها نارٌ من الخارج أو أنّ نار جهنّم تشعل بموادّ اُخرى، ثم یُلقی فیها الإنسان، بل ان الإنسان نفسه هو الّذی یوقِد النّار و یکون مادة لهیبها، و هو یکون حصب جهنّم، فی حین أنّ النیران الدنیویّة لیست هکذا... إنّ نیران جهنّم لیست منفکّة عن وجود الانسان.

کما یقول تعالى: «فَالَّذِینَ کَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِیابٌ مِنْ نارٍ». فمن هذه الایة الکریمة یستفاده أن ألبسة أهل جهنّم مصنوعةٌ من النّار، اعدت لهم وَهُیِئَتْ لیلفوا بها و لیذوقوا مزیداً من العذاب.

و اخیراً فمن هذه الشواهد و أمثالها یُستفاد أَنّ العذابَ الاُخرویّ بشکلٍ آخر، و هو بالتّالی أشدّ و أصعب مما نتصوّر.
اعاذنا الله و جمیع المؤمنین منها.

 

الواجبات

1 ـ تعلّموا تفسیر هذه الآیات جیّداً.

2 ـ استخرجوا الأوصاف المذکورة للعذاب الاُخرویّ بصورة دقیقة و سجّلوها فی دفترکم.

3 ـ احفظوا الآیات.

 


[142] البقرة - 81.
[143] آل عمران - 10.
[144] النساء - 56.
[145] النساء - 145 الدرک: الدرجة فی جهنم.
[146] الانعام - 70. حمیم: الماء الشدید الحرارة.
[147] العنکبوت - 54.
[148] التوبة - 34 / 35.
[149] الکهف - 29. السرادق: الخیمة. المهل: النحاس المذاب.
[150] طه - 74.
[151] الانبیاء - 98 / 100. الحصب: ما یلقى فی النار لتشتعل. الزفیر الصوت الناشیء من اخراج النفس.
[152] الحج - 19 / 22. یصهر: یذاب. المقامع: جمع مقمعة: شیء من حدید یضرب به على رأس الفیل.
[153]  الفرقان - 11 / 14. التغیّظ: الغضب الشدید. الثبور: الهلاک.
[154] الدخان - 43 / 48. الزقوم: شجرة مرّة منتنة. اعتلوه: جُرّوه بعتف و غلظة.
[155] الواقعة - 41 / 56.  سموم: ریح حارة. مترفون: منعَّمون لا هون عن الطاعة الحِنث: الذنب. إلهیم: الإبل العطاش. النزُل: ما یُعدّه للضیف من طعام.
[156] التحریم - 6.
[157] .النبأ - 21 / 30. المرصاد: مکان یراقب منه. الماب: المرجع لابثین: مقیمین أحقابها: دهوراً. غساقا: ما یسیل من صدیدهم.
[158] الهُمَزة - 4 / 9. لینبَذنَّ: لیُطرحنَّ باهانة. الحطمة: النارُ التی تحطّم الاشیاء مؤصدة مغلقة عمد: جمع عمود. ممدّدة: ممدودة.
[159] الحریق: المحرق.
[160] الهون: الذلّة.