مقدّمة المترجم
کانت مسألة الإمامة و ما تزال تثیر جدلاً و اسعا ً فی الأوساط المسلمة لأ همیتها البالغة سیاسیاً و اجتماعیاً ، و فوق هذا و ذاک موقعها فی صیاغة المعتقد الدینی و دوره فی الحیاة والإجابة عن أسئلة الإنسان.
فالإمامة تمثل رکناً هامّاًًً فی الصرح الإسلامی و فی تکوینه الفکری والسیا سی واستمراراً فی روح التغییر و البناء الاجتماعی والإداری بعد غیاب النبوّة.
ومن هنانفهم مغزی ذلک الاهتمام العمیق بشخص الامام علی (علیه السلام) من لدن الرسول الأکرم (صلی الله علیه و آله و سلم) واعداده لدور مستقبلی هوفی الحقّیقة امتداد لمهام الرسالة من أجل الحفاظ علی الشریعة و مسئولیة تطبیقها فی واقع الحیاة.ولقد أفرز هذا الاهتمام النبوی الفرید فهما ً خاصاً لدی فریق من الصحابة فانجذبوا الی علیّ و التفوا حوله ، و کان لهم موقف ازاء النتائج المریرة التی تمخص عنها مؤتمر السقیفة الذی یعدّ أساساً للفواجع التی عصفت بالامّة الإسلامیة و مهّدت لکارثة صفین و من ثم مأساة کربّّّلاء، واذا کانت الخلافات حول الإمامة قد بدأت أوّل ما بدأت فی إطارمن الجدل الفکری والعلمی فإنّها سرعان ما تحوّلت بعد ذلک الی موجات من الاضطهاد السیاسی والإرهاب الفکری و سلسلة عنیفة من المواجهات الدامیة ، إضافة الی ما رافق ذلک من حملات دعائیة و اتهامّاًًت ظالمة للتیار الشیعی الذی رفع لواء التمسک بقیادة أهل البیت ( علیهم السلام).
ولأهمیة الإمامة و موقعها الحسّاس فی العقیدة الدینیة فقد انتهج المذهب الإمامی - فی اثباتها کأصل دینی -اسلوبه فی التعامل مع أصول الدین والتأسیس لها عقلیا.
وبشکلّّ عام فانّ النظریة الشیعیة تنهض علی أساس یجعل من الإمامة عهدا ً إلهیّاً کما هو الحال فی النبوّة و تطرح لإثبات ذلک أدلّتها العقلیة.
ولقد أثیرت فی الاونة الأخیرة زوبعة فکریة حول الإمامة و أطلقت الاتهامّاًًت جزافاً دون تأمل أو موضوعیة ، و من المؤسف حقاً اتهام المذهب الإمامی بإهمال المنهج العقلی فی التأسیس لأصل الإمامة.
ولعلّ فی هذة الدارسة ما ینهض فی وضع ملامح عامّة لنظریة الإمامة فی ضوء المذهب الشیعی ، حیث یحتل العقل مساحة و اسعة فیها.
فالدلیل العقلی فی اثبات الإمامة هو الأساس و القاعدة فیما یدخل الدلیل الشرعی لمجرّد دعم و تعزیز موقف العقل لا أکثر.
ویطرح هذا الکتاب الذی بین یدیک عزیزی القارئ نظریة الإمامة فی التفکیر الشعیی علی ثلاثة أعمدة هی العقل و القرآن الکریم و السنة الشریفة.
کمال السیّد